تنتظر الحكومة الجديدة تحديات كثيرة، وعلى رأسها الراهن الاقتصادي الذي يشهد وضعا حرجا، في ظل تدني أسعار النفط في الأسواق العالمية، لذا ارتأينا من خلال هذا الملف، تسليط الضوء على ما نراه مفاتيح الاقتصاد الجزائري للانتعاش من جديد، وبث الروح الحقيقية، دون نسيان الإرادة القوية في جميع المجالات. * الموارد البشرية.. العامل الأساسي للتطوير والتغيير أكد مدرب التنمية البشرية، كمال عطاش، أن الدول المتقدمة اعتمدت في نهضتها على ما تمتلكه من ثروة بشرية، حيث ألقت جل اهتماماتها على الاستثمار في العنصر البشري، لرفع الكفاءة الإنتاجية في كل المجالات. وأكد، كمال عطاش، في اتصال مع مجلة "الحوار"، على عجز الجزائر في الاستثمار في العنصر البشري، مرجعا الأسباب إلى غياب الإرادة الحقيقية للتغيير والتطوير، حيث ألقت الجزائر جل اهتمامها على الثروات والموارد الطبيعية على حساب العنصر البشري، مؤكدا أن الدولة التي تعجز عن تنمية مواردها البشرية، لا يمكنها الوصول إلى الأهداف المسطرة، مضيفا في السياق، أن الحكومة أعطت حلولا ترقيعية دون التفكير في العقل، وهو الجوهر الحقيقي للتغيير والتطوير. وعن مفهوم تنمية الموارد البشرية، قال ذات المتحدث، إن دعم القدرات الخاصة للأفراد والقدرة على تحسين مستوى المعيشة وتحسين الأوضاع، يصب ضمن الأهداف الأساسية لمفهوم التنمية البشرية، مضيفا أن الجزائر أهملت هذه الجوانب الأساسية، على عكس الدول المتقدمة، والتي اعتمدت في نهضتها العلمية والعملية على ما تمتلكه من ثروة بشرية، فوجهت جل استثماراتها نحو تنمية هذه الثروة وتمكينها، بهدف رفع الكفاءة الإنتاجية والوصول إلى الغايات المسطرة. وأشار ذات المتحدث، إلى أن اليابانوالصين من أهم نماذج الاستثمار في التنمية البشرية، فالبرغم من نقص الموارد الطبيعية، إلا أن هذه البلدان تمكنت من خلال تنمية مواردها البشرية أن تقدم للعالم أجمع تكنولوجيا صناعية جد متقدمة، لتبني من خلالها اقتصادا قويا، وتصبح ضمن أكبر القوى الاقتصادية في العالم. وعاد عطاش للحديث عن غياب الوعي الحقيقي الذي يضمن معرفة الأهمية الكبيرة للاستثمار في تنمية الموارد البشرية في الجزائر، ومدى مساهمتها في معالجة التنمية الاقتصادية، للخروج من التبعية للمحروقات، وتنويع الاقتصاد الوطني. كما دعا مدرب التنمية البشرية إلى ضرورة الترشيد المستمر في استغلال الثروات البشرية للمجتمع الجزائري، لتحقيق الرفاهية في جميع المجالات، وذلك من خلال الوعي بأن العنصر البشري هو الثروة الحقيقية التي من شأنها تحقيق النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى الحفاظ على هذه الثروة، والعمل على تنمية المواهب والقدرات، عن طريق التأهيل والتدريب المستمر للدور الكبير الذي يلعبه مجال تنمية الموارد البشرية في تحسين المستويات الصحية والثقافية والاجتماعية، ومنح فرص الإبداع واحترام الذات والحريات، مؤكدا أن الأموال والموارد الطبيعية وحدها لا تكفي لتحقيق التطور والتقدم الاقتصادي في الجزائر. وأشاد ذات المتحدث بالطاقات الشابة التي تزخر بها الجزائر، والتي بإمكانها الاختراع والتطوير، للتغلب على ندرة الموارد الطبيعية والتبعية للبترول، التي أثقلت كاهل الاقتصاد الوطني، مشددا على الإرادة الحقيقية كضرورة للاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والإمكانات المادية والبشرية المتاحة، والبدء في التفكير في العقول وتحسين الظروف المعيشية للأفراد للرقي إلى مستوى الإبداع. وعن الإجراءات الواجب اتخاذها لتنمية الموارد البشرية في الجزائر، قال ذات المتحدث إنها تتمحور حول صقل الكفاءات والمواهب من خلال أساليب تدريبية لرفع مستوى الأداء، بالإضافة إلى العمل على تطوير المهارات المكتسبة، عن طريق التدريب، وتنمية هذه المهارات واستغلالها الاستغلال الأمثل، بالعمل على تنميتها وصقلها ببرامج تدريبية خاصة، وتوفير البيئة المناسبة للإبداع، ورفع مستوى الكفاءة العلمية للأفراد، مؤكدا أن تنمية الموارد البشرية تعد أساسا جوهريا لتأكيد التنمية بمفهومها الشامل لكل المجالات، سواء كانت اقتصادية، أم اجتماعية، أم سياسية، أم ثقافية. * البنوك الإسلامية مشروع اقتصادي يربك الحكومة قال الخبير المالي، سليمان ناصر، إن ما يعاب على البنوك الإسلامية في الجزائر، أنها تعتمد على تمويل التجارة الخارجية (الاستيراد)، أكثر من تمويل المشاريع الاستثمارية، وهو عيب كل البنوك الجزائرية، خاصة في مرحلة ما قبل انهيار أسعار النفط، مضيفا أن البنوك الإسلامية مدعوة إلى أن تلج مجالات أخرى غير تمويل السلع الاستهلاكية، مثل السيارات وغيرها، وأهم مجال يمكن أن تنجح فيه هذه البنوك هو تمويل السكن، مؤكدا أن ولوج هذه البنوك إلى مجال السكن سيسمح لها بتوفير التمويل الإسلامي لإحدى الحاجات الضرورية للمواطن الجزائري، والتي بسببها كثيراً ما يلجأ إلى البنوك الربوية أو انتظار برامج الدولة، بالإضافة إلى التخفيف على الدولة، لأن ميزانية السكن تستهلك جزءاً هاماً من أموال الدعم الاجتماعي في الموازنة السنوية للدولة. وصرح الخبير المالي، أن النشاط المصرفي الإسلامي في الجزائر بدأ ببنك البركة الجزائري سنة 1991، وهو يضم حالياً حوالي 30 فرعاً، ثم بنك السلام الذي تأسس في 2006، وبدأ العمل في 2008، وهو يضم حالياً حوالي 7 فروع، مضيفا أنه بالرغم من هذه المدة إلا أن حجم أصول هذين البنكين لا يمثل حالياً سوى 3 % من السوق المصرفية الجزائرية، وذلك بسبب عدة عراقيل، أهمها غياب الإطار القانوني الملائم لعمل البنوك الإسلامية في الجزائر، كون