يبدوا أن الثورات الشعبية التي قامت في الوطن العربي مؤخرا على غرار مصر، تونس وليبيا ، أتت على الأخضر واليابس وأثرت في كل المجالات سواء السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية وحتى الثقافية، حملت في طياتها أفكار هذا الجيل من الشباب والسينما ليست بمنأى عن كل ذلك فظهر ما يسمعه البعض بالسينما الاستعجالية، فيما تحفظ البعض الآخر اتجاه هذا الفن الجديد، ما قادنا إلى سبر آراء بعض النقاد السينمائيين والمهتمين لمعرفة هذه التأثيرات وتلك التسميات عبر هذا الاستطلاع. استطلاع: صباح شنيب
الناقد السينمائي جمال حازرلي السينما الجديدة انبثقت من رحم معاناة المجتمعات العربية
هذه الثورات ستؤثر في السينما، كما يؤثر في كل المجالات بمعزل عن هذه التغيرات التي يشهدها العالم العربي، ولهذا أعتقد أن هناك نوع آخر إن صح القول والتي بقيت لوقت طويل تهيمن وبقيت متربعة على العرش وحدها متخذة من النجومية والتجارة هدفا أساسيا لها، أما هذا النوع الجديد الذي خلق من رحم الأزمة وانبثق عن معاناة المجتمعات العربية بشكل عام فسوف يكتسح الساحة الفنية لهذه المجتمعات والعالم بأسره، وقد شبه محدثنا سينما ما قبل الثورة بالنظام الذي كان قائما في تلك الفترة التي لا تحترم المشاهد العربية، والسينما المقبلة ستكون مختلفة لأنها ولدت من الحراك الشبابي وتتحدث عنه. نحن صنفنا الثورة التحريرية والأفلام التي جاءت بعدها حملت في طياتها معاناة المجتمع الجزائري ،ولهذا يرى محدثنا أن السينما يجب أن تكون هكذا معبرة عن مجتمعهم وما يخص السينما الجديدة بعد هذه الثورات، فيعتقد جمال حازرولي أن الجزائريين بمنتدى عن هذه التطورات الحاصلة في العالم، ويقول أن هناك شباب جديد يصنع سينما جديدة وبكثافة وهناك مجموعة من المهتمين من الشباب في إطار التشكل تمكنت في إطار دور إنتاج صغيرة من إنتاج أعمال، وعن مميزات هذه الانتاجات يقول المتحدث أنها عبارة من أعمال صغيرة منبثقة من مخيلة الشباب وتعبر عنهم، ويعتبر المتحدث أن هذه الأعمال السينمائية ممثلة خاصة في الأشرطة القصيرة، هو مهم جدا رغم ذلك في هذا الشكل الجديد تعتمد أساس على مقاطع وايحاءات، تنم عن معرفة بالسينما القديمة، كما يسمى وهي ثقافة مهمة جدا تعطي مساحة أكبر للشباب، قيمة هذه السينما الجديدة الفنية فيرى جمال حازرولي أنه ليس هناك أحسن من أن تكون السينما معبرة عن صانعها وفي رأيه فإنها منتجة من قبل الشباب وتعبر عنهم والشباب في الوطن العربي ككل هو مثقف ولديه دراية ومرجعية سينمائية ويحتاج فقط إلى القليل من التدريب والتدريس
الناقد أحمد بجاوي "الجيل الجديد يعرف بخفايا السينما وتواعدها"
يرى الناقد السينمائي أحمد بجاوي أن هذا النوع من السينما هو نوع مكمل للسينما القديمة وهي حلقة مكملة لعقد طويل، ومترابطة، ولا يمكن الفصل بين الجيل الماضي الذي يمثل قاعدة السينما ككل وهذا الجيل، ويقول محدثنا أن السينما تواصل دائم. ويعتقد المتحدث أن من ليس لديه تراق سينمائي مهما كان لا يمكن له أن يقدم شيء ولا يمكن إنتاج سينما من فراغ، وفي المرحلة الحالية للسينما يقول المتحدث أن هذه المرحلة تتحدث عن العيش الصعب بين الشباب وبين الإرهاصات والأفق الذي يبدو مسدود في وجه الشبيبة. وفي نفس السياق يرى المتحدث أن هناك شجاعة أكبر ومسؤولية وحرية بالمقابل أكثر للجمهور لكي يشاهدوا ويستمتعوا وللنقاد لإطلاق الأحكام وتوجيه الجمهور وتبيان مدى أهمية الصورة وخطورتها في العالم المعاصر، لأن التعامل الآن حسبه هو الصورة ، وعن تأثير هذا النوع الاستعجالي من السينما فيرى محدثنا أنه لا يمكن أن نطلق الأحكام عليها هكذا جزافا وترك المجال للنقاد لكي يحكموا عن ايجابياتها وسلبياتها وباعتباره ناقدا فيقول أن هذا الجيل الثائر يعرف خفايا السينما وهو جيل متتبع ومثقف وينم عن معرفة بهذا الفن ويكتسب المفاتيح يستطيع بها إنتاج شيء جيد في الوطن العربي ككل ، ويقول المتحدث أن نفس ما يقال عن مصر أو تونس يقال عن الجزائر التي ليست ببعيدة عن هذا التأثر، ويرى أن هناك ثورة سينمائية، ورغم قلة حدثها إلا أنه يمكن القول بوجود إنتاج جديد وحراك سينمائي مدعوما من قبل وزارة الثقافة.
