باحثون يدعون عائلة بومعزة لتقديم وثائقه من أجل كتابة التاريخ أكد أمس الأربعاء بالجزائر مجاهدون وباحثون في التاريخ أن المجاهد الفقيد بشير بومعزة الذي وافته المنية في نوفمبر الماضي يعد "ثمرة طيبة من ثمار الحركة الوطنية والثورة التحريرية. وأكد هؤلاء المجاهدون والمؤرخون خلال حفل تأبيني للفقيد بمناسبة أربعينيته نظمه المركز الوطني للبحوث والدراسات التاريخية أن المجاهد كان مناضلا صلبا حمل حب وطنه منذ نعومة أظافره خصوصا بعد معايشته لأحداث الثامن من ماي 1945 في مسقط رأسه خراطة. وفي هذا الشأن أوضح وزير المجاهدين محمد الشريف عباس أن تكريم أول رئيس لمجلس الأمة "إنما هو تقدير وعرفان لجيل كامل من المناضلين والمكافحين والصامدين الثابتين على الخط. ومن جانبه استعرض الصحفي و المؤرخ محمد عباس مختلف مراحل طفولة الفقيد الذي "تأثر أيما تأثر" بأحداث الثامن من ماي 1945 التي رسخت قناعاته الثورية وصقلت حبه وإيمانه بعدالة قضية وطنه فكانت تلك هي الشرارة التي أشعلت في نفسه منذ نعومة أظافره حب الوطن وبغض المستعمر. وأشار إلى أن "الراحل كان من رعيل الوطنيين الرواد تنبه وعيه مبكرا للاحتلال وظلمه للشعب الجزائري فانخرط في الحركة الوطنية وأدى أعمالا جليلة بتوعيته أبناء شعبه داخل الوطن وخارجه إلى أن اندلعت ثورة نوفمبر المباركة فكان من السباقين للالتحاق بها كمناضل ومؤطر وقائد". وتأسف المحاضر على أن "القدر لم يمنح الفقيد المخضرم فرصة لكتابة مذكراته والإدلاء بشهاداته عن فترات لا زالت غامضة في تاريخ الجزائر قبل وأثناء وبعد الثورة" حيث كان جزءا هاما وفعالا من هذا التاريخ وعايش مختلف المراحل والأزمات العصيبة التي مرت بها البلاد. أما المجاهد والمحامي ووزير العدل الأسبق السيد عمار بن تومي فقد ركز على دور الفقيد في الدفاع إبان الثورة عن الجزائريين في فرنسا واوروبا حيث أسس بمعية ثلاثة محامين في فرنسا هيئة المحامين الجزائريين أوكلت لها مهمة الدفاع عن الجزائريين المسجونين لمساندتهم للثورة. ونظرا لفعالية ونجاعة هذه الهيئة في الدفاع عن المتهمين ببراعة وعدالة القضية التي سجنوا بسببها فقد توسعت هذه الحلقة --حسب السيد بن تومي—لتشمل 82 محاميا جزائريا وفرنسيا وبلجيكيا تجندوا جميعا للدفاع عن أبناء الجزائر. كما تمكن الفقيد بفضل حنكته وقدرته التنظيمية العالية -- يقول المتحدث-- "من الإسهام في نقل كفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار من الجزائر إلى داخل فرنسا من خلال نشاطه في فيدرالية فرنسا التي كان مهندس إنشائها وتنظيمها قبل اعتقاله والزج به في سجون المستعمر ثم هروبه منها بعد تنكره في ثوب كاهن وذلك في واقعة حيرت سجانيه. ومن جانبه أكد السيد جمال يحياوي من المركز الوطني للبحوث والدراسات التاريخية أن مهام بشير بومعزة لم تثنه عن أداء واجب النضال في المجتمع المدني من خلال تأسيسه وإشرافه على جمعية وطنية تدافع عن حق الشعب الجزائري فيما كابده وقاساه من جرائم ضد الإنسانية على أيدي زبانية القتل والإبادة في مجازر ماي 1945 مرسيا بذلك "لبنة هامة في صرح حماية الذاكرة الجماعية للأمة ضد النسيان والتلف" فضلا عن "مواقفه الصريحة" في الدفاع عن القضايا العادلة للأمة العربية. ونادى السيد يحياوي عائلة الفقيد بضرورة تقديم الوثائق التي كان يمتلكها حتى يتمكن المؤرخون والباحثون من كتابة سيرته بكل صدق ومعها تاريخ الجزائر. كما طالب أيضا الطلبة --خاصة منهم طلبة قسم التاريخ-- بالمساهمة في كتابة هذا التاريخ عبر تخصيص رسائلهم الجامعية لمواضيع تتعلق بأعلام مثل بشير بومعزة.