مهما كانت هوية الشخصيات التي ستوكل لها الحقائب الوزارية لحكومة عبد العزيز جراد الجديدة، إلا أن حجم الأعباء والمسؤوليات الملقاة على عاتق الرئيس عبد المجيد تبون وحكومة عبد العزيز جراد ستكون كبيرة، بسبب ثقل التركة التي تركتها الحكومات السابقة، واستمرار الحراك الشعبي . وسترث الحكومة الجديدة الكثير من الملفات العالقة من الحكومات المتعاقبة، بعضها يصفها خبراء ومتتبعون للمشهد الاقتصادي والاجتماعي ب ” القنابل الموقوتة ” على غرار إنقاذ القدرة الشرائية للمواطن جراء تدهور قيمة الدينار والتضخم، إضافة إلى معالجة الإختلالات المسجلة في ملف صناعة تركيب السيارات وملفات أخرى لها علاقة بالجبهة الاجتماعية وما تشهده من إضرابات واحتجاجات شكلت كابوسا بالنسبة لحكومة بدوي السابقة، على غرار إضراب أساتذة التعليم الابتدائي وتهديدات النقابات المستقلة بالدخول في إضرابات بسبب تدهور القدرة الشرائية للمواطن، والمطالبة بإعادة النظر في قانون التقاعد. ويحصي الخبير الاقتصادي، سليمان ناصر، 4 تحديات تنتظر الرئيس والحكومة الجديدة معا، أولها إنقاذ القدرة الشرائية للمواطن، وقال المتحدث في تصريح ل ” الجزائر الجديدة ” إنه من الضروري اتخاذ إجراءات وتدابير عاجلة لإنقاذ القدرة الشرائية للمواطن جراء تدهور قيمة الدينار والتضخم، حيث التزم الرئيس عبد المجيد تبون بإلغاء الضريبة على الدخل بالنسبة للأجور الضعيفة التي تقل أو تساوي 30000 دج، واستبعد المتحدث إمكانية تنفيذ هذا الإجراء في الظرف الراهن ووصفه ب ” الصعب ” لأنه سيضيع بحسبه على ميزانية الدولة حوالي 300 مليار دج، علماً بأن الضرائب على الأجور تبلغ حصيلتها حوالي 700 مليار دج، وهذا الإجراء من شأنه أن يعمق من حجم العجز في الموازنة والذي يتجاوز 1500 مليار دج في سنة 2020 “. أما الملف الآخر، فيتمثل بحسب الخبير الاقتصادي سليمان، في التآكل السريع لاحتياطي الصرف، وقال إن القاضي الأول للبلاد وعد بمحاربة تضخيم الفواتير في الاستيراد وهو أحد الحلول المعقولة والعاجلة، وعاد المتحدث لتصريحات وزير التجارة السابق بختي بلعايب التي كشف فيها أن التضخيم يصل إلى حوالي 18 مليار دولار سنويا، وأكد أن فاتورة الاستيراد تتراوح بين 45 و 46 مليار دولار في السنتين الأخيرتين، وفي حالة ما إذا تم تقليصها فإنها ستنخفض إلى حدود أقل من 30 مليار دولار سنوياً، وهذا من شأنه أن يطيل من عمر هذا الاحتياطي نسبياً، علماً بأنه قد يصل مع نهاية هذه السنة إلى 58 مليار دولار، بعد أن كانت تقديرات الحكومة في قانون المالية للسنة الحالية تجعله في حدود 62 مليار دولار. معالجة ملف صناعة تركيب السيارات يعتبر أيضا من أثقل الملفات التي تواجه الحكومة، بالنظر إلى التخبط الكبيرالذي يشهده القطاع، واقترح سليمان ناصر إيقاف منح الاعتماد لمتعاملين جدد، خاصة وأن المجلس الوطني للاستثمار بقيادة “أويحي” سابقاً سعى إلى توسيع قائمة المتعاملين في هذه الصناعة من (5 + 5) إلى 40 متعامل وهو عدد كبير بكل المقاييس، خاصة بالنسبة لبلد لا يملك تجربة كبيرة في هذه المجال ويشتكي من تآكل سريع لاحتياطي الصرف، إضافة إلى مراجعة دفتر الشروط الحالي الذي وقع تسرع في إعداده وشروطه صعبة التحقيق في نظرنا، لكن هذه المراجعة يجب أن تكون بتأنٍ وبعد استشارة واسعة للخبراء وللممارسين في الميدان حتى لا تتكرر نفس أخطاء دفتر الشروط الحالي، والذي صدر مع نهاية سنة 2017 أي من فترة قصيرة نسبياً وبالتالي حتى لا نكون مضطرين لتغيير هذا الدفتر من فترة لأخرى. وقال الخبير الاقتصادي سليمان ناصر، إن حكومة ” بدوي ” ورطت الرئيس الجديد في ملفين يتطلبان موارد مالية معتبرة، وهما إدماج حوالي 160 ألف موظف وعامل من عقود ما قبل التشغيل في مناصبهم، وكذا إنشاء 10 ولايات جديدة و 44 مقاطعة إدارية منتدبة، وهذا من شأنه أيضاً أن يفاقم من عجز الموازنة لسنة 2020، خاصة وأن حكومة “بدوي” التي أعدت هذا القانون لم تشر إلى مصدر تمويل ذلك العجز الكبير الذي أشرنا إليه سابقاً في الموازنة، وفي نفس الوقت أعلن وزير المالية الحالي أنه لن يكون هناك لجوء إلى التمويل غير التقليدي ولا للإستدانة الخارجية في السنة المقبلة.