يدخل من هذه الأمة الجنة جموع كثيرة الله أعلم بعددهم ، ففي صحيح البخاري عن سعيد بن جبير قال : حدثني ابن عباس ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( عرضت عليّ الأمم ، فأخذ النبي يمر معه الأمة ، والنبي يمر معه النفر ، والنبي يمر معه العشرة ، والنبي يمر معه الخمسة ، والنبي يمر وحده ، فنظرت فإذا سواد كثير، قلت : يا جبريل هؤلاء أمتي ؟ قال : لا ، ولكن انظر إلى الأفق ، فنظرن فإذا سواد كثير ، قال: هؤلاء أمتك ، وهؤلاء سبعون ألفا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب ). والسواد الأول الذي ظنه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته هم بنو اسرائيل، كما في بعض الروايات في الصحيح ( فرجوت أن تكون أمتي فقيل هذا موسى وقومه ). ولا شك أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من بني اسرائيل ، ففي الحديث ( فإذا سواد كثير ) قال ابن حجر في رواية سعيد سعيد بن منصور " عظيم " وزاد فقيل لي : ( انظر إلى الأفق ، فنظرت فإذا سواد عظيم ، فقيل انظر إلى الأفق الآخر مثله ) وفي رواية ابن فضيل ( فإذا سواد قد ملأ الأفق ، فقيل لي : انظر هنا ، وهاهنا في آفاق السماء ) وفي حديث ابن مسعود ( فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال ، وفي لفظ لأحمد : فرأيت أمتي قد ملؤوا السهل والجبل ، فأعجبني كثرتهم وهيأتهم، فقيل أرضيت يا محمد ؟ قلت : نعم يا رب ) وقد ورد في بعض الأحاديث أن مع كل ألف من السبعين ألفا ، سبعين ألفا وثلاث حثيات من حثيات الله ، ففي مسند أحمد ، وسنن الترمذي وابن ماجه عن أبي أمامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب ، ومع كل ألف سبعون ألفا ، وثلاث حثيات من حثيات ربي ) ولا شك أن الثلاث حثيات تدخل الجنة خلقا كثيرا وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرجو أن تكون هذه الأمة نصف أهل الجنة ، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكر بعث النار ، قال صلوات الله وسلامه عليه في آخره ( والذي نفسي بيده إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، فكبرنا . فقال : أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة ، فكبرنا . قال : ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض ، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود ) .وورد في سنن الترمذي بإسناد حسن ، وسنن الدارمي عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أهل الجنة عشرون ومائة صف ، ثمانون منها من هذه الأمة ، وأربعون من سائر الأمم ) ، وهذا يعني أن هذه الأمة تبلغ ثلثي أهل الجنة وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا أول شفيع في الجنة لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن من الأنبياء نبيا ما صدقه من أمته إلا رجل واحد ) . والسر في كثرة من آمن من هذه الأمة أن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم الكبرى كانت وحيا متلوا يخاطب العقول والقلوب ، وهي معجزة باقية محفوظة إلى قيام الساعة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إليّ ، وأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة