أجمع باحثون و سياسيون و رجال قانون،عشية الاحتفال بالذكرى ال 68 المخلدة لمجازر 8 ماي 1945 أن المجازر المرتكبة بسطيف وقالمة وخراطة لم تكن أحداثا فردية قام بها متعصبون فرنسيون، وإنما هي جرائم استعمارية تتوفر على كل الأوصاف التي حددها القانون الدولي، وأوضحوا أم الجرائم التي قام بها الإستعمار مازل الشعب الجزائري يعاني منها لحد الساعة خصوصا في الجنوب الجزائري. وأوضح المدير العام للأرشيف الوطني، عبد المجيد شيخي، أمس، في الندوة التي نشطها برفقة شخصيات وطنية و أساتذة و طلبة بمنتدى المجاهد، لإحياء ذكرى المجاهد ورئيس مجلس الأمة الأسبق، بشير بومعزة، أن المقاومة الجزائرية للمستعمر التي دامت أكثر من قرن كامل لم تمنعهم من المطالبة بحقهم و المواصلة في النضال، مشيرا إلى أن ثورة نوفمبر لم تتوقف عند وراثة تلك الروح المعادية للاستعمار ولكنها جددت وبنفس العقلية، كما استفادت الثورة من تجارب الحركة الوطنية من خلال مؤتمر الصومام وبقيت على تلك الروح التكاملية حتى بعد الاستقلال، وأكد في ذات الندوة والتي أعطى فيها قراءة لمختلف مراحل الثورة الجزائرية وكيفية استفادة كل مرحلة من التجارب السابقة أن الموروث والمبتكر في ثورة أول نوفمبر لا يزال ساري إلى يومنا هذا و لازلت الدول تعتبر من الجزائر و تقتدي بنضالاتها، وأعطى عبد المجيد شيخي في محاضرته المشهد الإجتماعي والسياسي العام في الفترة التاريخية التي سبقت تلك الأحداث، حيث انطلق المحاضر من تساؤل جوهري حول القمع والوحشية التي مورست في تلك المجازر، كما قدم شيخي الجوانب التي تدين فرنسا في تلك الأحداث منها الإصرار والترصد والإعداد للجريمة والقصد الجنائي الذي لخصه في كلام الفرنسيين، و دعا شيخي الشباب الجزائري والأجيال الصاعدة إلى الإقتداء بمجاهدي و شهداء الأمس للمضي قدما في تشيد الوطن و حمايته من أي خطر خارجي، كما شدد على ضرورة زيارة الأرشيف الوطني المملوء بالأدلة الملموسة و القاطعة و التي تأكد نضالات المجاهدين و الشهداء. من جانبه، قدم أحد مؤسسي جمعية 8 ماي 1945، مخلوفي عوني، محاضرة تحدث فيها عن الذاكرةو الثورية و التاريخ الجزائري و جمعية 8 ماي التي أسست بفضل المرحوم بشير بومعزة، و كشف أنها أنشئت في التسعينات و كان مقر تأسيسها في مدينة خراطة في 1990، مضيفا أنه كانت للمجاهد والمناضل نظرة خاصة في هذا الموضوع لأن تحليل مجازر 8 ماي هو جريمة ضد الإنسانية جمعاء و ارتكب هذه الجريمة قوات الجيش الفرنسي و المعمرين و اشترك معهم الدرك الفرنسي و الشرطة و بذلك عاثوا فسادا في خلق الله و حتى تلك الإدارة الاستعمارية الحقيرة فقد وافقتهم على ذلك و نفذت المجازر في حق الجزائريين العزل البسطاء، و قال في ذات الشأن:" كل هؤلاء قاموا بهذه الجريمة المخزية التي راح حصيلتها 45 ألف ضحية"، و في سياق متصل شدد المجاهد على ضرورة الدفاع عن الذاكرة التي تعتبر الهدف المسطر الأول حسب الشيخ بومعزة و حسب المجاهدين، مشيرا إلى حق المتابعة القضائية ضد الناس الذين قاموا بهذه المجازر و ضد تلك الدولة التي كانت قوية و هجمت على شعب ضعيف و قال :" لما نحرق الناس أحياء فهذا جريمة، لما شعب عزل تضربه بالنابلم و ترميه في الوديان و ترميه بالرصاص فهذا جريمة، لما تقتل الأطفال و النساء و الرضع فهذا جريمة، و هؤلاء المساكين كانوا عزلا لم يرفعوا السلاح في وجه فرنسا بل الكثير منهم حارب من أجلها في الحرب العالمية لتنال استقلالها". و للإشارة، عرض المحاضرون من سياسين و رجال قانون نبذة عن حياة المجاهد و أحد ؤسسي جمعية 8 ماي 1945 بشير بومعزة، الذي ولد في 27 نوفمبر 1927 في خراطة، و توفي في6 نوفمبر 2009 في لوزان، بدأ نضاله في سن مبكرا في حزب الشعب الجزائري، فضل الالتحاق بجبهة التحرير الوطني الجزائرية منذ تأسيسها، بعد يوم واحد من اندلاع الثورة الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 أُلقي القبض عليه من طرف الاستعمار الفرنسي وكان ذلك في 2 نوفمبر وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية إلى غاية عام 1956 أين تم الإفراج عليه، وسافر بعدها إلى فرنسا وهناك أسس لجان مساندة المساجين السياسيين، لكن تم القبض عليه من جديد في 13 ديسمبر 1958 وسُجن في سجن فران، لكنه استطاع الهرب منه في 21 أكتوبر 1961، بطريقة ذكية وعجيبة، أثارت اهتمام وسائل الإعلام الفرنسية آنذاك واتجه إلى ألمانيا، بعد استقلال الجزائر عام 1962 شغل بومعزة عدة مناصب وزارية في حكومة الرئيس الجزائري السابق أحمد بن بلة، منها وزير العمل، ثم وزير الاقتصاد الوطني، فوزير الصناعة والطاقة. بشرى.س