قالت مصادر قريبة من وزارة الخارجية أن السلطات الفرنسية تحاول في الفترة الأخيرة الاقتراب أكثر من الجزائر بعد الزوبعة الديبلوماسية التي أحدثتها القرارات الفرنسية حيال الرعايا الجزائريين، و كانت التصريحات الديبلوماسية توحي بأن العلاقات بين الجزائر وباريس تأخذ في الوقت الراهن منعرجا سيئا، خاصة وأن قرار إلغاء زيارة مماثلة كان ينتظر أن يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير شهر جانفي الفارط للجزائر، تعبيرا عن الاستياء من التعاطي السلبي لحكومة ساركوزي مع موقف الحكومة الجزائرية، خاصة أنها لم تتلق لحد الآن أي رد من باريس، وهو ما ترجمته تصريحات وزير الخارجية مراد مدلسي الأخيرة، حيث قال "نتمنى أن تكون رسالة الجزائر التي وجهت عن طريق القنوات الدبلوماسية مثمرة حتى يتم عن قريب طي هذه الصفحة" ،كما أكد أن الجزائر تنتظر من فرنسا أن "تستوعب رسالتها الدبلوماسية وأن يتم تحديد مسؤوليات الذين اتخذوا مثل هذه القرارات والاعتراف بأنها تتعارض وإرادة حل المشاكل وأنها كانت غير ودية للغاية إزاء بلد يعتبر صديقا". وتوالت منذ فترة ردود الحكومة الجزائرية عبر قنواتها الدبلوماسية والرسمية على قرار لإخضاع رعاياها للرقابة المشددة في المطارات، موجهة بذلك رسائل صريحة إلى باريس أكدت من خلالها الجزائر إصرارها وتمسكها بمراجعة هذه الدول لقرارها المسيء للجزائر، حيث سبق وأن صرح مدلسي بهذا الخصوص، أن "القرار التمييزي الذي يخص بالأحرى بلدنا لا يمكن أن تتقبله الجزائر" التي قال أنها ستسهر على أن يتم رد الاعتبار لها كبلد ذي مصداقية يسوي مشاكله الأمنية لكنه لا يقبل أن تلقن له دروس. هذا و اعتبر أمس وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أن العلاقات بين فرنساوالجزائر ستكون "ربما اقل تعقيدا" حين يغادر جيل الاستقلال السلطة في الجزائر. وقال كوشنير أن جيل الاستقلال في الجزائر لا يزال في السلطة وبعده سيكون الأمر ربما اقل تعقيدا. وأضاف أن "علاقاتنا بالجزائر كانت عاطفية جدا وعنيفة وانفعالية إلى درجة أن كل شيء أضحى معها صعبا ومؤلما جدا وكانت الجزائر تعتبر في فرنسا فرنسية حين كانت مستوطنة" مذكرا بان مناهضة الاستعمار مثل "أول التزاماته". و تشهد العلاقات بين البلدين توترا غير مسبوق منذ خمس سنوات على خلفية علاقات مشحونة بالانفعالات منذ نحو 50 عاما". وزادت حدة التوتر في بداية هذا الشهر مع طرح المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) مقترح قانون ل"تجريم" الاستعمار الفرنسي قبل عامين من الاحتفال بخمسينية الاستقلال ما آثار ردود فعل منددة بين نواب فرنسيين. ونجم هذا التوتر الجديد عن الإعلان في مستهل جانفي الماضي عن إجراءات امن جوي جديدة تبنتها فرنسا شملت الجزائر التي صنفتها مع أمريكا ضمن الدول الراعية للإرهاب و ما آثار غضب الجزائر التي هددت بالمعاملة بالمثل في حالة تطبيق هذه الإجراءات.