البنوك تعمل حالياً في ظل قانون مصرفي موحد، يتوجه لجميع البنوك ولا يفرق بينها، مؤكدا أنه تم إعداد هذا القانون على أساس العمل المصرفي التقليدي أو الربوي، لذلك فإن عمل البنوك الإسلامية -في ظل هذا القانون- يعتبر تحديا كبيرا بالنسبة إليها. وأفاد ناصر أنه بالرغم من النتائج المرضية التي حققتها هذه البنوك، وبالرغم من أن الطلب متزايد على توفير خدمات مصرفية إسلامية في الجزائر، إلا أن هذه البنوك لا زالت تلاقي العراقيل، خاصة من طرف السلطات المختصة، وعلى رأسها البنك المركزي، نتيجة الخوف من المنافسة الشديدة للنظام المصرفي التقليدي. وعن الأركان الأساسية التي يرتكز عليها التمويل الإسلامي، قال ذات المتحدث، إنها تتمثل في ثلاث أجزاء رئيسية، وهي البنوك الإسلامية، والتأمين الإسلامي أو التكافلي، بالإضافة إلى الأسواق المالية الإسلامية في أداته الرئيسية وهي الصكوك الإسلامية، مضيفا أن الجزائر لم تتمكن من تطبيق هذه الثلاثية، لتنفرد بالبنوك الإسلامية فقط، مؤكدا عجز الجزائر عن توفير إطار قانوني للتمويل الإسلامي، عكس الكثير من البلدان العربية والإسلامية، على غرار تونس والمغرب، واللتين نجحتا في توفير الإطار القانوني للتمويل الإسلامي بجميع مكوناته، مشددا في السياق على ضرورة توفير هذا الإطار القانوني، بدءا بأهم مكون وهو البنوك الإسلامية. وعن برنامج الحكومة الجزائرية الذي يهدف إلى نشر التمويل الإسلامي، عن طريق فتح شبابيك إسلامية داخل البنوك التقليدية، خاصة العمومية منها، يتوقع الخبير المالي أن العملية ستفشل نتيجة خوف الشعب الجزائري من اختلاط الأموال، وبالتالي عدم تعامله مع هذه الشبابيك، بالإضافة إلى عدم وجود هيئة للرقابة الشرعية، والتي تراقب أعمال هذا الفرع من الناحية الشرعية، كما هو موجود في كل البنوك الإسلامية. مطالبا في السياق، السلطات المعنية بضرورة فسح المجال لإنشاء المزيد من البنوك الإسلامية الكاملة والمستقلة، مشيرا إلى الطلبات التي تلقتها الجزائر من بنوك إسلامية كبرى وعالمية، لإنشاء فروع لها في الجزائر، والتي لا زالت تنتظر الاعتماد من بنك الجزائر منذ سنوات.
* تطوير النظام البنكي.. ضرورة حتمية لاسترجاع ثقة المواطن قال الخبير المالي، سليمان ناصر، إن القطاع المصرفي في الجزائر شهد عدة إصلاحات خاصة مع نهاية الثمانينات من القرن الماضي، لكن أهمها كان سنة 1990، مع صدور قانون النقد والائتمان 90/10 والتعديلات التي أُدخلت عليه، ثم الأمر 03/11 لسنة 2003 والتعديلات التي أُدخلت عليه، مؤكدا أن كل هذه النصوص القانونية لم تتمكن من إصلاح حقيقي للجهاز المصرفي، نتيجة غياب فعالية تطبيق النصوص في الميدان من جهة، وعدم توفير المحيط الاقتصادي الملائم لنجاح تلك الإصلاحات من جهة أخرى، لتبقى البنوك العمومية بما تحمله من رواسب العهد الاشتراكي، مسيطرة على السوق المصرفية الجزائرية بنسبة 80 %، رغم وجود بنوك خاصة أجنبية. هذا الفشل في الإصلاح من طرف السلطات، يضيف سليمان ناصر، أنتج ضعفاً في ثقة المواطن في هذا الجهاز، فعدم التمكن من توفير وسائل الدفع الإلكتروني أو بطء سير العملية، جعل الأفراد يفضلون الاحتفاظ بالسيولة في بيوتهم، خوفاً من عدم الحصول عليها عند طلبها من البنوك، وهذا ما أدى إلى تزايد الكتلة النقدية المتداولة في السوق الموازية، مستغربا أن السلطات لم تستطع لحد الآن تحديد حجمها الحقيقي، ففي حين قدّرها رئيس الحكومة الأسبق "سلال" ب3700 مليار دج، قال وزير المالية الأسبق "بن خالفة" بأنها لا تتجاوز 1200 أو 1300 مليار دج، مؤكدا في السياق، أن هذا الضعف في الثقة لم تنجح معه كل المحاولات لاستعادة تلك الكتلة النقدية الهائلة، وإدخالها إلى البنوك، سواء بالتصريح الضريبي الطوعي، أو بالقرض الوطني للنمو الاقتصادي. كما أفاد الخبير المالي، أن الكتلة النقدية الهائلة خارج الجهاز المصرفي، جعلت هذا الجهاز يعاني من نقص كبير في السيولة، خاصة بعد انهيار أسعار النفط، حيث كانت الودائع الحكومية تشكل 60 إلى 70 % من ودائعه، ليقابله في ذلك ضعف مدخرات الأفراد والعائلات، بسبب تدهور القدرة الشرائية للمواطن، وموجة التضخم وغلاء الأسعار، وهذا ما جعل مسؤولي البنك المركزي يقررون مؤخراً تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك من 8 إلى 4 %، بعد أن كانت من فترة قصيرة تصل إلى 12 %، في سبيل توفير السيولة لدى البنوك ورفع مستوى القروض الممنوحة للاقتصاد. وأشار ناصر سليمان إلى عائق آخر يواجه الجهاز البنكي، وهو أن الشعب الجزائري مسلم ويتحرّج من التعامل بالربا، أخذاً أو عطاءً، مشددا على ضرورة إيجاد البديل الإسلامي للقرض السندي، من خلال الصكوك الإسلامية، وهي الأداة المنتشرة حالياً في كثير من البلدان الإسلامية، بما فيها بلدان الجوار على غرار تونس التي خطت خطوات كبيرة لتحضير التعامل بهذه الأداة -يضيف ذات المتحدث-. وكشف الخبير، سليمان ناصر، عن البرنامج الحكومي الذي يسعى إلى فتح شبابيك إسلامية داخل البنوك التقليدية في الأجل القريب، مؤكدا أن البرنامج سيفشل نتيجة عدم إقبال المواطنين على تلك الشبابيك، خوفاً من اختلاط الأموال، بالإضافة إلى غياب هيئة رقابة شرعية في هذه الشبابيك، مثلما هو موجود في البنوك الإسلامية، مطالبا السلطات المعنية بضرورة إنشاء بنوك إسلامية مستقلة وكاملة، مؤكدا أنه لا توجد إرادة سياسية حقيقية لتطوير القطاع المصرفي في الجزائر، متسائلا في ذات الصدد عن أسباب إنشاء وزارة لتطوير البنوك ورقمنة الاقتصاد، وعلى رأسها إطار شاب، ثم تنحيته وإلغاء الوزارة بعد فترة قصيرة.
