أكد الدكتور الناقد فاتح علاق أن الشعر الجزائري أسس في الآونة الأخيرة نظرة شعرية جزائرية جديدة، لديها خصوصيتها امتدت حتى إلى قصيدة النثر رغم أنه لا ينكر تأثرها بحركة الشعر في الوطن العربي ككل والمدارس الأدبية الجديدة. وكشف الناقد في حديثه ل "الجزائرالجديدة" عن التحول الذي طرأ على القصيدة الجزائرية وتحولها من البناء الأحادي إلى البناء المقطعي بمعنى انتقالها من وحدة البيت إلى المقطع، معرجا في ذات السياق على الحديث عن الروافد التي عرفها كتأثر الشعر الجزائري كثيرا بثورة التحرير الكبرى التي كانت الموضوع القار في القصيدة سواء العمودية، التفعيلة، أو قصيدة النثر، ويضيف:" الشعراء الجزائريون تأثروا أشد تأثر بالاحتلال الفرنسي خاصة ثورة 54 وما أبدعه الشعراء في تمجيدها وهي من أقوى الروافد التي استعملوها في قصائدهم " ويؤكد محدثنا أن الشعر الجزائري استمد قوته من قوة الثورة واصطبغ بها ولهذا نجد القصائد تتغنى بالمكان كثيرا، وتجعل من الأماكن التي دارت فيها المعارك، وعرفت منعطفات كبيرة في مسار الثورة تتردد في تلك النصوص الشعرية، وأعطى محدثنا مثلا عن اسم الأوراس، والونشريس التي جعلها الشعراء عناوين لقصائدهم، وخاصة مع شاعر الثورة مفدي زكريا الذي برع حسب المتحدث في توظيف المكان في قصائده والتي أتت قوية صاخبة قوة الموضوع المطروق ممثلا في الحرب التحريرية وأيضا الشعراء: أبو القاسم خمار، ومصطفى الغماري، ويعلق علاق على ذلك بالقول " من قوة الجبال والقمم استمدت ألفاظ الشعر القوة والمتانة لدرجة خرج المكان من مجرد كونه جبلا أو قمة إلى أبعد من ذلك فيصبح كسدرة المنتهى وهو ما نجده عند الكاتب عز الدين ميهوبي "من جهة ثانية يوضح الناقد أن هذا النوع من الشعر انتقل من الحيز المادي المحسوس إلى الحيز الروحي الرفيع لدرجة أنه ظهر ما يعرف بالغزل الثوري، فأضحى الشعراء يتغزلون ليس بالمرأة يقول علاق بل بالثورة وبالجبال التي دارت بها المعارك فأصبحت هي محبوبة الشاعر ومعشوقته، وختم محدثنا كلمته بالقول أن الخطاب الشعري مازال بكرا في كثير من جوانبه رافقه في ذلك غياب النقاد الذين بإمكانهم تنظيم الحركة النقدية في الجزائر لتواكب الحركة الشعرية في الوطن العربي مضيفا :" ما أحوجنا إلى قراءة منهجية وموضوعية في شعرنا بكل أبعاده لأننا نملك مادة شعرية كبيرة، ومادة نقدية قليلة تحتاج إلى نشاط أكبر وتحليل أكثر. وللإشارة فإن فاتح علاق هو شاعر وروائي ودكتور محاضر بجامعة الجزائر وناقد مناقش في العديد من المسابقات الوطنية والعربية، لديه العديد من الدواوين الشعرية كمجموعته " الجرح والكلمات "، وكدا المؤلفات، والدراسات الأدبية، والنقدية على غرار دراسته حول الشعر العربي بعنوان " في تحليل الخطاب الشعري "، والتي صدرت ككتاب عن دار التنوير. صباح شنيب