تشير الإحصائيات الأخيرة للديوان الوطني للإحصاء إلى الانخفاض المحسوس في استيراد المواد الغذائية وذلك منذ شهر أوت الفارط، بعدما كانت هذه المواد تعرف أعلى نسبة استيراد خلال السنة الماضية، وقد قدرت نسبة الانخفاض ب 402 مليون دولار. هذا وقد أفاد الديوان الوطني للإحصاء أن العجز المسجل لبعض القطاعات التي كان من الأجدر لها أن لا تكتفي بتلبية الحاجيات الوطنية فحسب بل تتعدها إلى التصدير الذي سيعود حتما بإنعاش خزينة الدولة. كما أضافت إحصائيات الديوان أن العجز الذي سجله إنتاج اللحوم التي استوردت بكميات هائلة لسد حاجيات المواطنين منها كما جنيت الإحصائيات أن واردات اللحوم لا تزال في مستوى عال، الأمر الذي جعل ثمن هذه الأخيرة يزاد ويعقل عبئ المواطن البسيط، إذ يصل الكيلوغرام الواحد 800 دينار، بالإضافة إلى غلاء الخضروات وغيره من المواد الأخرى، إن مسألة الارتفاع المستمر للثروة الحيوانية أمر يثير التعجب والتساؤل في وقت اتخذت فيه الحكومة تدابير وإجراءات من شأنها أن تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة على غرار تخفيض نسبة الضرائب، ومسح ديون الفلاحين والموالين إلا أن هذه التدابير لابد من أن تعزز بمجهودات وأن توضع في إطار قانوني ورقابي، من أجل الحد بما يقوم به مافيا هذا القطاع الذين يعملون على تكريس هذه الثروة لا لشيء إلا بسبب تغليب المصلحة الخاصة وجمع الثروة. إن القراءة المتأنية لتخفيض التبعية الوطنية للخارج تعتبر من ضمن الأولويات في برنامج رئيس الجمهورية للخماسية القادمة لذلك اتخذت الحكومة عدة إجراءات لتحقيق هذا الهدف على غرار إيقاف القروض الاستهلاكية من أجل تشجيع المنتوج المحلي وكذا الاستثمار في القطاع الفلاحي وتجديد الريف، إلا أن هذه الإجراءات والتغييرات لم تحقق أي تخفيض في سعر المواد الغذائية بل على النقيض من ذلك فالمواطن يستفيق على الزيادة المستمرة للمواد الغذائية في وقت سجلت انخفاض محسوس في معظم بلدان العالم بفعل الأزمة العالمية، هذه هي المفارقة التي استغرب وتساءل عنها الكثير من الخبراء الاقتصاديين.