* الدينار الجزائري بين العملات الأرخص في العالم أكد الخبير الاقتصادي في النقد، عبد الرحمان عية، أن العملة الوطنية من بين العملات الأرخص في العالم، مرجعا الأسباب إلى شبه انعدام الطلب على العملة الوطنية في أسواق الصرف، نتيجة ضعف استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالإضافة إلى غياب مناخ الاستثمار المناسب، الذي يضمن للمستثمرين الأجانب الاستثمار في مشاريع حقيقية، دون خوف من جلب رأسمال معتبر وتحويله إلى دينار، للقيام بالعمليات على مستوى السوق المحلي، لتبقى الجزائر عاجزة عن استقطاب هذه الاستثمارات الحقيقية، في الوقت الذي تمكنت فيه دول الجوار من إقناع الرأسمال الأجنبي. ومن منطلق أن المصدر الأساسي لمداخيل الجزائر من العملة الصعبة هو صادرات الجزائر من المحروقات، وبما أن الحصيلة تراجعت بسبب انهيار سعر البترول، يضيف عية، أن البنك المركزي الجزائري قام بتخفيض قيمة الدينار بنسبة 32%، خلال الفترة الممتدة بين سبتمبر 2014 وسبتمبر 2015، لامتصاص جزئي للصدمة الخارجية، ما تسبب في انعكاس على قيمة الدينار في الأسواق الموازية، من منطلق أن هناك علاقة غير معلنة بين سعر صرف الدينار في البنوك المعتمدة وسعر صرفه في الأسواق غير الرسمية. كما أرجع، عبد الرحمان عية، تهاوي أسعار الدينار خاصة في السنوات القليلة الماضية، إلى غياب ديناميكية حقيقية للقطاع الاقتصادي المنتج في الجزائر، عبر تسجيل تضارب قوي بين النمو الاقتصادي وتوزانات احتياطي الصرف، الذي يستمد قوته من مداخيل المحروقات، حيث بلغت نسبة المنتجات المطلوبة في الأسواق الخارجية خارج قطاع المحروقات 2 % فقط، مؤكدا أن هذه النسبة تبيع منها شركة سوناطراك ما قيمته 70%، بالإضافة إلى عجز السياحة في الجزائر عن استقطاب السياح الأجانب، نتيجة غياب المحفزات الأساسية، ونقص البنى التحتية، في الوقت الذي تمكنت فيه دول الجوار على غرار تونس ومصر والمغرب من رد الاعتبار لعملتها، بفضل قدرتها على تسويق منتجاتها في الأسواق العالمية من جهة، ونجاحها في تطوير مجالها السياحي من جهة أخرى –يضيف ذات المتحدث-. وأفاد، الخبير الاقتصادي، أنه كان متوقعا أن تتهاوى أسعار الدينار في بداية شهر أوت، نتيجة ارتفاع الطلب على العملات الصعبة من قبل الجزائريين المتوجهين إلى خارج الوطن لقضاء عطلتهم، وكذا المتوجهين إلى البقاع المقدسة، بالإضافة إلى قيام كل من تونس ومصر والمغرب بتخفيض عملاتهم، مما دفع العديد ممن تعودوا على بيع العملة الصعبة في الأسواق الموازية بالجزائر بيعها هذه السنة في تلك الدول، لأن المكاسب المالية والاقتصادية المحققة جراء بيع العملة الصعبة مقابل الدينار التونسي أو الدرهم أو الجنيه في كل الأحوال أفضل بكثير.
وقال الخبير الاقتصادي في النقد، إن قيمة العملة هو متغير اقتصادي، بمعنى أنه قد تكون هناك آثار ايجابية عند تخفيض سعر صرف عملة دولة معينة، من أهمها تشجيع تصدير المنتجات للأسواق الخارجية، من منطلق أن تكلفتها تصبح منخفضة بالمقارنة مع تكلفة منتجات الدول الأخرى، مضيفا أن هذا الأمر لا ينطبق على حالة الجزائر، فبالرغم من أن التخفيض قد تكون لديه بعض الانعكاسات الايجابية على المدى القصير، من أهمها تخفيض العجز على مستوى الميزان التجاري، والقدرة على إصدار أكبر للدينار، غير أن تبعاته على المدى المتوسط خطيرة على الاقتصاد الوطني، مؤكدا أن ذلك يبرز من خلال ارتفاع معدلات التضخم، خاصة في حالة الاستمرار في الاستيراد، وبالتالي تتراجع القدرة الشرائية للأجور، ما يدفع بالنقابات إلى المطالبة بزيادة الأجور، أي تتحول الأزمة المالية إلى أزمة اجتماعية، وإذا استجابت الحكومة سيزداد العجز على مستوى الميزانية، خاصة من جانب نفقات التسيير غير المنتجة. –يضيف الخبير الاقتصادي-. ولرد الاعتبار لقيمة الدينار، شدد عية على ضرورة تشجيع الطلب على العملة الوطنية، وذلك من خلال النهوض بالإنتاج الوطني لتلبية الطلب المحلي في البداية، وتشجيع التصدير خارج قطاع المحروقات، مع إعطاء الأهمية اللازمة لقطاع السياحة، وتحسين مناخ الأعمال لجلب الاستثمارات الأجنبية.
