فيما كانت الحكومة الجزائرية تستعد لشق مسارها نحو " الجزائر الجديدة " التي وعد بها الرئيس عبد المجيد تبون ، توقفت عقارب الزمن على فيروس أنهك أقوى دول العالم و سرعان ما دخل الجزائر قادما من فرنسا منتصف فيفري ، ليدفع بالحكومة الجزائرية إلى التجند لمواجهته. إعداد : مريم والي
بعد تسجيل أول إصابة بفيروس " كوفيد 19 " بمدينة ووهان الصينية و بداية الانتشار الواسع للفيروس ، فقد العالم بوصلته نحو حياة مطمئنة ، ولم تكن الجزائر في منأى عن هذا الوضع ، بعد إقرار ترتيبات و إجراءات وقائية للحد من انتشار الفيروس و مجابهته . لم يكف فرض التباعد الجسدي و إتباع إجراءات الوقاية في التصدي ل " كورونا " ، إذ بسببها أغلقت دور العبادة و المساجد ، كما علقت الدراسة و أغلقت المدارس أبوابها قبل انتهاء الموسم الدراسي ، و فرقت الجماعات عن حضور الأفراح و الأقراح ، و لجأت الحكومة إلى كافة الحلول و الاقتراحات للخروج من الأزمة بأخف الأضرار . و في مسيرة سنة من التحديات ، نختصر" كرونولوجيا " الوضع الوبائي الذي ساد الجزائر سنة 2020 " .
في 17 فيفري 2020 ، وتزامنا مع مصادقة البرلمان الجزائري على مخطط عمل الحكومة لتنفيذ برنامج الرئيس عبد المجيد تبون ، الذي حدّد أولوياته وتوجهاته نحو تنفيذ المخططات التنموية الاستعجالية، أعلنت الحكومة يومها عن تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس "كورونا " و هي لرعية إيطالي وصل إلى البلاد بنفس التاريخ و خضع للحجر الصحي. و تزامنا مع ذلك أنهي الحجر الصحي ل 43 شخص تم اجلاؤهم قبل أسبوعين من مدينة " ووهان" الصينية. وتعد هذه ثاني إصابة مؤكدة بالفيروس في القارة الإفريقية بعد تسجيل أوّل حالة في مصر .
إجراءات صارمة للحد من انتشار الفيروس في 27 فبراير 2020 ، و تنفيذا لتعليمات الرئيس تبون، شرع في تنفيذ جملة من الإجراءات، من بينها ، تعزيز المراقبة الصحية على الحدود وعلى مستوى نقاط الدخول البحرية والجوية، إضافة إلى تعيين مصالح و مستشفيات مرجعية للتكفل بكل الحالات المشبوهة والتكفل الطبي بكل الحالات القادمة من البلدان التي انتشر فيها الوباء، إضافة إلى تنصيب خلية يقظة واستماع، تتشكل من أطباء ومختصين في الأمراض المُعدية مع مواصلة توفير كل المستلزمات والمواد الصيدلانية الضرورية للتكفل بكل الحالات المشبوهة. و في الثامن مارس استمع مجلس الوزراء برئاسة تبون إلى مداخلة وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات حول الوضعية السائدة لفيروس " كورونا" في العالم، و التدابير المتخذة في الجزائر لمواجهته، والتصدي له، بتعزيز إجراءات المراقبة في المطارات والموانئ والحدود البرية، وخاصة الرحلات القادمة من أوروبا، وتجديد مخزون وسائل الوقاية والمستلزمات الطبية والأدوية، والاقتناء الفوري لأحدث أجهزة الكشف والكاميرات الحرارية، ورصدت ميزانية أولية لذلك بمبلغ 3،7 مليار دينار جزائري قصد التكفل بالنفقات المستعجلة على غرار المواد الصيدلانية و كواشف " كورونا " . توقيف الدراسة و غلق الجامعات و المعاهد في 12 مارس، أمر الرئيس بوقف فوري للدراسة في كافة المؤسسات التعليمية إلى غاية الخامس أفريل لتفادي تفشي فيروس كورونا. و إغلاق الجامعات ومعاهد التعليم العالي . غير أن تعليق الدراسة امتد بعد ذلك لشهور أخرى . في ال 14 مارس دعا الوزير الأول عبد العزيز جراد من البليدةالجزائريين إلى التحلي بالحيطة و الحذر لتجنب انتشار فيروس كورونا. و أكد أن "الوضع حينها لا يستدعي إعلان حالة الطوارئ بل أخذ الاحتياطات لأن الجزائر في وضع عالمي مس كل البلدان حتى الأكثر تطورا". كما أمر بتخصيص مصلحة جديدة بمستشفى الجامعي "فرانس فانون" بالبليدة لحجر المشتبه في إصابتهم بفيروس (كوفيد 19).
