قال الباحث والمجاهد أحمد بناسي أن الدولة الفرنسية لا يمكن لها أن تقدم الاعتذار إلى الدولة الجزائرية طواعية ما لم نكتب نحن بأنفسنا تاريخنا كتابة موضوعية وأحطنا به إحاطة شاملة وقدمناه للعالم للتعرف عليه، واعتبر المتحدث طلب الاعتذار مجرد وهم يجري وراءه الجزائريون الذين يمسكون بخيوط واهية حسبه باعتبار أن من غزى الجزائر هي الدولة الفرنسية بمؤسساتها، ولهذا فإن قبولها الاعتراف سوف يكون إدانة منها لنفسها، ولهذا يدعو أحمد بناسي على هامش المحاضرة التي ألقاها أول أمس بالجاحظية والمتعلقة بالحركة الوطنية إبان الاحتلال الفرنسي إلى ضرورة الكتابة عن هذا التاريخ الأسود بالنسبة لفرنسا وأخذه كورقة ضغط على العالم ككل للاعتراف بما قامت به هذه الدولة المستعمرة من جرائم ضد الإنسانية في حق الجزائريين عندها فقط –حسب المجاهد – سوف لن تستطيع فرنسا أن تنكر ما فعلته أو على الأقل تمجيد فترة تاريخها الأسود في الجزائر، وعرّج المتحدث على طلب التعويض الذي تقدّمت به أطراف جزائرية واعتبر هذه المطالب خطأ سياسي فادح يتناقض مع الوظيفة التربوية للتاريخ، وقال أحمد بناسي "أنا كمواطن ومجاهد أعارضه معارضة شديدة إذا أخذنا عنها ثمنا"، وأعطى المتحدث مثلا عن العبارة الشهيرة التي قالها مصالي الحاج "هذه الأرض لا تباع ولا تشترى" ليردف المتحدث قائلا " إن دماء الشعوب سبيل الحرية والانعتاق لا تعوض ولو بقناطير من الذهب" وقدم احمد بناسي خلال محاضرته عرضا مفصلا عن انتفاضة 08 ماي 1945، وفضّل أن يستعمل مصطلح انتفاضة على ما وقع في ذلك التاريخ باعتبار أنه يحمل في طياته وعدا وطنيا شاملا ولها خصائص ومميزات كأنها تقع بصفة فجائية ودون تخطيط دقيق ومسبق ودون قيادة بارزة في البداية، ليعرّج بعد مع مؤسسها عبد الحميد بن باديس 1889/1940 يهدف من خلالها إلى تكوين المواطن الجزائري تكوينا سليما وتصحيح عقيدته بعيدا عن الخرافات، وقال في هذا الشأن أن مؤسس الجمعية أنشأ عدة مدارس حرة عبر التراب الوطني، ونوادي للكشافة الإسلامية، وأصدر عدة صحف ومجلات، وينتقل بعد ذلك المجاهد إلى الحديث عن حزب نجم شمال إفريقيا وزعيمه مصالي الحاج وهو أول زعيم جزائري طالب بالاستقلال لينتقل بعد ذلك إلى انتفاضة 08 ماي والتي كانت حسبه رسالة موجهة للحلفاء وتذكريهم بوعودهم اتجاه الشعوب ورسالة إلى المستوطنين بالدرجة الأولى للتأكيد بأن الجزائريين هم أصحاب الأرض. ويؤكد المتحدث أن أحداث 08 ماي كان لها تأثيرا كبيرا في توضيح معالم الثورة وبروز جيل جديد يقودها أمثال عميروشن والعقيد لطفي وبوقرة وظهور حزب الشعب الجزائري الذي أثبت جمالا يدع مجال للشك أن الكفاح السياسي لم يجد نفعا وأن الحل الوحيد هو الكفاح المسلح، ولكن الأمر الذي أطال اتخاذ هذا الحل هو الصراع الذي نشب بين قيادة الحرب وتعرض المتحدث إلى الحديث عن اللجنة الثورية للوحدة والعمل التي كان على رأسها أيت أحمد وابن بلة ومحاولتها إزالة أسباب الخلاف والتي باءت كلها بالفشل في آخر المطاف. وتحدث أحمد بناسي بكثير من الإسهاب على المجاهد فرحات عباسي الذي كان يدعوا في بداية الثورة إلى الاندماج مع فرنسا وعدو له عن موقفه بعد إدراكه أن قطار الثورة قد انطلق وتأكده من أنه سوف يتوقف الأمر الذي أرغمه على الانضمام للجهاد المسلح وكان ذلك سنة 1956 ليترأس بعد ذلك الحكومة المؤقتة. وللإشارة فإن احمد بناسي كاتب ومجاهد وباحث في التاريخ الجزائري وأستاذ متقاعد صدر له عدة مؤلفات من بينها "تأملات في النهضة الإسلامية" الثورة الجزائرية أسس ومبادئ "جذور العنصرية والفاشية في الفكر الغربي" صباح شنيب