غياب مكاتب صرف العملة عائق الاقتصاد الوطني أكد الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان مبتول، أن غياب مكاتب الصرف ساهم بشكل كبير في تفاقم السوق الموازية، مضيفا أن سن إجراءات تشجيعية جديدة من أجل إعادة بعث نشاط هذه المكاتب أصبح ضرورة حمية من أجل حلحلة الوضع.
ومن هذا المنطلق، يضيف عبد الرحمان مبتول، فكر البنك المركزي في إعادة النظر في رفع هامش الربح لدى التعاملات الممنوحة لمكاتب الصرف، المقدرة حاليا ب1بالمئة، مضيفا أنه منذ 1997، منح البنك المركزي حوالي 40 رخصة لمكاتب الصرف، ولكن لا أحد يشتغل الآن، بسبب عدم مردودية هذا النشاط، مشيرا إلى تصريح محافظ البنك المركزي أمام مجلس الأمة في أفريل الماضي، والذي صرح بأن فتح مكاتب الصرف حاليا لا يعد أولوية. وعن أثر غياب مكاتب صرف العملة الصعبة على الاقتصاد الوطني، أفاد ذات المتحدث، أنه يتم تداول أكثر من 5 ملايير دولار أمريكي سنويا في السوق الموازية للعملة الصعبة بالجزائر، إذ تبرز تحويلات المغتربين وتضخيم فواتير الواردات أكبر نسبة من هذه التداولات، وما شجع انتعاش هذه السوق –يضيف الخبير الاقتصادي- هو الفارق الكبير بين نسبة الصرف لدى البنوك وتلك المعتمدة في السوق الموازية، وهذا ما يشجع المتعاملين على تضخيم وارداتهم من الخارج، مؤكدا أن إنشاء مكاتب الصرف وتجريم الصرف الموازي، سوف يسمح بتعقب المعاملات والتقليل من الفواتير المضخمة التي تمثل اليوم في المتوسط 15 إلى 20٪ من الواردات، وفقا للخبراء الدوليين. وعن الحلول التي ستساهم في القضاء على السوق الموازية للعملة الصعبة، قال ذات المتحدث، أن المعركة تنطوي على مراجعة وإعادة توجيه شاملة للسياسة الاقتصادية، منوها إلى الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية بمناسبة الاحتفال بيوم المجاهد، أين دعا إلى إقامة جبهة مشتركة للخروج من الأزمة. وفي مواجهة التوترات التي ستضرب الميزانية بين 2017/2020، بحكم الانخفاض المستمر لأسعار النفط على مدى فترة طويلة من الوقت، وبما أن الحكم الراشد هو التنبؤ السديد، يضيف مبتول، سيكون لزاما على الحكومة وضع استراتيجيات للتكيف مع هذه التغيرات، سواء على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، مع التمسك بالجانب التضامني، للحفاظ على لحمة الجبهة الوطنية الواسعة، مع مراعاة الحساسيات المختلفة، والتغييرات المحلية والدولية، خاصة والعالم يعيش فجر الثورة الاقتصادية العالمية الرابعة مع الاضطرابات الجيو-ستراتيجية العميقة التي ستصحبها.
وعن أسباب توسع الفجوة بين السوق الرسمي والموازي للعملة، صرح ذات المتحدث، أن من بين أهم الأسباب تراجع العرض بسبب الأزمة العالمية، في ظل الطلب القوي على العملة الصعبة، والذي تسبب فيه متعاملو السوق الموازية الذين يسيطرون على 40٪ من قيمة النقد المعروض، مع تركّزها لصالح أقلية ريعية تتحكم في 65٪ من مختلف الأسواق، بالإضافة إلى الوساطة المالية غير الرسمية، فعلى مستوى هذا المجال، الذي هو نتاج البيروقراطية، يضيف مبتول، تتم كل التعاملات نقدا، ما يقوي الروابط مع بعض القطاعات الريعية الرسمية، وبالتالي يشجع الفساد، حيث يقدر الاتحاد الوطني للتجار الجزائريين التهرب الضريبي الناجم عن هذا المجال، بنحو 3 ملايير دولار سنويا. هذه الفجوة راجعة كذلك، حسب عبد الرحمان مبتول، إلى محاولات تفادي التضخم بفعل تدهور الدينار، إذ إن الجزائريين لا يستثمرون أصولهم في الأراضي أو العقارات أو الذهب فحسب، بل يخصص جزء من المدخرات لشراء العملة الصعبة، مضيفا أن هذه الفجوة اتسعت رقعتها أيضا بسبب التحول من صيغة "تسليم المستندات" إلى صيغة "الائتمان المستندي"، الذي يعاقب إلى حد كبير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل أكثر من 90٪ من النسيج الصناعي المتناقص. كما أفاد الخبير الاقتصادي أن الأزمة التي يمر بها المجتمع الجزائري تتجاوز الإطار الاقتصادي الصارم، لتشمل الجوانب السياسية التي تتطلب التجديد، وبالتالي إعادة بناء الدولة، تجنبا لحدوث انفجار داخلي عواقبه ستكون كارثية لا محالة، مشددا على ضرورة إطلاق إصلاحات عميقة لإقامة اقتصاد متنوع، يضمن الاستقرار. فالجزائر، وفقا للمراقبين الدوليين، لديها كل الإمكانات، لإقامة اقتصاد متنوع يضمن استقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط والمنطقة الأفريقية ككل، مشددا على ضرورة إصلاح المنظومة المصرفية، وتطوير البنوك، والتعامل مع قضية مكاتب صرف العملة بجدية.