تعليق الرحلات جوا، برّا ، بحرا .. في ال 15 مارس وقصد تعزيز تدابير الوقاية من انتشار الفيروس على التراب الوطني، أصدر الوزير الأول عبد العزيز جراد، ، بعد التشاور مع نظيره الفرنسي، إدوارد فيليب، تعليمات إلى وزير الأشغال العمومية والنقل بغرض القيام بتعليق مؤقت لجميع الرحلات الجوية والبحرية بين الجزائروفرنسا، ابتداء من يوم 17 مارس 2020. و كان التعليق الاستثنائي، مصحوبا بترتيبات لإجلاء المواطنين المسافرين في الجزائروفرنسا . و في ال 16 مارس ، صدر قرار آخر بتعليق مؤقت لجميع الرحلات الجوية المتوجهة والقادمة من تونس، القاهرة، دبي، الدوحة و عمان و ذلك ابتداء من يوم17مارس2020. مصحوبا بترتيبات لإجلاء المواطنين الجزائريين المسافرين ، كما اتخذ في نفس التاريخ الوزير الأول، عبد العزيز جراد، ورئيس الحكومة التونسية، إلياس الفخفاخ، قرارا باتفاق مشترك، يقضي بغلق الحدود البرية بين الجزائروتونس .
بداية الأزمة و مساعي حكومية لمحاصرتها في ال 21 مارس، أصدرت حكومة جراد مرسوما يقر جملة من الإجراءات ، على غرار تسريح بعض الفئات من العاملين في الإدارة العمومية مع الحفاظ على نشاطات الخدمات الحيوية وتنظيم نقل الأشخاص. و جاء هذا في سياق الإجراءات الهادفة إلى تقليل الاتصال المباشر بين المواطنين في الأماكن العامة وأماكن العمل، على أساس استثنائي ، كما دعت الحكومة إلى تعليق جميع أنواع أنشطة نقل الأشخاص بدء بالخدمات الجوية على الشبكة الداخلية إلى خدمة سيارات الأجرة الجماعية، مرورا بالنقل البري والنقل بالسكك الحديدية أو النقل الموجه على جميع الخطوط، باستثناء نشاط نقل العمال من طرف المستخدم. و كانت هذه الترتيبات سببا في تسريح العديد من العمال نحو بطالة مؤقتة . تدابير احترازية لمحاصرة الفيروس واصلت الحكومة بعدها ترتيباتها وفقا لما يقتضيه الوضع الصحي للبلاد ، و في ال 26 مارس ، أصدرت مرسوما جديدا يحدد التدابير التكميلية للوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا و مكافحته، عبر التراب الوطني ،تضمن 20 مادة، تحدد التدابير التي تهدف إلى وضع إجراءات الحجر، وتقييد الحركة وتأطير الأنشطة التجارية وتموين المواطنين. كما تهدف إلى إرساء قواعد التباعد وكذلك أساليب تعبئة المواطنين لمساهمتهم في الجهد الوطني لمكافحة انتشار الوباء. و في اليوم الموالي، أصدر جراد تعليمة إلى أعضاء الحكومة والولاة، أوضح فيها شروط تنقل الأشخاص في الولايات المعنية بتدابير الحجر الكلي أو الجزئي، وكذا تلك المرتبطة بمنح الرخص الاستثنائية.
تأزم الوضع الاقتصادي و الاجتماعي للجزائريين مع نهاية شهر أفريل و مطلع شهر ماي 2020 ، ألقت جائحة "كورونا " بضلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للعائلات الجزائرية ، وبهدف تذليل الآثار الاقتصادية والاجتماعية، لتدابير الحجر، قررت الحكومة إنشاء نظام خاص للمساعدة والمرافقة، يخضع لمخطط وطني للتأطير والتعبئة للسكان ومنحه طابعا استعجاليا ، وفوض رؤساء المجالس الشعبية البلدية تحت اشراف رؤساء الدوائر والولاة المنتدبون، للقيام بمهمة التعبئة، في شكل لجان مهامها إحصاء الأسر المعوزة وأولئك الذين يحتاجون إلى الدعم أثناء الحجر الصحي، وفي الرابع أفريل قرّر أعضاء الحكومة، التبرع بشهر من رواتبهم دفعت في حسابات التضامن "كوفيد 19″،. وفي اليوم الموالي ، أصدر عبد العزيز جراد، تعليمة إلى أعضاء الحكومة والولاة، لحملهم على توفير الظروف المثلى لتأطير وتسيير التبرعات المتأتية من الهبة التضامنية المعبّر عنها من قبل الخواص والمتعاملين الاقتصاديين، وكذا من قبل عديد الأطراف المهتمة، داخل البلاد أو خارجها. كما حظيت 220 ألف عائلة تقطن في 5500 منطقة ظل بالتغطية الكاملة، سواء من حيث الإعانات، أو من حيث توفير مستلزمات الحياة الكريمة، عشرة آلاف دينار، ورصد مبلغ 22 مليار دينار لهذه العملية، وفي الخامس أفريل تسلمت الجزائر أول طلبية من وسائل مكافحة وباء كورونا قادمة من الصين على متن طائرتين تابعتين للجيش الوطني الشعبي، كانتا محملتين ب 8،5 مليون كمامة وأقنعة خاصة بالأطباء، و قد بلغت تكلفة هذه المعدات 4 ملايين و 950 ألف دولار.
