يعرف الأطفال بتعلقهم السريع بكل ما يجلب انتباههم وليس من ملكهم ، فيرغبون بأخذه وامتلاكه مهما كلفهم ذلك، ولو تطلب منهم ذلك سرقته ، عن غير علم بقبح ذلك الفعل ، و يعتبر الأخصائيون النفسيون معظم حالات السرقة المتكررة عند الأطفال حالة مرضية تنقسم إلى مرحلتين، مرحلة ما قبل الدراسة ومرحلة بلوغ الطفل سن الدراسة ودخوله المدرسة . محمد بن حاحة ففي المرحلة الأولى، والتي يكون الطفل فيها صغيرا في سنه غير مميز للخطأ من الصواب وعدم تفريقه بين ما هو ملك له وما هو ملك للآخر، مستسلما لغريزة الأنانية وحب التملك ، معتقدا أن كل ما هو بيده فهو ملك له، ففي هذه الحالة يكون الأمر طبيعيا ولا يستدعي قلق الوالدين على سلوك ابنهما ويكفي توجيهه بالحوار مع التأكيد على اجتناب العقاب الجسدي أو اللفظي الذي قد يجرح الطفل ويؤثر عليه سلبيا، و على الأم أن تحث ابنها على ضرورة إرجاع ما أخذه لصاحبه و إن لم يفعل ذلك فإنها ستغضب عليه ولن تشتريه له في حين إذا استجاب لطلبها فستشتريه له عن قريب، ويمكنها الاستعانة بقصص الأطفال التي تبين عاقبة السارق وحب الله و الناس لذلك الشخص الأمين الذي يحرص دائما على رد الأشياء إلى أصحابها. وأما في المرحلة الثانية فيكون الطفل قد التحق فيها بمقاعد الدراسة ، إلا أنه لم يتخلص لغاية الآن من سلوك السرقة المشين وما زال يسرق أغراض زملائه بالقسم ويخفيها بأمكنة يستحيل على الكبار اكتشافها مع اصطحاب هذا الفعل بالكذب لينجو من العقاب، وهنا يترتب على الوالدين التصدي فورا لهذا الأمر ومن أجل التعرف على أساليب معالجة هذا النوع من السرقة بطريقة صحية، يجب عليهم التعرف على الأسباب المؤدية لالتصاق هذا الداء بابنهم. هناك عدة عوامل تدفع الأطفال للسرقة، من بين ما حدده الأخصائيون منها عدم تلقي الطفل ما يحتاجه من عطف و حنان أو شعوره بالحرمان المادي ، ما يدفعه للسرقة تعويضا عما ينقصه، وما قد ينقصه حقا هو التنشئة على أسس دينية صحيحة وصالحة تقيه هذا السلوك القبيح . وقد يسهم الدلال الزائد من طرف الأهل أو بالمقابل الشعور بالنقص و الحرمان إلى سرقة الطفل ما ليس له، بالإضافة إلى تأثره ببيئته السيئة في الشارع أو بأصدقاء السوء في المدرسة و بالخارج. رغم خطورة السرقة لدى الطفل، إلا أن معالجة الأمر لا تستدعي التوبيخ و التعنيف ، ما قد يغرس في نفسه أنه سارق بالفعل وبدل ذلك يجب توفير ما يحتاجه من عطف وحنان و عناية واهتمام، ومن جهة أخرى ما يلزمه من مأكل وملبس ومال من غير إفراط ولا تفريط. ويفترض على الوالدين اختيار أصدقاء ابنهم والتحري عن عائلاتهم و أخلاقهم ، دون أن يشعر الطفل بضغط المراقبة له و التضييق عليه، فإن وجد أن سلوكهم لا يصلح أن يكون بيئة صحية لابنهم ، فعليهم إفهامه برفق و عقلانية ، وإلا فسيخالف الأمر ، ويأتي بما هو أخطر ظنا أن والديه قد ظلموا أصدقاءه وحكموا عليهم دون معرفتهم حق المعرفة، وبالموازاة يجب عليهم شرح مبدأ أن ما هو لغيره لا يحق أن يكون ملكا له إلا بموافقتهم بعد استئذانهم فإن استمر على السرقة فيجب أخذه إلى الطبيب النفسي من فوره.