مستقبل السينماء - أيضا - في الأنترنيت قال إن ظهور المدونات والمواقع السينمائية والمنتديات الخاصة على شبكة الأنترنيت هي ظاهرة طبيعية وصحية جدا بالرغم مما قد يشوبها من شخصانية وأعتبارات فردية خاصة، ويرى أن هذا الجهد سيؤدى في النهاية الى ميلاد عمل سينمائي جاد وراءه أسماء شابة جديدة تحاول أن تجد نفسها من خلال الممارسة النقدية اليومية للأفلام.. إنه الناقد السينمائي السوري المعروف علي العقباني ألتقيناه في وهران مؤخرا فكان معه هذا الحوار: - حاوره: عبد الرحيم مرزوق * هل يوجد على مستوى الوطن العربي نقد سينمائي بالمعنى الذي يتيح للقارىء الإستمتاع بتتبع المشهد السينمائي قراءة؟ - عندما يمارس الناقد النقد، فمن المؤكد أنه يعبر عن نفسه ونظرته ( مبادئه، أفكاره، وتوجهاته.. الخ) بالدرجة الأولى وهو يتوجه بكتابته إلى جمهور المشاهدين والمهتمين والمتابعين، وبدرجة ما إلى المخرج أوضاع الفليم، وبطبيعة الحال فإن الناقد لايستهدف أخذ موقف ما من مخرج الفيلم أو منتجه، فكتابته تقتصر على مساعدة المتلقي على التلقي الصحيح وإضاءة بعض الجوانب الفنية والتقنية، والمسألة لا تتوقف على أستعراض المشاهد بل تحليلها وفق قدرة الناقد وثقافيته، ويوجد لدينا في الوطن العربي مختصون في هذا المجال ملمين بالنقد الفني، وهذا اما أدى الى وجود جمهور سينمائي يتذوق القراءة والمشاهدة بشغف. * ماهي المعوقات التي تحد من دور الناقد السينمائي ولماذا في رأيكم لازالت النظرة إلى هذا النقد ملتبسة؟ - لآن مصطلح النقد السينمائي لا ينظر إليه بجدية كافية أو مناسبة، فالكثيرون ينظرون الى النقد من خلال الرواية والشعر والمسرح، وتبدو مشكلة النقد السينمائي في العالم العربي مرتبطة الى حد كبير بالنظرة السائدة الى السينما كوسيلة لقضاء أوقات الفراغ بالنسبة الى الغالبية العظمى في جمهور المشاهدين وكصناعة الى المنتجين والموزعين وصالات العرض وبعض الحكومات، وربما يكون أن النقد السينمائي العربي في النصف الآخير من القرن العشرين تطور تطورا ملحوظا، وساهم الى حد كبير في تطور السينما العربية واتجاهاتها الجديدة. * يفترض بالنقد السينمائي أن يلعب دورا أساسيا في تنمية الذوق والمعرفة السينمائية، ولكن نجد أن المشاهدين لا يأبهون بهذا وأحيانا يضربون الأفكار التي يضيفها الناقد بعرض الحائط؟ - إذا تفحصنا العلاقة بين الذوق والمشاهدة، فإنه لا يمكن تحميل النقاد المسؤولية عن تردي الذوق العام لمشاهدي الأفلام والذين لايتقبلون إلا أفلام الترفيه والتشوية المغامرات والتسلية، وفي ظل آليات الدعاية والإعلان المرافقة للفيلم وللشركات الكبرى في العالم والأموال التي تصرف قبل وأثناء عروض الأفلام الكبرى ومن هنا لا يمكن تحميل النقاد أكثر من طاقتهم ففي حين يمكن للنقاد تفسير المعاني، وتوضيح الدلالات والتعريف بدور ومساهمة العناصر السمعية والبصرية المستخدمة في الفيلم، إلا أن النقاد لا يستطيعون كشف أسرار السحر الكامن داخل الفيلم السينمائي وأدواته المستثرة والتي تجعلهم يستمتعون بفيلم ما ويشيدون به، في حين يجده المشاهدون العاديون فيلما غامضا معقدا ومملا. * كيف تعرف لنا النقد السينمائي، فالبعض يراه كتابة صحفية من نوع خاص؟ - الممارس لهذا التخصص عليه أن يتوفر على الحس النقذي والصدق، والنقد السينمائي قبل كل شيىء ليس مقالا صحفيا ولا إعلانا للفليم ولا نصائح للمتفرج ولا بحث جامعيا، النقد ليس خبرا صحفيا ( بالرغم من أننى أرىأن النقد السينمائي كتابة صحفية ولكن من نوع خاص، والخبر السينمائي ليس نقدا، النقد السينمائي ليس أستطلاع رأي ولا عرضا لأفلام التوب تن في شباك التذاكر، أوسردا عاما لقصة الفيلم وأبطاله، الناقد مشاهد مختلف من طينة خاصة له معرفرة وأنتباه خاص وله القدرة على تلقى العمل الفني وتحليل محتواه وقراءة مضمونه والجديد والجيد فيه، وباختصار كما يرى كثيرون فإن الناقد يتعامل مع الفيلم، مع العمل الفني بينما يتعامل الصحفي مع المخرج والنجوم والمنتج والموزع بحثا عن الخبر إذ ليس من مهمة الناقد بأن تصبح كتابته دعاية أوإعلانا تحت ضغط المنتجين والمخرجين والموزعين. * النقد السينمائي هل يستيطع أن يأخذ مكانه ضمن الحقل الثقافي العام ولو بالأسلوب الفني الذي يميزه عن بقية الأجناس الأدبية الأخرى؟ - أقول لك أن النقد السينمائي كمنظومة فكرية ومعرفية لا أهمية له إذا لم يخلخل أو يفكك بعض المفاهيم الجاهزة أو على أقل تقدير يحرك المياه الراكدة في السائد والمكرس، وإذا لم يولد ردود أفعال عند الطرف الآخر الذي تتوجه إليه، والنقد كفعالية عقلية وفكرية وكجموعة من الأليات والأدوات العرفية المتصلة به لا يمكن أن يأخذ مكانته ضمن الحقل الثقافي العام ببساطة وسهولة وسرعة، بل سيواجه في معظم الحالات بالرفض والإبعاد والإستخفاف وغير ذلك، ولن يستقر حضوره في الساحة النقدية والثقافية إلا بفضل العديد من العوامل الرئيسية ربما يكون منها حضور دائم للكتابة النقدية وتواجد مستمرة للنقاد في معظم المحافل السينمائية، وكذلك تماسك منطقة الداخلي، وقوة مفاهيمة ومتانة مناهجه وأدواته المعرفية والفنية في دراسة الأعمال السينمائية، إذ أنه من غير المناسب والمجدي التحدث عن فيلم هوليودي أو هندي بنفس الطريقة التي نتحدث فيها عن فيلم عربي في بلد خليجي أوبد ضعيف الانتاج وذلك لأختلاف ظروف الإخراج والإنتاج وآليات العمل السينمائي وطرق التوزيع والعرض بينهما. * كيف ترى أهمية المواقع السينمائية في شبكة الأنترنت ودورها في نشر الثقافة السينمائية؟ - يبدو لي ظهور المدونات والمواقع السينمائية والمنتديات الخاصة التي من الممكن أن معظمها يقوم بعمله هواة أو محبي السينما وفي بعضها الآخر محترفون ونقاد سينما معروفون ظاهرة طبيعية وصحية جدا في ظل غياب حيوي ومؤثر وكبير للنوادي السينمائية أو للمنابر الإعلامية السمعبصرية والمكتوبة والتي ساهمت في بروز أسماء هامة في النقد السينمائي في سنوات بعيدة ماضية وربما تساهم في نشر الوعي بالسينما بين جمهور بات عالمه الإفتراضي على الشبكة أكثر حضورا وواقعا من عالمه الواقعي واليومي. وربما نقرأ فيها بعض المقالات السطحية او الترهات التي لا معنى لها، وربما تكون في مجال مامكان للمهاترات والخلافات الشخصية وتصفية الحسابات وفي المقابل يمكن أن نصادف كاتبا جديدا يمتلك رؤيا وثقافة ومعرفة ورغبة صادقة في البحث عما هو جديد ومهم ومؤثر، وهكذا نكتشف أسماء شابة جديدة تحاول إيجاد نفسها خلال الممارسة النقدية اليومية للأفلام والمناقشات المفتوحة على الفضاء الإلكتروني.