* الفلاحة.. رهان الحكومة لتطليق التبعية للخارج قال مستشار التصدير والخبير الفلاحي، عيسى منصور، إن قطاع الفلاحة في الجزائر لم يعتبر يوما قطاعا استراتيجيا، وبالتالي لم يحظ برؤية مستقبلية وسياسة ناجعة لتطويرها، وهذا ما حال دون أن يلعب القطاع دورا ايجابيا في تنمية الاقتصاد الوطني، بضمان إنتاج وفير لسد حاجيات الأسواق الوطنية من المواد الفلاحية، وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي، والتخلص من التبعية التي أثقلت كاهل ميزان المدفوعات للتجارة الخارجية للبلاد. وأكد عيسى منصور، في اتصال مع "الحوار"، أن مشاكل القطاع الفلاحي ليست وليدة اليوم، بل هي تراكمات عقود من الزمن، مضيفا أن الريع البترولي زاد من تفاقم أزمة القطاع، متسائلا لماذا لم يتم التفكير حينها في تطوير قطاع الفلاحة تحسبا للسنوات العجاف التي نعيشها حاليا؟ وعن المخطط الوطني للتنمية الفلاحية الذي طبق ابتداء من سنة 2000، صرح ذات المتحدث أنه كان برنامجا طموحا هدفه رفع مستوى المستثمرات الفلاحية لأجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، وضمان الأمن الغذائي، مضيفا أنه بالرغم من الغلاف المالي المعتبر الذي تم رصده لتجسيد مختلف البرامج التنموية للقطاع، لم يصل المخطط إلى تحقيق الأهداف المرجوة، نتيجة تطبيق المخطط بارتجالية غير مفهومة، دون أي دراسة، ودون أي مراقبة، فلقد كانت العملية أشبه بتوزيع الريع، منه إلى برنامج تنموي –يضيف منصور -. وأفاد الخبير الفلاحي، أن هذه البرامج قدمت الدعم لأبسط عمليات الإنتاج، ولكن بالمقابل لم يول اهتمام لعمليات ما بعد الإنتاج، من تطوير الصناعة التحويلية، وتطوير هياكل التخزين، وإنشاء أسواق الجملة، وتطوير مسار التصدير، مؤكدا أن هذه العمليات كان بإمكانها المساهمة في ضبط السوق وتسويق المنتوج الوطني وترقيته. وبخصوص تنمية القطاع الفلاحي، قال مستشار التصدير، إنه يتطلب إصلاحات جذرية على أكثر من صعيد، لعل أهمها هو التسوية النهائية لمشكل العقار الفلاحي، من خلال إرادة سياسية وتشريع صارم، بالإضافة إلى وضع نظام فعال لتمويل الفلاحة، وذلك بإنشاء مؤسسة مالية متخصصة في تمويل المشاريع الفلاحية، مشددا على ضرورة تعزيز التكوين والبحث والإرشاد الفلاحي، مضيفا أن مؤسسات البحث الموجودة حاليا تعتبر مؤسسات إدارية بامتياز، ومصابة بنوع من العقم "العلمي والتقني"، كما دعا إلى تطوير مكننة القطاع بتشجيع إنشاء مؤسسات أو تعاونيات تتكفل بتقديم كافة الخدمات الخاصة بالمكننة، وتعزيز نظام المعلومات والإحصاء الفلاحي، بالإضافة إلى إنشاء مؤسسات لتصنيف المنتوج الجزائري لإضفاء العلامة الجزائرية، وعلامة الجودة للمنتوج الزراعي وتصنيفه، استعدادا لتصديره إلى الأسواق الخارجية. وفي السياق ذاته، شدد منصور عيسى، على أن إنشاء الأقطاب الفلاحية مثل ما هو معمول به في البلدان المجاورة، من شأنه أن يطور ويرقي المنتوج الفلاحي، مؤكدا أن هذه الأقطاب من شأنها ربط الإنتاج الفلاحي بالنسيج الصناعي الغذائي، مضيفا أن القطب الفلاحي يمكن إنشاؤه في مساحة محددة، من شأنها أن توفر كل العمليات لشعبة فلاحية ما، على غرار عمليات اقتناء البذور والشتلات، بالإضافة إلى التسويق والتخزين والتغليف والتحويل، وصولا إلى التصدير، مطالبا السلطات العمومية بضرورة تهيئة هذه المساحات، ومنحها عن طريق الامتياز للمستثمرين، مع تطبيق دفتر شروط محفز وصارم في نفس الوقت.
* سوق العمل في الجزائر يفتقر إلى العمالة المؤهلة قال الخبير الاقتصادي، الدكتور عمر هارون، إن سوق العمل في الجزائر يشهد مفارقات غريبة بين العرض والطلب، ففي الوقت الذي تعرف فيه نسبة البطالة ارتفاعا كبيرا مقارنة بالسنوات الماضية، تشهد العديد من القطاعات نقصا كبيرا في اليد العاملة المؤهلة، حيث قدرت نسبة البطالة في أفريل المنصرم ب 12.3 بالمئة، 52% منهم لا يملكون شهادات، في حين بلغت النسبة لدى الشباب الحامل لشهادات جامعية 17.6% مقارنة ب 14.8 % لدى خريجي التكوين المهني. ورغم التكلفة المرتفعة للعمالة الأجنبية واستنزافها للعملة الصعبة، يضيف عمر هارون، إلا أن العديد من هذه القطاعات، على غرار البناء والأشغال العمومية، تلجأ إلى العمالة الأجنبية، بحجة قلة اليد العاملة المؤهلة، والخوف من تأخر المشاريع. وصرح الخبير الاقتصادي، في حديث مع مجلة "الحوار"، أن تمحور الاقتصاد الجزائري على ما يدره الريع النفطي، تسبب في العجز عن إنتاج قيمة مضافة تبرر المصاريف والنفقات التي تتزايد سنة بعد أخرى، مضيفا أن بلوغ السياسة الانفاقية للدولة أوجها بثلاثة برامج تنموية أكبر خطإ قامت به الجزائر، حيث إن المشاريع العامة التي كانت بحاجة للتنفيذ لم تجد المؤسسات القادرة على توفير المواد الأولية، ولا المؤسسات القادرة على الانجاز تقنيا، خاصة في مجال البناء، ولا اليد العاملة المؤهلة، وهو ما ألزم المسؤولين باستيراد المواد الأولية، والتعاقد مع المؤسسات التي بدورها جلبت يدا عاملة مؤهلة من دولها، عوض أن يتم جزأرة كل هذا، من خلال التحلي ببعض الصبر، وبناء المصانع لإنجاز المواد الأولية، وإجبار المؤسسات على تكوين اليد العاملة الجزائرية لترشيد الاستفادة من الإنفاق العمومي في بناء مؤسسات تدفع قدما بالاقتصاد الوطني، وتكون قيمة مضافة –حقيقة- إنفاقا وإمكانات ويدا عاملة مؤهلة. وأرجع الخبير الاقتصادي، نقص اليد العاملة المؤهلة ونفور الشباب من