مركز مجموعة الأزمات الدولية يحذر: ** إما إصلاحات اقتصادية فورية.. أو نفق مظلم جديد س. إبراهيم أطلق مركز مجموعة الأزمات الدولية للدراسات تحذيرا شديدا مفاده أنّ الجزائر قد تُواجه أزمة اقتصادية مع حلول 2019 في حال لم تُجر إصلاحات اقتصاديّة فوريّة بعد أن تراجعت مداخيلها من النفط منذ 2014 وما زاد الأمور سوءا التآكل المتسارع لاحتياطي الصرف من العملة الصعبة حيث تتوقع الحكومة أن يواصل الاحتياطي تراجعه فاقداً 14.2 مليار دولار في 2020 ليبلغ حوالي 47.8 مليار دولار قبل أن يتراجع إلى 33.8 مليار دولار في 2021 ليخسر الاحتياطي ما يقارب من 54.8 مليار دولار في غضون 3 سنوات. وجاء في تقرير لمركز مجموعة الأزمات الدولية للدراسات نشرت تفاصيله وكالة الأنباء الفرنسية أنّه في غياب إصلاحات (…) فإنّ أزمة اقتصادية يمكن أن تضرب البلاد مع حلول سنة 2019 لتغذّي التوتر المحيط بالانتخابات الرئاسية القادمة. نموذج اقتصادي لم يعد صالحا.. وبحسب التقرير فإنّ السلطات الجزائرية تعترف بأنّ النموذج الاقتصادي الحالي لم يعد صالحا لكنها تجد صعوبة في تصحيحه. وعبّر مركز الدراسات عن الأسف لأنّ الحكومة تهدف فقط إلى ربح مزيد من الوقت بسلسلة الإجراءات التي طبّقتها لتقليص النفقات في الميزانية التي لن ترى نتائجها فورًا وسياسة مصرفية تغذّي التضخم. وكانت الجزائر قرّرت في نهاية 2017 عدم اللجوء إلى الاستدانة من الخارج والاستدانة من البنك المركزي بطبع العملة لسدّ العجز في الميزانية على مدى خمس سنوات وهو ما اعتبره الخبراء بابًا مفتوحا لزيادة التضخّم. ودعا مركز الدراسات الذي مقرّه بروكسل الحكومة الجزائريّة إلى وضع خارطة طريق للإصلاح الاقتصادي تفاديًا لأزمة جديدة. وبحسب المركز فإنّ الحلّ يكمن في تحسين الشفافية في ما يخصّ المالية العمومية. كذلك يجب على الحكومة فتح حوار موسّع مع الفاعلين الاقتصاديين والمجتمع المدني حول التحدّيات التي تواجهها الجزائر ووسائل رفعها والتركيز على الشباب بما أنّ 70 بالمئة من السكّان يبلغون أقل من 30 سنة وفق ما جاء في التقرير. ويضيف التقرير أنه وبعد 20 سنة من وصول بوتفليقة إلى قصر المرادية ما زالت مردوديّة الاقتصاد الجزائري المرهون بأسعار النفط ضعيفة. كما يعتمد البلد كثيرًا على السلع المستوردة وسياسة دعم تقضم كلّ سنة مبالغ ضخمة من الميزانية العامة. للإشارة فقد صادق نواب المجلس الشعبي الوطني يوم الخميس الماضي على مشروع قانون المالية الذي يتضمن ميزانية الدولة لسنة 2019 التي نصت كما العام الماضي على تخصيص نحو 20 بالمائة من النفقات لتمويل الإعانات الاجتماعية ودعم السلع واسعة الاستهلاك وأهمها الوقود والحبوب والسكر والزيت والحليب. وكانت قضية ميزانية الدعم أبرز نقاط الاختلاف بين نواب الموالاة والمعارضة رغم رفعها بنسبة 0.7 بالمائة حيث بلغت قيمة التحويلات الاجتماعية المقررة 1.77 تريليون دينار (16 مليار دولار) مقابل 1.76 تريليون دينار للعام 2018 بحسب أرقام الموازنة. احتياطي يتآكل.. وقدرة شرائية تتراجع وتصاعدت معاناة كثير من المواطنين نتيجة تراجع قدراتهم الشرائية في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار السلع والخدمات. وتظهر معطيات الديوان الوطني للإحصائيات أن نسبة التضخم بلغت 4.9 بالمائة في أوت الماضي لكن خبراء يقدرون النسبة الحقيقية بأكثر من 7 بالمائة بالنظر إلى استمرار تراجع الدينار أمام العملات الأجنبية. وعلى رغم تخصيص الحكومة 20 بالمائة من الإنفاق على مخصصات الدعم إلا أن الإنفاق العام ينخفض وفق بيانات الميزانية إلى حدود 75 مليار دولار مقابل 76.5 مليار دولار هذه السنة. وكان وزير المالية عبد الرحمن راوية قد أقر في نهاية أكتوبر الماضي بأن الدينار فقد قرابة 11 بالمائة من قيمته أمام الدولار و21 بالمائة مقابل اليورو وذلك من جراء تعويم البنك المركزي للعملة المحلية لامتصاص جزء من التضخم الذي خلفته عملية طباعة النقود التي تعتمد عليها الحكومة منذ نهاية السنة الماضية لسد العجز المسجل في الخزينة العمومية. وتشير التوقعات الرسمية إلى سرعة تآكل احتياطي العملة الصعبة لدى البنك المركزي متعدياً الخطوط الحمراء مستقبلاً. ووفق حسابات حكومة أويحيى وصل احتياطي الجزائر في النصف الأول من 2018 إلى حوالي 88.61 مليار دولار بينما تتوقع أن يفقد 26.61 مليار دولار في 2019 ليصل إلى 62 مليار دولار. كما تتوقع الحكومة أن يواصل الاحتياطي تراجعه فاقداً 14.2 مليار دولار في 2020 ليبلغ حوالي 47.8 مليار دولار قبل أن يتراجع إلى 33.8 مليار دولار في 2021 ليخسر الاحتياطي ما يقارب من 54.8 مليار دولار في غضون 3 سنوات. وكانت احتياطات الجزائر من النقد الأجنبي عند مستوى 97.33 مليار دولار نهاية ديسمبر 2017 وفق بيانات البنك المركزي. وبدأت الاحتياطات النقدية بالتهاوي منذ النصف الثاني من عام 2014 متأثرة بالتراجع الحاد في أسعار النفط في السوق الدولية لتنهي بذلك 8 سنوات متتالية من الارتفاع حيث تخطت الاحتياطات 194 مليار دولار في نهاية 2013.