صحفية فلسطينية مقيمة في نابلس وحدها المقاومة من تستطيع قلب الطاولة وإسترجاع الحقوق، هذه التي أنارت ليل إسرائيل بصواريخ الفجر، فجعلت أوقاتهم في ضيافة الخوف والرعب الذي زلزل كيانهم الغاصب، وكانت الرصاصة دواء لهذا الداء الذي يُدعى "عنجهية الإحتلال" لتثبت له أننا لسنا مرمى يسجلون فيه أهداف حقدهم وقتما أرادوا. هم زَرعوا اللغمَ فينا ولن يكونوا سوى شظايا، ولأن الصحراء في حقولنا سننبت لهم في مواسم الجفاف. لن أتحدث عن غزة ومقاومتها وابتسامة النصر على وجوه النساء المليئة بالدماء، لن أتحدث عن الموت السريري للهزيمة والخوف الذي إنتزعه الإيمان من قلوب الغزيين وألقاه في مزبلة التاريخ، لن أتحدث عن وهم دولة إسرائيل في قلوب لا تملك إلا اليقين، فدماء الشهداء ترسم كل الخرائط وكل الكلمات وكل خيبات عَجزِنا عن الوصول إليهم. غزة تُدرِك أن كل العالم المتمثل بأمريكا وأتباعها من الغرب والعرب أعطوا الضوء الأخضر لإسرائيل بالقتل والتدمير، ولكنها لا تكترث بكل الأضواء، ولا يعنيها سوى ذاك الشعاع الذي ينير ليل إسرائيل عند كل إنفجار للفرحة وكل وداع للهزيمة، ومن بين كل الأضواء يبقى ضوء الحرية غايتها. غزة اعتادت على خيبتها بالعرب ولن تستجدي أسلحتهم أو عطفهم أو دعمهم، يكفيها أن مصر بدأت تدق المسامير في نعش إتفاقيات السلام المُذلة بينها وبين إسرائيل، وليبقى رؤساء العرب في أحضان جميلتهم المدللة هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية، سفيرة وهم السلام والديمقراطية. قاومت غزة إذا، وللمقاومة بقية لا تكتمل إلا بتحرك الضفة وإيقاظ الأمان الذي نَعُمَ به الكيان الصهيوني، وكما توحدت الفصائل في غزة لتثبت أن غياب المقاومة هو سر انقسام الفلسطينيين، عليها أن تتوحد هنا في الضفة وتُرسل بانتصاراتها إلى أحضان ذلك النتن ياهو. المقاومة في الضفة سيكون لها وقع آخر وأشد إيلاما على إسرائيل، ففي قلب الضفة ينعم أعداء الحياة في مستوطناتهم وبذلك لو تم تفعيل المقاومة هنا في الضفة سيصابون بالدوار، وكما رحل المستوطنون من المغتصبات القريبة من غزة فسيرحلون من الضفة ويبدأ النصر، ولا ننسى قرب مدن الضفة من المدن المحتلة عام 48 وسهولة وصول الإستشهاديين إلى قلب الكيان الصهيوني الأمر الذي سيؤدي إلى خلخلة توازن إسرائيل وتخفيف الضغط عن غزة، فالإحتلال سيتشتت ولن يركز على قطاع غزة بالقصف والعدوان. أعلم أنكم ستصفون كلامي السابق بالخيال في ظل وجود سلطة التنسيق الأمني التي لطالما إفتخرت بإفشال عمليات المقاومة، ولكن التفكير بمثل هذا الأمر مجرد عبثية ويجب أن لا نكترث لهذا العائق، وإن لزم الأمر علينا محاربة كل جهة تعيق عمل المقاومة، فقد آن الأوان لننتفض والوقت في ضيافة الموت، وعلى سلطة أوسلو التنحي جانبا، يكفيها ما نهبته ودمرته، فلم تعد ظهور الفلسطينيين تحتمل أن تبقى سلالما يصعدون عليها لتنازلاتهم، ولن يظل شعبنا بالضفة مُكبل بالصمت وهم يسلمون بقايا الوطن للمُحتل كما يُسلم السمسار للمشترى "شقة سوبر ديلوكس". على السلطة أن تحذر من شعب أسكتتهُ بالخوف، ومن فكرة إجتمعت عليها ووضعتها بين فكي الإعتقال. أفواه الشعب لم تعد قابلة للمصادرة. أحذروا فالفكرة تَكبر فينا عند كل موعدٍ للذل، وذاكرة الفلسطيني غير مُعدة للنسيان، وحدنا مِن بين كل شعوب الأرض نعلم كيف نستل وجودنا من العَدم. في مُدننا النائمة أنفاس الحرية مُتقطعة، ولكن التحرك واجب لأجل فكرة نحن على يقين أنها تصنع كرامتنا وحريتنا. كُلما كبرنا عاما، تتسع مساحة الوطن فينا، وتقصُر المسافة إلى القدس، لن نحتاج لخارطة رسمَت لنا حدود "المُستحيل"، هُنا، أمام فوهة البنادق، يقتصر الحديث عن "الممكن". لِتنتفض الضفة والفجر ينير ليل إسرائيل.