رغم ما قيل وكتب يظل السحر من أكثر المواضيع إثارة للجدل فكثيرون هم أولئك الذين يجمعون على انعدام وجود السحر ويرجعون كل ما يحدث من ظواهر غريبة إلى الأمراض النفسية وأشياء أخرى متعلقة بالموروث والمعتقدات ومع ذلك تبقى الحيرة والغموض يلفان القصص الغريبة التي يرددها البعض ممن وقعوا ضحايا لأعمال السحر. تمكنت مصالح الأمن بولاية تبسة مؤخرا من القبض على أحد أكبر المشعوذين في الولاية، حيث اعترف الأخير أن هذه الأعمال الشيطانية تجارة يجلب بها عدد هائل من الناس، عن طريق نشر عنوانه والتشهير بنفسه حتى أنهم يقطعون مئات الكيلومترات من أجل الوصول اليه، وبعد تفتيش منزله عثر على وسائل مختلفة يستعملها في الشعوذة، كما تم العثور على قائمة بأسماء طويلة لأناس كانوا ضحايا لأعماله البشعة. ن. س واحدة من ضحايا الشعوذة، زوجة في العقد الثالث من عمرها تملك من مواصفات الجمال والرشاقة الكثير، معاناة هذه السيدة بدأت بعد اشهر قليلة من زواجها وبالتحديد في احدى الايام عندما خرجت من بيتها متوجهة نحو العمل، حيث لفت انتباهها كيس صغير مليء بأشياء غريبة (شعر أدمي، وقطع صغيرة من القماش وعظام حيوانية) لكنها لم تهتم بالأمر كثيرا وقامت برمي الكيس في القمامة ومضت في طريقها. ولم تكن تعلم ن.س أن تلك الحادثة ستكون منطلقا لمعاناة استمرت معها لسنوات طويلة، حيث بدأت حالتها النفسية تتدهور واصبحت عصبية تثور لأتفه الاسباب أما في الليل فلا تجد إلا النوم سبيلا للهروب من الواقع وهوما أثر على وضعها العام حتى اصبحت تفكر في الاستقالة من عملها والطلاق من زوجها بعدما صارت تكرهه كرها شديدا. وأمام تدهور حالتها قام أفراد عائلتها بعرضها على طبيب نفسي غير ان حالتها استمرت في التدهور ما دفع بعائلتها ان تقرر الذهاب بها الى أحد المعالجين بالقرآن والرقية الشرعية، والذي اخبرها بأن ما تعانيه ناتج عن سحر وضعته لها إحداهن بهدف التفريق بينها وبين زوجها وتدمير حياتها، وقد بدأت حالتها في التحسن بعد ثلاث جلسات مع ذلك المعالج إلى ان تعافت تماما وهي تحمد الله على ذلك. الإمام جلول قسول: السحر شرك بالله ويقول جلول قسول، إمام بمسجد حيدرة في العاصمة، إن الشريعة الإسلامية تعتبر هذه الظاهرة احتيال غش وخداع لا يجوز العمل بها والايمان بها فقط يعتبر شرك بالله لأنها تعاون على نشر الاثم والعدوان. وأضاف في تصريح ل"الجزائر الجديدة"، أنه ليس كل ما يصيب الإنسان سحر يجب ان نفرق بينه وبين الأمراض الأخرى فلا يحمل هذا المصطلح ما ليس منه وما ليس فيه. وأوضح أنه "يجب على الانسان ان يثق بالله ويدعوه ولا يتوجه لتلك الأفعال الشنيعة ويعلم ان كل ما يصيبه مكتوب من عند الله "قل لو اجتمعت الانس والجن على ان ينفعوك بشيء لن ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على ان يضروك بشيء لن يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك"، بهذه المعتقدات نبتعد عن الخرافات. المحامي مختار بن سعيد: نلتمس من العدالة فرض عقوبات على ممارسي السحر من جهته، قال المحامي ورئيس الرابطة الوطنية لحقوق الانسان، مختار بن سعيد، في تصريح ل"الجزائر الجديدة"، إن أعمال الشعوذة دليل على تدني المستوى الثقافي للمشعوذين، وتوجد مواد متعلقة بالمدافن وحرمات الموتى لكن لا توجد مادة صريحة تحدد عقوبة للساحر، كما ان وكيل الجمهورية لا يعترف بهذه القضايا حتى ولو اعترف المشعوذ بفعله ويصنفها ضمن قضايا النصب والاحتيال . وذكر المحامي أن المشعوذ أصبح يلجأ للتكنولوجيا حتى يروج لأعماله ويقوم بالإشهار لنفسه هذا ما زاد من انتشار الظاهرة، لذا تلتمس الرابطة الجزائرية لحقوق الانسان من وزارة العدل ومن المجتمع من أجل التعاون مع المحامين والقضاة بهدف الخروج بمادة تصد المشعوذين والسحرة. الأخصائي الاجتماعي فرحان بونيب: أعراض عديدة للمصاب بالسحر من جهته، يقول الأخصائي الاجتماعي، فرحان بونيب، أن من الأسباب المؤدية لهذا الفعل هو الوسواس القهري لأنه يسبب الغيرة بين الأفراد وكذا قلة الايمان بالله سبحانه وتعالى. وأشار بونيب في تصريح ل"الجزائر الجديدة"، إلى أنه "أحيانا لا يستطيع إنسان الانتقام من إنسان آخر فيلجأ الى إيذاءه عن بعد بواسطة السحر وفي حالة نجح السحر يتعرض الفرد لعدة أضرار كالوسواس وقلة النوم ويصبح انفعاليا ومنعزلا عن الآخرين ويخسر علاقته بالناس وحتى عمله ومكانته في المجتمع. وأفاد المختص أن هناك أنواع عديدة للسحر منها "سحر الكلام، السحر المدفون، السحر في البحر، السحر الالكتروني، السحر في الاكل والملابس والموسيقى". وذكر أن "ظاهرة السحر منتشرة من قبل ظهور الإسلام منذ زمن سيدنا موسى وأن الأمر قديم وموجود في تاريخ الشعوب ويجب محاربته بالتوعية".