على الرغم من التطوّرات التي عرفها ميدان الإعلام من وسائل دائمة التطوّر، لا يزال المذياع بالنسبة للكثير من الناس، الوسيلة الأمتع و الأفضل على الإطلاق . محمد بن حاحة من بين الفئات التي تعلقت بصفة غير طبيعية بالراديو، الجزائريون، فال "البوسط"، كما يسموّنه باللفظ العامي المأخوذ من اللغة الفرنسية، كان بالنسبة لأجدادنا ذو أهمية قصوى، خصوصا في الحقبة الإستعمارية، حيث كان يوفيهم بالأخبار المتعلقة بالثوار و المجاهدين الأبطال، ثم صار بعدها أنيسا للمرأة في وحدتها ببيتها ،وللحرفي في ورشته و الشاب في سهرته، بل يوجد الآن من الناس من لا يقودسيارته إلا بعد تشغيل مذياعه على محطة من المحطات الإذاعية . وقصد التعرّف أكثر على مدى تعلق الجزائريين بالاستماع إلى المذياع، رصدت "الجزائرالجديدة" بعض آراء المواطنين حول هذه الوسيلة التكنولوجية التي لا تزال قائمة رغم الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم أجمع . الراديو يلبي هوايات الجزائري يميل الجزائريون إلى المذياع كوسيلة إعلامية ، لأنهم يجدون فيها كل ما ترتاح له نفوسهم و تميل إليه رغباتهم وهواياتهم، فسواء كانت حاجتهم إلى الثقافة العامة أو الأخبار الدولية والوطنية أو تعلم اللغة ، و حتى الترفيه من رياضة وموسيقى من مختلف البلدان و الثقافات و الأنواع والأذواق ، و هذا ما قد لا يجدونه في غيره من الوسائل. يقول "سيدعلي"، 31 سنة، " أشغل المذياع في السيارة كل صباح عند ذهابي للعمل ، كي أتابع الأخبار السياسية ، وأما في طريق العودة فأنصت للأخبار الرياضية". ويرى "سليم"، 42 سنة، أن " ما يميز المذياع عن غيره من وسائل الإعلام ، هو إمكانية نقله وأخذه حيث ما شئت وتنقلت، خاصة مع ظهور المذياع صغير الحجم، وهو زهيد الثمن ،في حين أن بقية وسائل الإعلام باهظة الثمن وأغلبها كبيرة الحجم وغير قابلة للنقل ،ويستحيل استخدامها بمجرد انقطاع الكهرباء، وهذا ما يجعل الناس أوفياء للمذياع ، حتى أن الكثير من الهواتف النقالة مزوّدة بخدمة الإنصات للمذياع " . ول"سميحة"، 25 سنة، جامعية، دواعيها الخاصة في اللجوء إلى الراديو أكثر من بقية الوسائل، إذ تقول أن " البرامج الإذاعية هي الأليق للمرأة الجزائرية ، وخاصة الماكثة بالبيت، فبرامج الإذاعات أكثر تنوّعا وفرجة من التلفزيون مثلا ، الذي تكثر فيه الأخبار ومباريات كرة القدم ،حتى صارت المرأة محتقرة من طرف بعض القنوات التلفزيونية ، التي لا توسع اهتماماتها ". فيما يرى "فريد"، 27 سنة، طالب جامعي، أنه "لو لم يكن للمذياع مميزاته الفريدة عن بقية وسائل الإعلام والإتصال لما أدمجته ضمنها ، رغم توفرها على أحدث الخدمات الإعلامية ، ففي الإنترنت يمكنك الاستماع إلى سائر إذاعات العالم ، وفي الفضائيات كذلك، و في الهواتف النقالة ، فلا تخلو وسيلة منها ولا تتخلى عنها ، وهذا يدل على أهميتها حتى في عصر التطوّر هذا ". ولقد اثبت المذياع جدارته و ضمن بقاءه رغم التطور التكنولوجي ، في وقت يكثر فيه الحديث عن تهديد وسائل الإعلام و الاتصال الحديثة لأخرى يرى الكثير قروب زوالها بشكل تدريجي . محمد بن حاحة