تشهد أسعار الماشية في الآونة الأخيرة ارتفاعا كبيرا بالمقارنة مع المعدلات الطبيعية، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، حيث تعتبر هذه الشعيرة مميزة لدى الجزائريين لما تحمله من أبعاد روحية واجتماعية، ما يجعل المواطنين بين مطرقة أسعارها وسندان انخفاض القدرة الشرائية التي شهدت أدنى مستوياتها خلال السنة الجارية. وفي جولة استطلاعية للوقوف ميدانيا على حالة نقاط البيع الخاصة بالماشية ومستوى الإقبال لدى المواطنين تفاجئنا من خلو المساحات المخصصة للبيع من السائلين عن الأسعار والباحثين عن الأضحية ،في مشهد تسبب في ضجر الماشية قبل الموالين. و أفاد احد الموالين أن الوقت لا يزال مبكرا للحديث عن ضعف الإقبال فيما يتعلق باقتناء أضحية العيد، وأضاف " أكثر من 15 يوم تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك، ابتداء من الأسبوع المقبل نستطيع الحديث عن الإقبال على شراء الأضاحي، لكن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمتطلبات الحياتية أتوقع العزوف على اقتنائها بالمقارنة مع السنوات الماضية". لنحط الرحال بعدها ببلدية اولاد فايت احد المناطق الشعبية التي تميزت بالتحضيرات المسبقة قبيل الأعياد الدينية، خاصة عيد الأضحى، لنتفاجأ بخلو المدينة وأحيائها من صوت الأغنام و نقص فادح في نقاط البيع، التي كانت تعج بها المدينة في السنوات السابقة قبيل عيد الأضحى بشهر على الأقل . و اجمع مواطنون على أن عيد الأضحى لهذه السنة سيحل على الجزائر و هي تعاني من أزمة اقتصادية صعبة، نظرا لتأثير فيروس كورونا الذي أرهق الطبقة البسيطة وأصحاب الأعمال الحرة، ما قلص إمكانية شرائهم لأضحية العيد، و أفاد احدهم " كنت اشتغل باليومية وحين جاء قرار الغلق فقدت عملي، الآن أنا في مرحلة صعبة أحاول فيها إعالة أبنائي، ما يحتم علي عدم التفكير في أضحية العيد التي ترتفع قيمتها تواليا مع مرور الأيام "، ليرد عليه أخر " الأزمة لم تؤثر فقط على من كان يتقاضى أجره بصفة يومية ،حتى الموظفون فقدوا القدرة على مجاراة التحولات و لم يصبح مرتبهم قادرا على تحمل المشقات الحياتية، بسبب انخفاض القدرة الشرائية، نحن نعيش في دوامة مترامية الحدود ولا ندري متى ستنجلي". غياب فضاءات جوارية ألهب الأسعار و في السياق، أكد مصطفى زبدي رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك انه من الأسباب التي أثرت على سعر الأضحية و جعلها تشهد ارتفاعا بشكل كبير في الآونة الأخيرة، ضعف التنظيم في أسواق الماشية، مع عدم توفير المساحات الجوارية في المدن الكبرى ما جعل السماسرة يتلاعبون في الأسعار . وقال مصطفى زبدي رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك " صحيح هنالك العديد من الأسباب الموضوعية التي أدت كذلك لرفع الأسعار الخاصة بالأضاحي، و المتمثلة في ارتفاع سعر الشعير والكلأ ،لكن هذا الأمر يدفعنا للتساؤل عن عدم ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالصورة التي ارتفعت بها أسعار الأضحية "، و أضاف " يتم التعامل مع الأضاحي بطريقة خاصة على أنها شعيرة ولا يتم بيعها استنادا للتكلفة وإنما للرمزية التي تحتلها لدى أوساط الجزائريين، و نقطة كهذه يعلمها السماسرة جيدا لذا يحاولون استغلال المرحلة لتحقيق اكبر نسبة من المكاسب". و شدد رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك على ضرورة تدارك الموقف مبكرا وفتح اكبر عدد من المساحات الجوارية بالمدن الكبرى لتمكين الموالين من التسويق لمواشيهم وعرض الأضاحي أمام المستهلكين لتتم عملية البيع بطريقة سلسة و قطع الطريق في وجه السماسرة والمضاربين الذين يحاولون استغلال أي فرصة سانحة حتى و لو كانت شعيرة دينية لتوسيع دائرة أرباحهم و إن لم تتم هذه العملية –يضيف زبدي- فالأسعار ستواصل الارتفاع وتتعدى المعدلات الطبيعية . الموالون يتحججون بغلاء الأعلاف و من جهته، أفاد محمد عليوي رئيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، أن الوضع الاقتصادي العام في الجزائر اثر بشكل كبير على سعر الأضاحي ، زد إلى ذلك الوضعية الصحية التي أثرت بدورها على الموالين، ما أدى لارتفاع سعر أضحية العيد، حيث وصف عليوي الأمر بالطبيعي تبعا للظروف المحيطة به . وأكد عليوي أن الموالين قد ضاقوا ذرعا من عدم استقرار أسعار الأعلاف، وقال "سوق الأعلاف والنخالة في الجزائر غير ثابت خاصة قبل حلول عيد الأضحى المبارك، ما اثر سلبا على سعر الأضاحي وأدى لارتفاعها بمستويات متفاوتة، في السابق كانت الأغنام تتغذى في المراعي وكانت أسعار الشعير في المتناول، لكن في هذه المرحلة الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه الجزائر اثر على العديد من الميادين والمجالات ومنها تربية المواشي".