بعض المهن، على غرار البناء والسمكرة وغيرها، إلى آليات التشغيل التي لجأت إليها الحكومة، على غرار مشاريع "أونسانج"، والتي تسببت في تحول الجميع إلى مديرين وملاك شركات، وهو ما جعل اليد العاملة تهجر التكوين في قطاعات عديدة إلى إنشاء مؤسساتهم الخاصة، مضيفا أنه كان من المفترض أن تكون هذه العقود وسيلة لدخول عالم الشغل الحقيقي، لكن هذه الآلية لم تنجح في تحقيق الأمر، نظرا لعدم دراسة مشاريع المؤسسات، وضعف تكوين اليد العاملة الجزائرية، يضاف إلى ذلك توسع الفجوة بين مخرجات الجامعات والمدارس ومعاهد التكوين، وبين سوق العمل، بالإضافة إلى أن المنظومة الأكاديمية لا تضمن أي تدريب ميداني، نظرا لتغييب التخصصات المهنية، وحتى التكوينات الموجودة في مراكز التكوين المهني لا تزال تكوينات تقليدية، بعيدة عن حاجات السوق اليوم – يضيف ذات المتحدث -. كما أكد المدرب المعتمد من المكتب الدولي للعمل، أن المشكل الحقيقي ليس في الشاب الجزائري، بل في غياب الآليات الحقيقية، والمناخ الذي يسمح بإبراز الإمكانات، بالإضافة إلى غياب إستراتيجية وطنية لتأهيل العمالة الجزائرية، زد على ذلك الدهنيات الاجتماعية التي تمجد بعض المهن على حساب أخرى. ولرد الاعتبار للعمالة الجزائرية في سوق العمل، شدد ذات المتحدث على ضرورة الدراسة المتأنية والجيدة لحاجات السوق، من أجل خلق توافق بين التكوين الأكاديمي والمهني في الجامعات والمدارس ومراكز التكوين وحاجات السوق، والتفكير في آلية حقيقية وواقعية لربط الجامعة ومراكز التكوين بعالم الشغل، وهذا لا يكون إلا من خلال مراكز بحث تشتغل في خلق التوازن في هذا المجال، مع العمل على إنشاء مؤسسات عمومية وخاصة، لتأهيل المتخرجين من الجامعات ومراكز التكوين، وتزويدهم بتكوينات تكميلية، مبديا استعداده كمدرب معتمد من المكتب الدولي للعمل في المشاركة في إنشاء نموذج تدريب وطني في المقاولاتية، هدفه إعداد الشباب لولوج عالم المقاولاتية.
* مشاريع أونساج .. دفع بالاقتصاد أم عجز عن دفع الديون؟ ترى الخبيرة الاقتصادية، سهيلة برحو، أن أي مشروع يجب أن تكون لديه جدوى اقتصادية وإرادة حقيقية للوصول إلى الأهداف المسطرة، مضيفة أنه بالنسبة لمشاريع "أونساج" وبغض النظر عن الخلفية الاجتماعية التي دعمت هذا المسعى والظروف التي أنشأت فيها هذه الآلية، هنالك أمثلة ناجحة لكنها ضئيلة مقارنة بعدد المشاريع التي لم ترى النور إلى يومنا هذا، والتي لم تتمكن من فتح مناصب الشغل التي كان بالإمكان أن توفرها من جهة وغياب الإرادة الحقيقية للدفع بالإنتاج وتلبية الطلب المحلي من جهة أخرى. وقالت سهيلة برحو في اتصال مع مجلة "الحوار"، إن أخذ أمثلة عن نماذج ناجحة في بناء اقتصاد منتج بمؤسسات مصغرة، يكون في الغالب بكسب الرهان ونجاح هذه المشاريع، خاصة وأن 62% من البنية البشرية للجزائر شباب، كاشفة أن الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب قامت بتمويل366129 مؤسسة خلال 20 سنة، سمحت بتوفير ما يقارب مليون منصب شغل، مؤكدة في السياق أن كل مؤسسة من هذه المؤسسات لا تشغل أكثر من 3 أفراد. وعن أثر غياب التكوين والمرافقة على فشل هذه المؤسسات، أفادت برحو، أن نسبة الفشل واردة في كل مشروع، لكن العجيب في مشاريع "أونساج" أنها كانت مغامرة لجميع الأطراف المعنيين، نتيجة غياب المراقبة والمرافقة، علما أن مبلغ هذه القروض تراوح من 400 مليون سنتيم إلى مليار سنتيم، مؤكدة أن 26 بالمئة من المستفيدين من هذه القروض هم خريجو مراكز التكوين المهني، و9 بالمئة فقط من خريجي الجامعات. وأكدت ذات المتحدثة، أن الحكومة أخطأت في توجهها، نتيجة غياب تصور بعيد المدى لهذه المشاريع، جعلها تضخ أموالا ضخمة في مشاريع بدون جدوى اقتصادية. مضيفة أن المشكل الآخر الذي واجهته الإدارة القائمة على تسيير ملفات هذه المشاريع هو توجه المقاولين إلى نفس النشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى مشاكل أخرى لم تستبق الدولة في حلها، كمشكل الوعاء العقاري، وتسويق المنتجات، وقانون الصفقات العمومية المجحف قي حق المؤسسات المصغرة. وقالت الخبيرة الاقتصادية، إن مشاريع أونساج كانت لصالح المستفيدين على حساب الخزينة العمومية والمال العام، الذي لم يتم استرجاعه بعد، لأن الكثيرين من أصحاب هذه المشاريع استفادوا من وسائل ومعدات كانت موجهة أساسا لمشروع منتج لم ينجز، أو لم تكن فيه نية الإنجاز أساسا. كما كشفت الخبيرة الاقتصادية عن تصدر قطاع الفلاحة والصيد البحري والتنمية الريفية لهذه المشاريع ب 54675 مشروع، أي ما يعادل 15% من مجموع المشاريع الأخرى، لتليها الحرف والصناعات التقليدية ب42621 مشروع بنسبة 12%، ثم البناء والأشغال العمومية ب 32828 مشروع، أي بنسبة 9 %، وذلك حسب الأرقام الخاصة التي كشفت عنها الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب، منذ إنشائها إلى تاريخ 31 ديسمبر 2016. كما صرحت سهيلة برحو، بأن كل آلية تخضع لشروط الحكامة الرشيدة مآلها النجاح، والتنمية تبنى على النمو المحقق بالإنتاج، لأنه الضمان الوحيد لبقاء المؤسسات والرفاه الاجتماعي، مضيفة أن آلية "أونساج" كانت ستصل إلى الأهداف المسطرة لدعم الاقتصاد الوطني، في حال دعمت بالمرافقة التقنية والصرامة القانونية، كما كانت ستنتج جيلا من المقاولين الشباب يشكلون قوة اقتراح تساهم في نشر ثقافة المقاولاتية وروح المبادرة المفقودة .
