حرب تموز ضدّ حزب اللّه وما شهدته من مجازر، ثمّ حرب غزة وما سجلته من مذابح، تلتها فضيحة الموساد واغتيال «المبحوح» بأرمادة من السفاحين وجوازات السّفر المزوّرة في قلب دبي، وأخيرا جريمة «مرمرا الزرقاء» في عرض المتوسط... كثرت خطايا إسرائيل التي لا تغتفر، وأخذ الحبل يضيق حول عنقها بعد أن بدأ العالم أجمع ينتفض ويدين جرائمها التي ترتكبها في كلّ مرّة عن سبق إصرار وترصّد ودون مبالاة بقداسة الرّوح البشرية ولا بالقانون أو الخطوط الحمراء...العالم أجمع إهتزّ لجريمة إسرائيل ضدّ قافلة الحريّة الإنسانية في المياه الدولية، بما فيه الحلفاء الذين أصدروا قبل قرن وعد بلفور وجسّدوه بتأسيس الكيان الصهيوني ليتخلّصوا من اليهود ويرتاحوا من وجع الرأس الذي يسبّبه الصّهاينة بمكائدهم التي لا تنتهي وظلوا أي الحلفاء طول العقود الماضية يمدّون هذا الكيان بالأموال في إطار تعويضات ما يعرف بالمحرقة ويبنون ترسانته النّووية ويسدّون بتواطئهم منافذ الشرعية والعدالة الدولية، أمام شكاوى ضحايا هذه الدولة العنصرية التي لا تستعرض عضلاتها إلا على النّساء والأطفال والعجزة والذين لا يحملون السّلاح، أمّا أمام رجال المقاومة البواسل، فقد شهدنا جنودها كيف يتحوّلون إلى نعاج مرتعدة تبحث عن أقرب ملجأ للإختباء والإحتماء... والمؤكد أن قراءة في تقرير «فينوغراد» الذي أكد فيه الإسرائيليون هزيمة جيشهم أمام حزب اللّه، يكشف خيبة الصّهاينة وجبنهم إذ أنّهم لم يقتلوا في جنوب لبنان في صائفة (2006) غير الأطفال والنساء والمدنيين العزّل تماما كما فعلوا في غزة في شتاء (2008)، وكما فعلوا مع نشطاء الحريّة وقبلهم «المبحوح». العالم أجمع، استنكر ما فعلته إسرائيل وحتى الذين يخشون البوح بالإستنكار والإدانة صراحة، فقد قالوها بطرق مختلفة، فأمريكا التي تتحمّل بالنظر إلى مكانتها الرياديّة في العالم وزر ما تقترفه إسرائيل قالت بأن حصار غزة لا يمكن أن يدوم وبأنّها تبحث إجراءات جديدة لتسليم مزيد من المساعدات لغزة، وبريطانيا صاحبة «وعد بلفور» المشؤوم التي تركت عام 1947 مكانها في فلسطين ليملأه الصهاينة، دعت إلى رفع الحصار وإلى ضرورة أن تصل المساعدات إلى غزة دون عقبات لإنهاء هذه الأزمة الإنسانية، بل وقرّرت منح هبة بقيمة 23 مليون أورو للاجئين في غزة، ونفس الموقف أبدته فرنسا وألمانيا وغيرهما من الدول الغنيّة والفقيرة، المتقدمة والمتخلفة... وهكذا أصبحت النداءات المطالبة برفع الحصار تتعالى من كل جانب لتجد إسرائيل نفسها أمام حصار غزة الذي يتفكّك وأمام الحبل الذي يضيق حول عنقها نتيجة شرّ أعمالها. والمؤكد أن أبواب الشرعية الدولية الموصدة في وجه الفلسطينيين ستنسفها الشرعية الحقيقية التي تفرضها شعوب المعمورة التي تهزّ الشوارع هنا وهناك مطالبة بوضع إسرائيل عند حدّها وبإحقاق الحقّ وإقرار العدالة دون تمييز... وقد وقفنا على إستقراءات للرأي، أكدت فيها شعوب أوروبا بأن أخطر دولة على السّلام العالمي هي إسرائيل... فمتى تتحرّك المؤسسات الدولية؟