ينطق، اليوم، قاضي محكمة الجنح الإبتدائية، بسيدي امحمد، بالأحكام القضائية، ضد المتورطين في قضيتي مصانع تركيب السيارات والتمويل الخفي للحملة الانتخابية للرئيس السابق، وعلى رأسهم الوزيران الأولان السابقان عبد المالك سلال وأحمد أويحيى ووزراء سابقون للصناعة ورجال أعمال. في ساعة متأخرة من ليلة الأحد إلى الإثنين (الحادية عشرة ليلا)، رفع القاضي الجلسة للمداولة، عقب مرافعة وكيل الجمهورية ومرافعات الدفاع وإعطاء الكلمة الأخيرة للمتهمين، معلنا عن النطق بالأحكام اليوم الثلاثاء على الساعة العاشرة صباحا. وعالجت المحكمة على مدار أربعة ايام، قضيتي «التبديد العمدي للأموال العمومية ومنح امتيازات غير مبررة في إطار الصفقات وسوء استغلال الوظيفة» مصانع تركيب السيارات، والتمويل الخفي للحملة الانتخابية للرئيس السابق. وتورطت في القضيتين أسماء ثقيلة، يتقدمها عبد الملك سلال وأحمد أويحيى، ووزراء سابقون مروا على قطاع الصناعة، هم: عبد السلام بوالشوارب، محجوب بدة ويوسف يوسفي. ويتابع هؤلاء بمنح امتيازات غير مستحقة لثلاثة رجال أعمال هم: محمد بعيري، أحمد معزوز وحسان عرباوي، خلال الفترة 2015-2018، كبدت الخزينة العمومية خسائر قدرت بحوالي 150 مليار دج. كما أدرج في ملفاتهم، تهم التصريح الكاذب بشأن الممتلكات، وتعارض المصالح، وتلقي الرشوة (حالة الوزير السابق عبد السلام بوالشوارب). ويتابع رجال الأعمال المستفيدين بطرق غير قانونية من مصانع تركيب السيارات لعلامات أجنبية، بتهمة الاستفادة من مزايا غير مستحقة وتحريض أعوان الدولة والتلاعب بالأسعار وعدم التصريح بالممتلكات. وحسب الأرقام التي قدمتها النيابة العامة، فقد تسبب المتعامل أحمد معزوز صاحب مصنع تركيب الحافلات، في خسائر ب 39 مليار دينار للخزينة العمومية، التي ضاع منها ما قيمته 87 مليار دج جراء استثمار حسان عرباوي صاحب مصنع تركيب علامة كيا وشاحنات هيونداي، بينما بلغت الخسائر الناجمة عن مصنع ايفيكو للشاحنات لصاحبه محمد بعيري 1 مليار دج. والتمس وكيل الجمهورية، أمس، عقوبة 20 سنة سجنا نافذة ضد كل من سلال، أويحيى وبوالشوارب مع إصدار مذكرة توقيف دولية بحق الأخير، وغرامة مالية قدرها 1 مليون دج لكل المتهمين. والتمس عقوبة 15 سنة سجنا نافذة ضد كل من يوسف يوسفي ومجحوب بدة، مع غرامة مالية قدرها 1 مليون درج لكلا المتهمين. كما التمس عقوبة 10 سنوات سجنا نافذة ضد كل من والية بومرداس السابقة يمينة زرهوني والوزير السابق للنقل والأشغال العمومية عبد الغاني زعلان، مع غرامة مالية قدرها 1 مليون دينار. وبشأن التهم الموجهة للمتعاملين الثلاثة، التمست النيابة عقوبة 10 سنوات سجنا نافذة، مع غرامة مالية قدرها 3 ملايين دج. والتمس عقوبة 8 سنوات سجنا نافذة، ضد فارس سلال، نجل الوزير الأول السابق وإطارات سابقين بوزارة الصناعة، مع غرامة مالية قدرها 3 ملايين دج للمتهم الأول. وبخصوص التمويل الخفي للحملة الانتخابية للرئيس السابق، التمس القاضي عقوبة 10 سنوات نافذة ضد كل من علي حداد، فرات أحمد وحاج مالك سعيد، مع غرامة مالية قدرها 3 ملايين دج. وكانت أدنى عقوبة التمسها ممثل النيابة العامة، 3 سنوات سجنا نافذ ضد المتهم شايد حمو مدير المالية السابق للحملة الانتخابية الخاصة بالعهدة الخامسة للرئيس السابق التي أسقطها الشارع. وعقب مرافعة وكيل الجمهورية، جاء الدور على دفاع المتهمين، الذي أنكر التهم الموجهة لموكليهم، واعتبروا الامتيازات التي تحصلوا عليها، مشروعة كونها منصوص عليها في قوانين الاستثمار والمالية. وعقب نهاية مرافعة الدفاع، أعطى القاضي الكلمة الأخيرة للمتهمين، في حدود الساعة العاشرة ليلا، الذين طالبوا جميعا بالبراءة. ولخص أويحيى كلمته الأخيرة «أنا بريء وأنكر كل التهم الموجهة إلي»، فيما ناشد عبد المالك سلال القاضي أن «يعيد له الاعتبار»، كونه «ليس فاسدا.. ولم يكن يوما كذلك». وقال سلال في خطاب عاطفي له « قضيت 45 سنة في خدمة بلادي، وكنت فخورا جدا بالجيش الوطني الشعبي وقيادته عقب حادثة تيقنتورين.. فكيف لي أن أخدع بلادي»، مضيفا «خدعوني.. وحشموني لذلك التحقت بحملة المترشح بوتفليقة، وعندما علمت أنني في طريق خاطئ رحلت.. لم أسرق في حياتي فلسا واحدا..لم أتربى على هذا الشيء».وتابع: بأن «عمره 71 سنة» ولا يريد أن يقضي بقية حياته في السجن. من جانبه، تمسك يوسف يوسفي ومحجوب بدة، ببراءتهما من كل التهم المنسوبة إليهم، وقال بدة «بقدر ما أنا راض بحكم الله، بقدر ما لدي ثقة كبيرة في العدالة الجزائرية»، وهونفس الاتجاه الذي سار فيه عبد الغاني زعلان عندما قال «طيلة 30 سنة من خدمتي لبلدي، كنت نزيها، ومكثت في الحملة الانتخابية أسبوعا فقط..سيدي الرئيس، في هذه المحاكمة التاريخية، سأقول للتاريخ.. إنني بريئ وكلي ثقة في عدلكم وإنصافكم لأني لاحظت مدى حرصكم على إحقاق العدالة بالتدقيق في كل التفاصيل». من جهتم، طالب رجال الأعمال المتهمون، وعلى رأسهم علي حداد، محمد بعيري، أحمد معزوز، وبقية المتورطين بإنصافهم «بالبراءة». وأكد وكيل الجمهورية بأن هذه المحاكمة «التاريخية»، تثبت أن «لا أحد فوق سلطان القانون، وستكون عبرة لمن لا يعتبر».