غرامات و عقوبات بالحبس لمخالفي إجراءات الحجر وبهدف فرض احترام التدابير المتخذة لحماية السكان وتموينهم المنتظم، دعت السلطات العمومية إلى العمل على تطبيق القانون بكل صرامة، من خلال تطبيق عقوبات جزائية للمخالفين لإجراءات الحجر . حيث طبقت العقوبات الجزائية المنصوص عليها في القانون، بغرامات تتراوح من ثلاثة آلاف إلى ستة آلاف دينار ضد كل المخالفين الذين قد يتعرضون علاوة على الغرامات، إلى الحبس لمدة ثلاثة أيام على الأكثر. إلى جانب تطبيق العقوبات الإدارية من خلال إجراء حجز السيارات والدراجات النارية المستعملة من قبل الأشخاص الذين خالفوا قواعد الحجر الصحي المنزلي، وإيداعها في المحشر .
إجلاء جزائريين عالقين بالخارج و في ال 17 أفريل شرعت الحكومة في إجلاء المواطنين المسافرين في الخارج، والعالقين على إثر تعليق الرحلات الجوية والبحرية خلال شهر مارس 2020، جراء جائحة كورونا ، و تلقت الجزائر يوم الثلاثاء 21 افريل، هبة جديدة من الصين تتكون من أقنعة طبية و أطقم للكشف و أجهزة للتنفس الاصطناعي .
خريطة طريق للخروج من الحجر في الرابع عشر جوان ، حددت الحكومة خريطة طريق للخروج من الحجر، بصفة تدريجية ومرنة في آن واحد، أعطيت فيها الأولوية لعدد من الأنشطة وفق أثرها الاقتصادي والاجتماعي وخطر انتقال عدوى كوفيد 19 ، و في العاشر من نفس الشهر أشرف جراد على تنصيب البروفسور محمد بلحسين، رئيسيا للخلية العملياتية للتحري و متابعة التحقيقات الوبائية حول حالات "كوفيد 19" المؤكدة أو المشتبهة إلى جانب عضويته في اللجنة العلمية لمكافحة ومتابعة رصد وتطور فيروس كورونا. تعزيز نظام حماية الأطباء و العاملين في المستشفيات في 14 جويلية قرر الرئيس تبون تدعيم وتعزيز نظام حماية جميع العاملين في المجال الطبي وشبه الطبي والإداري، بموجب نص قانوني، فضلاً عن النظام المنصوص عليه في قوانين الجمهورية. بعد أن لوحظ ، ارتكاب العديد من الاعتداءات الجسدية واللفظية ضد المستخدمين الطبيين وشبه الطبيين والإداريين ، و في ال 16 من نفس الشهر ، أتخذت تدابير بعد استشارة اللجنة العلمية والسلطة الصحية ، بعد تزايد سرعة انتشار وباء فيروس كورونا كوفيد 19، و في 18 جويلية أنشئت لجنة حماية يرأسها الوزير الأول عبد العزيز جراد بغرض تقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية لوباء كورونا واقتراح التدابير الكفيلة بمواجهتها الجزائر تقرر اقتناء اللقاح المضاد للفيروس في الثاني من شهر أوت ، أكد الوزير الأول عبد العزيز جراد، أن الجزائر "ستكون من بين الدول الأوائل التي ستقتني اللقاح المضاد لفيروس كورونا". و أفاد عقب اجتماع وزاري خصص لاستكشاف سوق اللقاح المضاد لفيروس كورونا حضره عدد من الوزراء والمدير العام لمعهد باستور، أن "هذا الاجتماع خصص لموضوع تعليمات رئيس الجمهورية الخاصة بالإسراع في الاتصالات اللازمة مع الدول التي تقدمت في أبحاثها الخاصة بإنتاج لقاح فيروس (كوفيد-19)
العودة إلى المساجد و فضاءات الترفيه و التسلية في الثامن أوت، حدد نظام تنفيذ القرار المتضمن الفتح التدريجي والمراقب للشواطئ وفضاءات التسلية وأماكن الاستجمام والترفيه والفنادق والمقاهي والمطاعم، وذلك، مع التقيد بالبروتوكولات الصحية للوقاية والحماية من انتشار الوباء.اعتبارًا من 15 أوت 2020، كما تقرر الفتح التدريجي للمساجد وذلك في ظل التقيد الصارم بالبروتوكولات الصحية المرتبطة بالوقاية والحماية من انتشار الوباء. و انتهت 2020 بحصيلة ثقيلة أعلنتها لجنة رصد و متابعة وباء كورونا ب 98.988 مصاب بالفيروس ، 66.550 متعافى و 2745 وفاة .