بعد حجر صحي وثقافي فرضه وباء كورنا، إلا أن المسرح في الجزائر محجور عليه منذ زمن، فلا المهرجانات الدولية ولا حتى طبعات المهرجان الوطني للمسرح المحترف ولا مختلف انتاجات المسرح الوطني استطاعت تحريك المشهد المسرحي في الجزائر بشكل دائم ومستمر ومثير، وكانت مجرد هدهدات على جسم تضمن وتطمئن إن استحال إلى جثة رغم بعض العروض التي مثلت الجزائر خارج الحدود.. أحمد رزاق من بين المخرجين القلائل الذين يلقون بحجر في بركة المسرح الراكدة، لا ننكر أن هذا الحجر تتسع دوائر الاهتزاز لتصل إلى ولايات داخلية أخرى، إن لم يصلها العرض يصلها الصدى، ولا ننكر أيضا أن أيما مسرحية تحمل توقيعه إلا ووجدنا الطوابير عند بوابات المسارح، وهنا نحن لسنا بصدد تقييم العمل لكن الإقبال الجماهيري وبالأخص على المسرح لهو أمر لافت ونادر الحدوث في الجزائر..ولعل هناك عوامل أخرى يمكن مناقشتها وطرحها في مواضيع أخرى خاصة بالنقد. المقاربة التي يمكن التحدث عنها هنا هي كسر المخرج للحجر سواء الصحي أو الثقافي المفروض منذ سنتين تقريبا، باشراكه لمائتين ممثل –وهو رقم لم يحدث من قبل حتى في الملاحم- من أمهر الممثلين الجزائريين على خشبة واحدة، كنا نخشى فعلا أن تسقط بهم لعراقة المسرح الوطني، وأيضا للعدد الكبير من الممثلين، لكن اجتماعهم في لوحات متفرقة ضربت التباعد الاجتماعي عرض الحائط الذي فصل الفنانين في الجزائر عن بعضهم وأحال عدد كبير منهم إلى البطالة إن لم نقل الجوع.. بوستيشة التي حطمت الرقم القياسي في عدد الممثلين، حطمته أيضا في مدة التحضير التي لم تتعد العشرة أيام بشكل مكثف، ربما لأن أحمد رزاق عرف أنه لن يتعب كثيرا خصوصا أن أغلب الممثلين من المحترفين فربما كان يكتفي فقط في هندسة المشاهد وتوزيع الأدوار بما أنه هو نفسه كاتب النص. من زاوية أخرى، وهنا قد يكثر الكلام، لكن بالمختصر، يظهر لنا الممثل المسرحي في الجزائر بوجهين، إن استدعى لعمل فيجعل منه الأسطورة التي لن تتكرر رغم أنه قبلها بيومين فقط كان لسانه الافتراضي يجلد بلا رحمة أعمالا وممثلين ومخرجين آخرين فقط لأنه ليس مشاركا فيها.. أما من ناحية التبرع بالمداخيل، فالكل يعلم أنه لا فائدة ومهما حاولت الجهات الوصية سواء في الثقافة أو غيرها من تغيير الطابع الريعي فإنها ستبوء حتما بالفشل، كون الفرد الجزائري تعود على مجانية الحضور، ونحن نشهد في كثير من الأحيان خلو القاعات على مجانيتها فمابالك إن كانت بالدفع، وما رأيناه من صور لمشاهير يقتنون التذكار فهي من باب البريستيج لا أكثر..ومبلغ مائة مليون سنتيم مبلغ يخجل مواطن بسيط أن يقدمه لأطفال مرضى السرطان فمابالك أن تقدمه هيئة تابعة لوزارة يطلق عليها المسرح الوطني.