كشفت آخر الإحصائيات والتقديرات الخاصة بالتجارة الخارجية للسداسي الأول من سنة 2009 عن تراجع لفاتورة استيراد الغذاء وارتفاع محسوس لاستيراد الأدوية، ولكن الأهم في الأمر هو الانخفاض الكبير المسجل في الميزان التجاري الجزائري، حيث انخفض ب 18,7 مليار دولار، من 19,7 مليار في السداسي الأول من 2008 إلى مليار دولار خلال الستة أشهر من السنة الحالية، ويرتقب أن يسجل هذا الميزان عجزا معتبرا بالنظر إلى تراجع العائدات إلى النصف واستمرار ارتفاع فاتورة الواردات بوتيرة تبقى عالية رغم تقليص فاتورة الغذاء بالخصوص• وقد سجل الميزان التجاري الجزائري تراجعا كبيرا خلال السداسي الأول من سنة 2009 بانخفاضه من 19,7 مليار دولار إلى 1 مليار دولار ما بين 2008 و,2009 حسب أرقام الجمارك وفي المقابل، سجلت الصادرات الجزائرية تراجعا معتبرا بنسبة 46,47 بالمئة خلال السداسي الأول من السنة لتقدر ب 20,7 مليار دولار مقابل 38,69 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2008 بالنظر إلى الانخفاض الحاد الذي عرفته أسعار النفط خلال السنة الحالية؛ بينما ارتفعت الواردات الجزائرية ب 4 بالمئة لتصل إلى 19,7 مليار دولار مقابل 18,93 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2008 وعلى ضوء ذلك انخفضت نسبة تغطية الواردات بالصادرات إلى 105 بالمئة مقابل 204 بالمئة خلال نفس الفترة من ,2008 مما يؤكد توجّه الجزائر لأول مرة منذ أكثر من عشرية إلى تسجيل عجز معتبر للميزان التجاري، وسيتضح ذلك جليا ابتداء من شهر أوت المقبل، مع استمرار نسبة ارتفاع الواردات• ويلاحظ أن واردات الجزائر الغذائية عرفت انخفاضا ب 21,04 بالمئة، حيث قدرت ب 3,14 مليار دولار مقابل 3,14 مليار دولار عام .2008 ويلاحظ أن أهم انخفاض سجل بالنسبة للحبوب بنسبة 30,43 بالمئة، حيث قدرت قيمة الواردات ب 1,388مليار دولار مقابل 1,995 مليار دولار خلال السداسي السابق من السنة، ونفس الأمر يلاحظ بالنسبة لواردات الحليب ومشتقاته التي انخفضت من 759 مليون دولار إلى 549 مليون دولار بنسبة ناقص 27,67 بالمئة• وعلى العكس من ذلك، عرفت واردات السكر ارتفاعا بنسبة 13,24 بالمئة من 801,92 مليون دولار إلى 908,08مليون دولار، علما بأن هذه المادة تستفيد من نظام الحصص بكمية تقدر ب 150 ألف طن سنويا• وعرفت فاتورة الغذاء انخفاضا بنسبة 21,44 بالمئة حيث انتقلت من 3,979 مليار دولار إلى 3,142مليار دولار• على صعيد آخر، وعلى العكس من هذا التوجه، فإن واردات المنتجات والمواد الخاصة بأدوات الإنتاج تستمر في الارتفاع، حيث قدرت الزيادة ب 3,85 بالمئة من 5,693 مليار دولار إلى 5,912 مليار دولار، بينما ارتفعت قيمة واردات مواد التجهيز بنسبة 58,04 بالمئة من 5,308 مليار دولار إلى 8,389 مليار دولار• وعلى الرغم من التدابير المتخذة من قبل وزارة الصحة خلال سنة 2008 بمنع استيراد أكثر من 400 صنف من الأدوية المنتجة محليا، لا تزال فاتورة الدواء تسجل ارتفاعا كبيرا ومعتبرا، رغم تراجع قيمة الواردات الخاصة بالمواد غير الغذائية من 3,959 مليار دولار إلى 2,261 مليار دولار• وقد بلغت قيمة فاتورة استيراد الدواء خلال الست أشهر من سنة 2009 ما لا يقل عن 908,08 مليون دولار مقابل 801,92 مليون دولار السنة الماضية أي بزيادة نسبتها 24,13 بالمئة، وتتجه الفاتورة بالتالي إلى الارتفاع بصورة ملفتة للنظر خلال هذه السنة أيضا، مما يطرح تساؤلات عن مدى فعالية الإجراءات المتخذة في مجال تشجيع الانتاج الوطني المحلي وتقليص الاستيراد فعليا• الصادرات خارج المحروقات تتراجع بنسبة 46 بالمئة وعلى غرار المحروقات التي سجلت انخفاضا بقرابة النصف، علما أنها تمثل 97,18 بالمئة من حجم وقيمة الصادرات الجزائرية، تستمر الصادرات خارج المحروقات أيضا في التراجع، مما يؤكد بأن تركيبتها أساسا متصلة أيضا بمشتقات المحروقات، فالصادرات خارج المحروقات التي تمثل 2,82 بالمئة قدرت خلال السداسي الأول من السنة ب 585 مليون دولار بانخفاض نسبته 46 بالمئة مقارنة بعام ,2008 مما يفتح الباب أيضا للتساؤل حول مدى فعالية الإجراءات الخاصة بتنويع مصادر الدخل وتنويع الصادرات الجزائرية، فبعد أن بلغت حدود 1,89 مليار دولار السنة المنصرمة، فإنه ينتظر أن تكون الحصيلة هذه السنة بالنسبة للصادرات خارج المحروقات جد متواضعة، ولا تتعدى حدود المليار أو 1,1 مليار دولار وهي نسبة متواضعة جدا مقارنة بالقدرات الجزائرية المتاحة• ويلاحظ أن الاتحاد الأوروبي يبقى أهم شريك تجاري للجزائر على غرار السنوات الماضية، فقد تدعم الأوروبيون موقعهم بنسبة 55,8بالمئة من الواردات الجزائرية و60 بالمئة من الصادرات، مما يعكس أيضا البطء في تسجيل تنويع مصادر التموين خارج نطاق السوق الأوروبي التقليدي باستثناء الولاياتالمتحدة التي تعد أهم زبون للجزائر ب 3,073 مليار دولار ونسبة 14,8 بالمئة من صادرات الجزائر•