تستعد جامعة تبسة، في شهر نوفمبر القادم و تحديدا يومي 18 و 19، إلى احتضان أشغال الملتقى الدولي الأول حول التراث والحداثة في التفكير اللساني، تحت شعار "التفكير اللساني و النظرية النقدية المعاصرة...من هاجس التأصيل إلى كشوفات الحداثة البعدية". يأتي هذا الملتقى حسب منظمه بهدف تكريس و إبراز أهمية التفكير اللساني الذي يبنى عليه الفكر النقدي تحديدا في مقاربته للنصوص سوء كانت علمية أو أدبية ، لذلك يعد من أهم المرجعيات والمنشأ الأول لكل ممارسة نقدية، و يضيف المنظمين أن التفكير اللساني له دوره أساسي في توجيه المقولات النقدية والجهاز المفاهيمي نحو رؤية نقدية بعينها. كما سيتم خلال الملتقى مناقشة العديد من القضايا المنهجية المتعلقة بمسألة المقايسة مع النظرية النقدية الغربية، ليتمثل نموذج الآخر النقدي يفترض بالضرورة تمثل تحولاته من المعطى اللساني إلى إنتاج المفاهيم وسبك الإصلاحات، وصولا في الأخير إلى صياغة النظرية النقدية. و عن اختيار موضوع يضيف ذات المصدر أن حاجة الثقافة العربية إلى تجديد المخزون التراثي الأصيل،الذي بات أكثر من ضرورة أمام ما يشهده العالم من تطور معرفي تداخلت فيها المجالات الفكرية وعبرت من طريقها المعرفة حدود التخصصات العلمية،هو السبب الأول في لجوء النقاد و اللسانيون و حتى المفكرون إلى خوض غمار هذا المنعطف التاريخي في المعرفة الإنسانية، ومحاولة لجمع أهم منجزات الثقافة الحديثة في تطوير اللغة العربية سوء كان ذلك معجما أو لسانا و حتى ترجمة. و أضاف المصدر أن تحديث التفكير اللساني و أبجديات النظرية لا يكون فقط بالعودة إلى الشعارات ، و إنما يتحقق من خلال إعادة قراءة التراث في إطار المشروطية التاريخية و إعمال نقدي واعي بشروط سياقات التلقي. مؤكدين في ذات السياق أن المشروطية التاريخية في قراءة التراث تفترض الوعي الفاحص عند تمثل التفكير اللساني المعاصر في علاقته بالمرجعيات العامة للثقافة الغربية، و هذا ما سيكون موضوع نقاش الأساتذة و الباحثين في هذا الملتقى الذي سيدوم على مدار يومين و سيتم الإجابة عليه من خلال أربعة محاور . المحور الأول سيناقش موضوع "الثقافة العربية الإسلامية والتفكير اللساني''، الذي سيندرج ضمنه عدة عناوين نذكر منها ''كتاب سيبويه والدرس اللساني''، أي الممارسة الخطابية في التراث، بالإضافة إلى موضوع ''التفكير البلاغي والأسلوبيات الحديثة، الصوتيات العربية، والصوتيات الحديثة''. أما المحور الثاني و المعنون ب''الأصول التراثية للسانيات المعاصرة''، سيتم من خلال الحديث عن التأصيل اللساني في كتابات عبد الرحمن الحاج صالح، والدرس الأسلوبي في مؤلفات عبد السلام المسدي، بالإضافة إلى إعادة قراءة النحو العربي عند المحدثين من العرب وعلم اللسان الحديث واللغة العربية. هذا و سيتناول المحور الثالث ''التفكير اللساني والنظرية النقدية المعاصرة'' وفيه أيضا سيدور النقاش حول الروافد اللسانية للنقد البنيوي، و حول المفاهيم اللسانية السويسرية واستراتيجية التفكيك، اللسانيات وتحليل الخطاب، واللسانيات المعلوماتية والخطاب الفائق. و في المحور الأخير فسيتم فقح النقاش حول''الفكر اللساني المعاصر والهوية الثقافية''، و سيركز من خلاله على صناعة المعجم بين التراث والحداثة، والمصطلح اللساني العربي بين مشروعية السبك وشرعية التداول، بالإضافة إلى الحديث عن المناهج النقدية المعاصرة وإشكالية التحيز و معالم الهوية الثقافية في برامج التعليم، كذلك سيهتم المحور بالحديث عن أهمية الترجمة في حوار الثقافات وتعلم اللغات وتفاعليها مع قضايا الأمة و المجتمع. كما سيتم خلال الملتقى تنظيم وراشات تكوينية تكون تحت إشراف الأساتذة المشاركين ، و ذلك بكلية الآداب و اللغات و العلوم الاجتماعية بذات الجامعة.