أكد الملك محمد السادس، أمس، أن المغرب ملتزم بإعطاء دينامية جديدة لعلاقاته مع الجزائر، دينامية منفتحة على تسوية كل المشاكل العالقة بينهما . وقال الملك في الخطاب الذي وجهه بمناسبة عيد العرش "وإننا لملتزمون، وفاء لأواصر الأخوة العريقة بين شعبينا الشقيقين ولتطلعات الأجيال الصاعدة، بإعطاء دينامية جديدة منفتحة على تسوية كل المشاكل العالقة، من أجل تطبيع كامل للعلاقات الثنائية بين بلدينا الشقيقين، بما فيها فتح الحدود البرية، بعيدا عن كل جمود أو انغلاق مناف لأواصر حسن الجوار وللاندماج المغاربي وانتظارات المجتمع الدولي والفضاء الجهوي" . وذكر الملك بأن المغرب سيظل، في إطار روابط انتمائه الإقليمي، متشبثا ببناء الاتحاد المغاربي، "كخيار استراتيجي ومشروع اندماجي لا محيد عنه، مع ما يقتضيه الأمر من تصميم ومثابرة، لتذليل العقبات التي تعرقل، مع كامل الأسف، تفعيله ضمن مسار سليم ومتجانس". وشدد في هذا الصدد، على أن المغرب لن يدخر جهدا لتنمية علاقاته الثنائية مع دول المنطقة، مسجلا " الوتيرة الإيجابية للقاءات الوزارية والقطاعية الجارية، المتفق عليها مع الجزائر الشقيقة". وفي ملف "الوحدة الترابية للمغرب"، كما تسميه الصحافة المحلية، أكد الملك محمد السادس أن الرباط ماضية في الدفاع عن سيادته ووحدته الترابية، التي لا مجال فيها للمساومة، مشيراً إلى أن هذا الملف سيظل أسبقية الأسبقيات، في السياسة الداخلية والخارجية للمملكة، قبل أن يربط بالدستور الجديد الذي يشكل رافعة قوية لعمل الدبلوماسية الوطنية، في خدمة المصالح العليا والقضايا العادلة للمغرب، وتعزيز إشعاعه الجهوي والدولي. واعتبر العاهل المغربي في خطابه أن الدستور الجديد بما يحمله من مشروع للجهوية الموسعة ومنظومة الحكم الذاتي لمنطقة المحافظات الصحراوية في الصحراء الغربية، كحل سياسي ونهائي للنزاع الذي لن يتأتى وفق الملك محمد السادس إلا من خلال تفاوض جاد مبني على روح التوافق والواقعية، وفي إطار الأممالمتحدة وبالتعاون مع أمينها العام ومبعوثه الشخصي، ليخلص إلى أن العمل في المرحلة المقبلة على توطيد روابط انتماء المغرب الإقليمي، وتنمية علاقاته الدولية، مهما كانت الإكراهات الناجمة عن السياقات الدولية المضطربة، والأوضاع الإقليمية الصعبة. وقد أغلقت الحدود بين المغرب والجزائر سنة 1994 اثر اعتداء نفذه متطرفون إسلاميون في احد فنادق مراكش ونسبته الرباط إلى الجزائر. وتبادلت الرباط مع الجزائر خلال الأشهر الأخيرة زيارات وزراء تبشر بتحسن في العلاقات التي طالما تعثرت بسبب مشكلة الصحراء الغربية التي لم تشهد بعد تسوية، وتحتل الرباط المستعمرة الاسبانية سابقا منذ 1976 وتقترح على الصحراويين حكما ذاتيا ضمن سيادتها. لكن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) تطالب باستفتاء لتقرير مصير الصحراء الغربية برعاية الأممالمتحدة يطرح الخيار أمام الصحراويين بين الاستقلال أو الحكم الذاتي ضمن سيادة مغربية أو السيادة المغربية بالكامل. ولم يكن الواقع في المنطقة العربية غائباً عن خطاب العاهل المغربي، فقال إن الرباط يتابع بانشغال ما يجري في بعض البلدان العربية من تحولات، داعياً إلى التعاطي مع قضايا وتحديات المنطقة العربية بروح جريئة واستشرافية من خلال ما نعته الملك محمد السادس ب"الحوار التوافقي البناء"، بعيداً عن كل أشكال التعامل التقليدي، الذي برهن عن محدوديته وعدم جدواه، وذلك لتطويق المخاطر المهددة لسلامة الدول ووحدتها الترابية. م.ب