تشهد أسواق المواشي قبل يومين من عيد الأضحى المصادف ليوم الجمعة المقبل المبارك إرتفاعا كبيرا، وهو الأمر الذي ولّد إستياء لدى المواطنين الذين وقفوا عاجزين أمام هذا الغلاء الفاحش، مما ترك الانطباع أن العديد منهم سيستغنون عن أداء شعيرة عظيمة من شعائر ديننا الحنيف، حتى أن بعضهم نسي فرحة تأهل المنتخب الوطني إلى المونديال، وراح يصب جام غضبه على من كان مسؤولا عن ارتفاع الأسعار ككل سنة. وفي جولة ميدانية قادتنا إلى بعض أسواق المواشي للتعرف على الأسعار ورصد حركة البيع والشراء فيها قبيل العيد وقفت »صوت الأحرار« على صورة طالما تكررت مع هذه المناسبة غلاء فاحش، واستياء واسع من قبل المواطنين، وتحديد المسؤوليات مؤجل إلى حين، الكل أجمع على أن مع أسعار الأضاحي في منحى تصاعدي كل سنة ولا سبيل إلى وقفها إلا باللجوء إلى نظم وقوانين صارمة لتنظيم هذه الأسواق التي تعرف فوضى كبيرة فكانت الردود متباينة البعض تحدث عن جشع التجار وظهور بعض الطفليين أو ما أسموهم بالتجار الموسميين الذين يغتنمون مثل هذه المناسبات للكسب السريع على حساب جيب المواطن، بينما رأى آخرون أن إرتفاع أسعار الأضاحي يعود إلى غلاء أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية. وعن رأي الموالين والمربين في سبب إرتفاع أسعار المواشي، فقد أوعز البعض ذلك إلى إعتماد المربين على الأعلاف التي عرفت أسعارها قفزة كبيرة، وهو ما انعكس سلبا على المستهلك، في حين يؤكد آخرون أن عدم وجود ضوابط قانونية تحد من الإلتهاب الذي تواصل منذ أشهر طويلة، زاد في تفاقم الوضع وانعكس ذلك على مستوى الأسعار الذي ظل في ارتفاع مستمر وفي هذا الإطار يقول سعيد وهو أحد مربي الأغنام »إن أسباب ارتفاع أسعار المواشي تعود إلى موسم عيد الأضحى الذي تنشط فيه المضاربة، فالكل يبحث عن الربح والفائدة وهذا ما يؤدي إلى الارتفاع في الأسعار، خاصة وأن الإقبال تضاعف بعد مباراة الجزائر ومصر، كما أن العديد من المواطنين يفضلون اقتناء أضاحيهم قبل يوم أو يومين من العيد« من جهته يقول تاجر المواشي الطاهر الذي صادفناه بسوق المواشي بمدينة الأربعاء بولاية البليدة »إن أمر ارتفاع الأسعار ليس بأيدينا، فنحن نشتري هذه المواشي من المربين بأسعار مرتفعة، ونبقيها مدة طويلة في الإسطبلات مما يضطرنا لدفع كلفة إضافية سيما مع غلاء الأعلاف«. ومن جهتهم أرجع بعض المربون أسباب هذا الارتفاع إلى عراقيل وصعوبات جمة تقف حجرة عثرة في سبيل تطوير الإنتاج والرفع من المردودية، وهي تعود بالأساس إلى ارتفاع التكلفة الغذائية لمادة أعلاف الدواجن وندرتها والتي قفزت حسب تأكيداتهم، من 2800 دينار للقنطار الواحد قبل سنتين، لتصل في حدود 3500 دينار للقنطار هذه الأيام. وعن إختيارات المواطن في الاقتناء بين الكباش والخرفان وبين النعاج، أشار أحد تجار الأغنام » إن ما نشاهده في يومياتنا هو أن الكثير من المواطنين ينبذون النعاج التي قد يقبل عليها ذوو الدخل المحدود بسبب ثمنها المنخفض مقارنة بالكباش والذي لا يتجاوز في أغلب الأحيان ثلثي سعر الخروف، فإذا كان سعر الخروف مقدرا ما بين 20000 و 30000 دينار جزائري، فإن سعر مثيلاته في الحجم من النعاج يكون في العادة مابين 12000 دينار جزائري و1800 دينار جزائري، كما أوضح تاجر آخر أن إقتناء الأضحية لم يعد في سبيل تحقيق غاية دينية فحسب وإيتاء شعيرة من شعائر ديننا الحنيف، وإنما أصبحت وسيلة للتباهي على الجيران والأقارب مؤكدا أن العديد من المواطنين الذين يقصدون التجار يبحثون على الأنواع الجيدة سيما ذات القرون ولدى تقربنا من بعض المواطنين لمعرفة رأيهم في الموضوع أجمعوا أن أسعار الأضاحي لهذه السنة عرفت ارتفاعا كبيرا لأسباب يجهلونها، إلا أنهم حمّلوا التجار المسؤولية حيال هذا الارتفاع ولاحوا باللائمة على التجار الموسمين الذين يستغلون فرصة عيد الأضحى للكسب، وفي هذا الخصوص إعتبر محمد أن » ارتفاع أسعار المواشي هذه السنة أكبر بكثير من العام السابق، والمواطن لا أمل له سوى الاستسلام لرغبات الجشعين من الباعة والشراء بأكثر من ضعف المبلغ لرأس الغنم الواحد الذي يصل إلى نحو 25 ألف أو 30الف دينار، وليس أمامه من خيار إلا الدفع أو حرمان عائلته من هذه المناسبة وطقوسها الدينية التي لا تتكرر إلاّ مرة واحدة في السنة«، مضيفا »من المفروض أن تتدخل الأجهزة المختصة لحماية المستهلك ومربي المواشي في آن واحد إذ نعرف تماما أن هناك حلقات كثيرة تتسبب بزيادة الأسعار خاصة في أوقات الذروة وزيادة الطلب« واللافت من خلال هذه الجولة الاستطلاعية، وحسب تأكيدات التجار والموّالين أن أسواق الماشية هذه الأيام قد أصبحت مرتعا للسمسرة والمضاربة، حيث بات الغلاء على كل لسان مرتاديها، مؤكدين أن الأمر لم يعد مقتصرا على عيد الأضحى فقط، بل صارت الظاهرة سائدة طوال السنة وذلك بفعل عدم وجود قوانين أو نظم تحكم مثل هذه الأسواق، فبورصة أسعار المواشي أصبحت لا تقلّ عن 18 ألف دينار للخروف العادي، أما الخروف الجيد لا ينزل ثمنه عن 25 ألف دينار، ليصل عند أجود الكباش من 40 ألف دينار إلى 200 ألف دينار، وقد يزيد على ذلك. جدير بالذكر، أن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية قد إتخذت إجراءات وقائية صارمة بهدف تفادي انتشار الأمراض المتنقلة عن طريق الحيوانات، سيما وأن الجزائريين يستهلكون أكثر من ثلاثة ملايين رأس ماشية كأضاحي، حيث يستمر هذا الإجراء طيلة السنة ويتم تعزيزه بحملة مكثفة من التلقيح، سيما ضد الحمى المالطية أو ما يسمى باللسان الأزرق خاصة وانه ظهر في بعض ولايات الوطن، كما باشرت الوزارة بحملة توعية ضد الكيس المائي ووجهت في هذا الشأن بيانا للمواطنين بضرورة نحر أضاحيهم في المذابح.