* الطاقة الشمسية .. أشعة الذهب بدون استثمار أكد الخبير الطاقوي، بوزيان مهماه، أن الطاقات المتجددة واحدة من البدائل الحقيقية الجاهزة والواعدة لاستبدال البترول، وتنويع الاقتصاد الوطني، بعيدا عن هيمنة النفط، مضيفا أن معظم دول العالم عمدت على تحديد رؤية وإستراتيجية، وورقة طريق وخطة عمل مضبوطة لسنوات 2020، 2030، و2050. وقال، بوزيان مهماه، في اتصال مع مجلة "الحوار"، إن كمون الجزائر من الطاقة الشمسية يعد الأكبر في العالم، خاصة في الجنوب الجزائري، حيث يمثل الكمون الطاقوي الذي تزخر به الجزائر 27% من الكمون الشمسي لكامل منطقة حوض المتوسط شمالا وجنوبا شرقا وغربا، مؤكدا أن أن 10% من مساحة ولاية أدرار لوحدها وبمردود 15% فقط تستطيع أن تنتج 23320 تيراواط ساعي، أي ما يعادل حجم الاستهلاك العالمي من الكهرباء المسجل فعليا في سنة 2012، مضيفا أن بإمكان الجزائر تلبية الطلب العالمي على الطاقة الكهربائية، وذلك بتكنولوجيات ذات مردود متواضع. مشددا في السياق على ضرورة الإسراع في التوجه نحو الطاقات المتجددة خاصة الطاقة الشمسية. وأشار الخبير الطاقوي، إلى البرنامج الوطني للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية في آفاق 2030، هذا البرنامج الذي يهدف للوصول إلى تلبية 37,2% من الحاجة إلى الكهرباء في الحظيرة الوطنية للطاقة الكهربائية، غير أن هذا البرنامج عرف تأخرا في الإطلاق، حيث تمت مراجعته في سنة 2015، مضيفا أن البرنامج في نسخته الأولى كان يتمحور أساسا على الطاقة الشمسية الحرارية، لكن في نسخته المعدلة الثانية، تمت إعادة صياغته لتشتمل تقريبا ثلاثة أرباعه على الطاقة الشمسية الكهرو-ضوئية، مؤكدا ان المؤشرات الحالية تحتم الاتجاه صوب استغلال "الجبل الذهبي" من الطاقة الشمسية التي تزخر بها الجزائر. يهدف البرنامج الوطني لنشر الطاقات المتجددة، يضيف مهماه، إلى استيفاء حاجة الجزائر من الطاقة الكهربائية بنسبة تزيد قليلا عن الثلث، متسائلا كيف سيتم في آفاق 2030 تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، والتي ستتجاوز سقف 80%، وغير معنية بالبرنامج الوطني هذا، والتي تشمل قطاعات عديدة، على غرار السكن والصناعة وغيرها. وعن النقاط الشائكة في المنظومة المستقبلية للطاقات المتجدد، اعتبر ذات المتحدث، أن مسألة الأسعار واحدة من هذه النقاط الشائكة والحساسة، مؤكدا أن النسخة الأولى من البرنامج في سنة 2011 كانت تعتمد أساسا على الطاقة الشمسية، حيث كان هناك بالموازاة مشروعان جاهزان للإطلاق، وهما مشروع حاسي الرمل للمحطة الهجينة (غاز- شمسية حرارية)، وأيضا مصنع رويبة إنارة للألواح الكهرضوئية، متأسفا في السياق على أن المشروع الأخير لم ير النور بعد، نتيجة حرب الأسعار في السوق الدولية، حيث عمدت الصين إلى تكسير أسعار الألواح الكهروضوئية بشكل مهول، وتسبب ذلك في خروج شركات صناعية ألمانية عملاقة من سوق الكهروضوئي، كما وصل الأمر إلى التحكيم الدولي في سنة 2013، بين الاتحاد الاوروبي والصين، وكذا كنداوالصين –يضيف ذات المتحدث-. أما بالنسبة لما يروج له من تخلي الجزائر عن البرنامج الألماني ديزرتك، أكد ذات المتحدث أن المشروع هو عبارة عن فكرة خرجت من نادي روما، لإعادة صياغة جديدة وذكية للاستيلاء على خيرات الصحراء، مؤكدا أن المشروع مبادرة خاصة يرفض المرور عبر القنوات الرسمية، يتجاوز إطار التعاون الحكومي إلى تكوين لوبيات داعمة للمشروع. لكن يبقى التحدي الطاقوي، يضيف الذات المتحدث، أغلب ما ينبغي رصده وتعبئته لاستيفاء الحاجة الأساسية من الطاقة سيأتي من خارج منظومة (الطاقات المتجددة + الفعالية الطاقوية)، مضيفا أن الحل يكمن في تجاوز حالة التضاد والتصادم الوهمي بين المقادير الطاقوية، والذهاب بالسرعة القصوى اللازمة لبناء نموذج طاقوي سلسل ومتراص، ومتعاضد ومتكامل يدمج مختلف المصادر والمكامن الطاقوية التي تزخر بها الجزائر، بالإضافة إلى العمل على تحقيق التنويع الطاقوي الفعلي، مع العمل على الرفع من نسبة مساهمة الطاقات المتجددة بشكل مضطرد، من خلال إنجاز برامج حقيقية ذات أبعاد طموحة ومبتكرة وعقلانية.
