توفيت المجاهدة الكبيرة نسيمة حبلال زوجة المجاهد المرحوم بن مقدم , أمس الثلاثاء بمقر سكناها الكائن بمركز التكوين المهني و التمهين ببئر خادم بالعاصمة عن عمر يناهز 85 سنة. ولدت المرحومة نسيمة حبلال و المدعوة ب " خالتي ميمي" سنة 1928 ببلدية قرومة ضواحي مدينة الأخضرية بولاية البويرة و بدأت نضالها السياسي سنة 1944 بعد أن قدمت إلى العاصمة و مكثت ببراقي لسنوات أين عرفت العديد من الثوار من بينهم المرحوم عبان رمضان التي أصبحت سكرتيرته بعد ذلك و الشهيد العربي بن مهيدي الذي شهدت عملية اغتياله من طرف المستعمر الفرنسي و هو ما قالته لنا المرحومة في تسجيل خاص لنا قبل أسابيع , و الشهيد سي الحواس و آخرون , حيث كان بيتها ببراقي ملجأ للمجاهدين و مكان تخطيط لمستقبل الثورة لتصبح فيما بعد عون ربط لعبان رمضان مع عيسات ايدير و امتدت نشاطاتها على مستوى شبكات للعلاج و التلقيح و محو الأمية لدى عائلات جزائرية فقيرة قبل اندلاع ثورة 1954. و كانت من المناضلات الرائدات في الحركة الوطنية حيث كانت تنشط على مستوى خلايا المنظمة النسوية لحزب الشعب. علاقتها المتميزة بالشهيد عبان رمضان جعلها محل ثقة هذا الثوري الفذ و هو ما جعله يختارها لتكون سكرتيرته الخاصة و كلفها بتولي ملف الدعاية, حيث كانت ترقن المناشير في بيتها و تسحبها لدى الأوروبيين الذين كانوا يساندون جبهة التحرير الوطني. كما كانت المرحومة نسيمة حبلال عضو دائم في الاتحاد العام للعمال الجزائريين و رقنت السبعة أعداد الأولى لصحيفة "المجاهد" و كذا صحيفة الهيئة النقابية "العامل الجزائري". و نظرا لحسن تدبرها و مستواها السياسي و الثقافي و حسها الثوري و الثقة الكبيرة التي كانت تعطى لها , اختارت جبهة التحرير الوطني منزلها كمقر للاجتماع و الاتصال مع عبان رمضان. اعتقلت في العديد من المرات و لكن علاقتها الجيدة مع بعض الفرنسيين المساندين للقضية الجزائرية تجعلها في العديد من المرات تغادر السجن كما روته لنا المرحومة قبل وفاتها. اعتقلت آخر مرة يوم 21 فيفري 1957 و تعرضت لأبشع التعذيب بفيلا سيزوني و سجن الحراش و نقلت إلى سجن تولون بفرنسا أين تم إطلاق سراحها بقرار رئاسي أمضاه الجنرال ديغول , لتعود إلى الجزائر بعد رحلة طويلة و شاقة من فرنسا , ألمانيا , ايطالياتونس و الجزائر . كانت المرحومة تتقن خمسة لغات و اشتغلت قبل تقاعدها كمدرسة و مديرة لمركز التكوين المهني و التمهين ببئر خادم , و عانت الويلات بهذا المركز و خاصة بعد وفاة إبنها الوحيد سنة 2011 .. حيث وجدناها في آخر زيارة لنا لبيتها في حالة يرثى لها من جراء المرض, الفقر , لا مبالاة أهلها و جيرانها و لم يعد يزرها و لا مسؤول محلي أو من الهيئات . و قد شيع جثمان الفقيدة مساء أمس بعد صلاة العصر بمقبرة السحاولة في غياب كلي لأهلها و منظمة المجاهدين و لم يحضر إلا بضع أفراد من جيرانها و أحبابها , رغم أن الفقيدة كانت من أكبر مجاهدات جيلها و أولهن في النضال و لها كنوز من أسرار ثورة التحرير و روادها بدءا من الزعماء 22 أو مهندسي مؤتمر الصومام التي حضرت له رفقة الشهيد عبان رمضان.