السيناريست علوي رضوان "هذه السينما مجرد كليشيهات لا أقل ولا أكثر
يقول الناقد السينمائي السيناريست علوي رضوان، أنه لكي نستطيع التأثير في السينما أو إنتاج سينما مخالفة للسينمات الموجودة، لابد من مرور وقت لكي نحكم عن وجود سينما أخرى أم لا، وضرب المتحدث مثلا بمصر التي أنتجت في ظرف ستة أشهر ثلاث مئة فيلم قصير عن الثورة المصرية وهذا حسب رأي محدثنا سينما استعجالية، وهي عبارة عن ترقيع للسينما بشكل عام واعتبرها علوي رضوان مجرد كليشيهات كالفيلم المصري "صرخة نملة" و"الفيل في المنديل" لطلعت زكريا والتي لا ترق لأن تكون أفلاما مكتملة. وقد دعا الناقد إلى عدم حصر السينما فيما بعد الثورة وضرورة إخراجها من الممرات الضيقة. وقد تحدث المتدخل عن السينما في تونس التي عدها أجرأ سينما في الوطن العربي والوحيدة التي لا تخضع للرقابة عكس السينما في الجزائر التي يرى المتحدث أنها تعاني جراء عدم وجود إرادة سينمائية مدعما رأيه بقانون السينما الجديد والذي حسبه لا يقبل أفلام العشرية السوداء. ويقول المتحدث أنه لو تواصلت هذه السينما الجديدة بهذه الطريقة فإنها ستؤثر سلبا في السينما ككل، وفي نفس السياق يدعو إلى التريث والانتظار لأنه ما من ضامن يؤكد أن هذه الثورات ستنجح، لنقول بعد ذلك أن السينما الجديدة نجحت ونحكم عليها، ويعتبر علوي رضوان السينما الاستعجالية إقصاء لتاريخ السينما المتعارف عليها وتقزيم للدور الكبير الذي لعبته وتعلبه ويستغرب الناقد عن إطلاق الأسماء هكذا جزافا كإطلاق لقب الفلم السينمائي على كلاشيهات في خمس دقائق أنتجت بوسائل أقل ما يقال عنها أنها بسيطة.
الناقد المغربي عبد الإله الجوهري "لا يمكن الحديث عن هذه السينما قبل معرفة مدى نجاح الثورات" يعتقد الناقد والمخرج السينمائي المغربي عبد الإله الجوهري في حديثه ل "الجزائرالجديدة" أن ما يجري حاليا في الوطن العربي تحركات شعبية جاءت لمجموعة من المعطيات غير واضحة المصدر هل هي نتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية أو سبب الاحتقان الشعبي أم هي مؤامرات خارجية أم مجرد تظاهرات، ولهذا يدعو محدثنا إلى الانتظار فترة من الزمن حتى يمكن الحكم. ويرى المتحدث أن أي حدث جماهيري له ارتباطات بالواقع ككل ولابد أن يكون له اثر على الواقع الفني والسينما خاصة، ويقول أن السينما العربية أكيد ومن خلال انتاجات فلمية ستصور تستلهم ما يجرى الآن، وأعطى محدثنا مثلا بالسينما المصرية التي وبالرغم من أن أحداثها لا تزال ساخنة فإنها استطاعت انجاز بعض الأعمال السينمائية القصيرة وأفلام وثائقية صغيرة تدور أحداثها حول التغيرات في مصر وتساءل المتحدث عن مدى عكسها ما يجري لاحقا؟ لأنه –حسبه- ما أنجز بشكل مستعجل في الغالب الأعم هدف أصحابه هو الربح المادي والسبق في معالجة أحداث لازالت ساخنة. ويظن عبد الإله الجوهري أن السينما العبرية بانجازاتها الطويلة أكيد ستؤثر في السينما التي قد تولد من رحم الأحداث الحالية على الأقل على المستوى التقني، ويقول محدثنا أنه لا يمكن أن تكون قطيعة نهائية بين الماضي والحاضر، لأن القطيعة- حسبه- تحدث على مستوى المواضيع ولكن على المستوى الفني والتقني- فحسب محدثنا -هي نفس الوجوه التي لها حضور في الساحة السينمائية وهي نفسها التي تنتج أفلاما جديدة. وذلك كله يقول الناقد إلى جانب شباب أكيد سيكون له الكلمة فنيا وإبداعيا. وحول الأفلام المنتجة مؤخرا فيعتبرها محدثنا أفلاما متهافتة على أحداث لم تهضمها ولم تمثلها بالشكل الجيد، ولهذا يرى أنه لا يمكن أن يكون لها أثر أو حضور قوي ويدعو إلى الانتظار زمنا معتبرا لكي نرى انتاجات ترقى إلى ما عرفناه ونحكم عليها هل هي انتاجات استطاعت أن تمثل الواقع وتنقله بطريقة فنية نستطيع تسميتها صناعة سينما أم أنها فشلت في تجسيد الواقع وتمثيل الفن.
الممثلة مليكة بلباي "يلزم تراكما زمنيا للحكم على هذا النوع من السينما"
من جانبها اعتبرت الممثلة مليكة بلباي في حديثها للجزائر الجديدة هذه السينما أخبار جاءت بعد الأحداث التي عرفها الوطن العربي يلزم تراكما زمنيا حتى يمكننا القول أو الحكم على هذه السينما كفن قائم بذاته، وترى أنه لا يمكن نقل أحداث خام من الطبيعة إلى السينما وإطلاق عليها ألقابا لا تحتويها بأنها أفلام سينمائية وترى مليكة بلباي أن السينما المعترف بها في الجزائر هي الأفلام التي أتت بعد الثورة وترى محدثتنا أن في الجزائر ستكون هناك نهضة سينمائية كالتي عهدها الجمهور في سنين خلت تعبر عن الشباب وقضاياهم على أن ترقى فنيا إلى ما وصلت إليه تلك "السينماءات".