* الجزائر… بلد السياحة بلا سياح أكد الياس سنوسي، نائب رئيس النقابة الوطنية للوكالات السياحية، أن السياحة تعد من أهم القطاعات التي تعول عليها الدول في تنمية اقتصادها الوطني، كما تعتبر في بعض الدول الأخرى الركيزة الأساسية للاقتصاد، باعتبارها مصدرا للعملات الصعبة، وبالرغم من الدور الكبير الذي يلعبه هذا القطاع في تنمية الاقتصاد الوطني، يضيف سنوسي، لا تزال الجزائر تراهن على عائدات النفط والمحروقات على حساب قطاع السياحة. وأرجع سنوسي، الحالة المزرية التي آلت اليها السياحة الجزائرية، إلى الحكومات الجزائرية المتعاقبة، والتي لم تكن لها إرادة ورؤية حقيقية لإعادة بعث القطاع السياحي وتشجيع الاستثمار فيه، متهما الحكومة في تردي السياحة بمشاريعها الوهمية لإنعاش القطاع السياحي في بلد يمتلك كل مقومات السياحة. غياب التخطيط في هذا القطاع وفشل وزارة السياحة في تحقيق ما وصلت إليه البلدان المجاورة على غرار تونس والمغرب، يضيف ذات المتحدث، تسبب في نفور السائح الأجنبي من الجزائر، وهروب السائح الجزائري إلى وجهات مختلفة، يجد فيها ما لم يجده في بلده. وعن المشاكل التي يعاني منها قطاع السياحة في الجزائر، قال إلياس سنوسي، إن إهمال الدولة لهذا القطاع الحيوي تسبب في افتقار الجزائر إلى الخدمات السياحية وضعف الأداء السياحي، بالإضافة إلى غلاء الأسعار، في ظل الخدمات والمعاملات الرديئة وفقر الهياكل، حيث لا توجد بنية تحتية ملائمة، ولا منشآت سياحية عصرية، مع ضعف في قدرة الاستيعاب الفندقي، بالإضافة إلى عجز في تسويق وجهة الجزائر، خاصة على المستوى الدولي لاستقطاب السياح الأجانب، ما أدى إلى تدهور القطاع، رغم ما تمتلكه الجزائر من مؤهلات ومقومات طبيعية تمكنها من الظفر بالمراتب الأولى في قطاع السياحة في إفريقيا والعالم. كما صرح نائب رئيس النقابة الوطنية للوكالات السياحية، أن غياب ثقافة التعامل السياحي لدى الجزائريين، وافتقاد المواطن الجزائري للثقافة السياحية، ورفض الآخر بسلوكه المتحرر، انعكست سلبا على القطاع، وزادت في تدهوره، مؤكدا أن الإدارة الجزائرية هي الأخرى ساهمت في تدهور القطاع السياحي نتيجة البيروقراطية والصعوبات التي تفرضها على مختلف الوكالات السياحية، مضيفا أن الوكالات أصبحت تفضل الترويج للسياحة الخارجية على حساب الداخلية، لأنها تسمح لها بكسب هامش ربح بسبب أفضلية أسعار الوجهات الخارجية، مقارنة بالأسعار الداخلية، كاشفا أن عدد السياح الجزائريين في الخارج تعدى 5 ملايين سائح هذا العام، مشددا على ضرورة وضع إستراتجية حقيقية وواضحة للنهوض بالقطاع السياحي، وجعله قطاعا استراتيجيا كبديل للريع النفطي، ضمانا لتنمية الاقتصاد الوطني، من خلال التفكير في آليات لإنجاح السياحة، مع رد الاعتبار لأهمية التكوين والتأهيل المستمر لمهنيي القطاع.
* بالقيادة والأمل.. تفتح نوافذ الإبداع والابتكار أكدت الاستشارية الأسرية ومدربة التنمية البشرية، رحيمة ركبة، أن الحديث عن الشباب من أسس بناء مشاريع جادة وهادفة على جميع الأصعدة، مضيفة أن تناول موضوع الشباب والتغيير اليوم يعد مسألة تتعلق بأمر مهم جدا في حياة الشباب، وهو التخطيط الاستراتيجي، أي ببناء الخطط والتنفيذ لمشاريع تخدم الوطن. وقالت رحيمة ركبة، في اتصال مع مجلة "الحوار"، إن سن الشباب يمتاز على مراحل العمر الأخرى بمزايا أساسية، توفر له أهلية خاصة في التغيير، ومنها طاقته وحيويته المتجددة والمتفجرة والتفاعلية مع المتغيرات والأحداث، وعلو الهمة والقدرة على العطاء البدني والعقلي، والطموح المتجدد والكبير وعدم الاستسلام واليأس، وحب المغامرة ومواجهة التحديات وعدم الخوف، بالإضافة إلى رفض الذل والاستسلام للظلم أو التعايش معه، والقدرة على التطوير والتطور. وعن دور الشباب في مشروع التغيير، قالت مدربة التنمية البشرية، إن معرفة وضع خطط ناجحة للمشاريع، ووضع خطط تشغيلية، بالإضافة إلى التقييم والتقويم والاستمرارية، من بين أهم المحاور التي يجب التركيز عليها لنجاح هذه المشاريع، مؤكدة أن المشاريع الناجحة لابد أن تكون برامجها متوازنة، مبنية على إستراتيجية هادفة تتناول جميع جوانب الحياة. كما شددت ذات المتحدثة، على ضرورة انفتاح قيادات مشاريع التغيير على أفكار وطموحات الشباب المعاصر، وفهم شخصيته واستعداداته، وتفعيلها في الخطة والإدارة، ورفع مستوى مشاركة الشباب في القيادة الميدانية والسياسية والاقتصادية، وفق متطلبات المرحلة، وزيادة برامج التدريب والتخطيط والقيادة للشباب، في مراحله المختلفة، لتكون القيادة في مشاريع التغيير متجددة وشبابية بمجموعها، بالإضافة إلى توسيع دوائر توريث التجارب، ونقل الخبرات إلى الجيل الشبابي، وفق برامج منهجية، على مستوى مشروع الأمة في التغيير بمكوناته المختلفة، وذلك من خلال مراكز التدريب المختصة في هذا المجال، والتي تعمل على تنمية مهارات الشباب، واستبعاد نظريات الإقصاء والتهميش، واستبداله بترشيد دورهم، وفتح المجال أمامهم للتعبير عن ذواتهم وقدراتهم القيادية والفكرية، حريصة على ضرورة تفعيل برامج البناء الفكري والثقافي للشباب، كضرورة حتمية لتأمين قدرته على الانتقال بالمشروع بسلام وقوة وكفاءة، لإعداد الطاقات الشبابية وتوجيهها لمرحلة المساهمة في قيادة الدولة، بمفهوم بناء رجال الدولة والحكم المعاصر. ودعت رحيمة ركبة، إلى دعم الجهود الرامية إلى خلق فرص للعطاء، وفتح نوافذ للعمل والإبداع والابتكار، وحشد الموارد والطاقات، للنهوض بالمجتمع الجزائري في شتى المجالات التنموية، والاستثمار في القطاعات التي تسعى إلى بناء الفرد الجزائري وتمكينه، والعمل من أجل توفير مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً ونماءً، مؤكدة أن القيادة والأمل عنصران مترابطان، فكلما كانت روح الأمل عالية، كلما زادت فرص الإبداع والتطوير لتفجير الطاقات الشبابية التي تزخر بها الجزائر. إعداد سمية شبيطة