أحدث قرار وزارة الداخلية الترخيص بعقد دورة للجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، استنفارا في أوساط الحزب، حيث التقى مساء أمس العديد من رؤوس الأفلان في المقر المركزي بحيدرة، لدراسة هذا الطارئ الذي أربك الجميع. وكان وزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، قد أكد الخميس، على هامش زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال للمسيلة، أن مصالحه سلمت ترخيصا بعقد دورة للجنة المركزية لانتخاب خليفة الأمين العام الذي سحبت منه الثقة، عبد العزيز بلخادم، في نهاية جانفي المنصرم، وأوضح أن الترخيص سلم بناء على الطلب الذي تقدم به، أحمد بومهدي، أمين محافظة سيدي محمد بالعاصمة، في الأسبوع الأخير من شهر جويلية المنصرم. ومعلوم أن بومهدي ومحمد عليوي والطاهر خاوة، كانوا قد أكدوا بأنهم جمعوا النصاب المطلوب لعقد الدورة، وتحدثوا خلالها عن أكثر من 200 توقيع من أعضاء اللجنة المركزية، غير أن خصومهم ومنهم عبد الكريم عبادة ومحمد الصغير قارة، ومحمد بورزام وعبد الرحمن بلعياط، شككوا في ذلك الرقم. وبترخيص وزارة الداخلية لبومهدي بعقد دورة اللجنة المركزية، يكون منسق المكتب السياسي، عبد الرحمن بلعياط قد أصبح خارج اللعبة وتأكد خسرانه للرهان، وهو الذي ظل لوقت طويل يؤكد أنه هو المخول بالدعوة لعقد الدورة، وبالمقابل بروز قطب جديد قادر على صناعة التوجه داخل اللجنة المركزية. غير أن السؤال الذي يفرض نفسه هنا، هو، هل شارفت الأزمة التي يعاني منها الحزب العتيد على الانتهاء؟ ولماذا رخصت الداخلية بناء على طلب أحمد بومهدي؟ ومن يكون هذا الرجل اللغز الذي يوصف بامبراطور الأفلان في قلب العاصمة؟ وعلى من يراهن في سباق الأمانة العامة؟ سطع نجم أحمد بومهدي مباشرة بعد سحب الثقة من الأمين العام السابق، حيث وبعد شغور منصب الرجل الأول في الحزب، تم انتخاب الرجل ليتولى رئاسة مكتب الدورة الذي استكمل الأشغال إلى غاية غلق الدورة أو رفعها، لأن هناك تضارب بهذا الشأن، وذلك بعد أن نال أحمد بومهدي أغلبية أعضاء اللجنة في الانتخاب الذي أجري. ومنذ ذلك الحين طرح الرجل نفسه على أنه الأحق بتسيير شؤون الحزب بدلا من عبد الرحمن بلعياط، الذي قيل إن قيادته للحزب تحت مسمى منسق المكتب السياسي باعتباره الأكبر سنا، باطل، لأن المكتب السياسي يعتبر محلولا تلقائيا بمجرد سحب الثقة من الأمين العام الذي عرض أعضاء المكتب للتزكية وليس للتصويت. كما أن تقدم أحمد بومهدي بطلب الترخيص لدى وزارة الداخلية، فهذا يعني أن الاسم الذي سيدفع به في انتخابات الأمين العام جاهز أيضا، فمن يكون؟ أو بمعنى هل سيترشح بومهدي، أم أنه سيدفع باسم قادر على المنافسة؟ العرفون بشخصية أحمد بومهدي يؤكدون أنه لا يحب الأضواء، ويهوى العمل في الكواليس، ومن ثم فهم يؤكدون أن الرجل سوف لن يترشح، لكنه سيدفع باسم قادر على سحق خصومه، فمن يكون ياترى؟ قبل اندلاع الأزمة التي هبت على الحزب، كان أحمد بومهدي من الرجال المحسوبين على رئيس المجلس الشعبي الوطني السابق، عبد العزيز زياري، غير أن تضعضع قورة زياري منذ منعه من الترشح في التشريعيات الأخيرة، وما تبعها من خروج مهين للرجل من رئاسة الغرفة السفلى للبرلمان، وتحوله إلى الصف الثالث للوزراء عندما ينزلون ضيوفا على محمد العربي ولد خليفة، غير أحمد بومهدي وجهته بإحكام، وبات من مناصري، عمار سعداني، الرئيس الأسبق للمجلس الشعبي الوطني. ومعروف أن سعداني يلقى دعما قويا لدى رجال الأعمال في الحزب، كما لا يجد معارضة من عبد العزيز بلخادم لخلافته، وهذا أمر على قدر كبير من الأهمية، لأن الكتلة التي كانت تدعم بلخادم لم تتفتت، في حين أن خصوم الأمين العام السابق، ما كان يجمعهم هو تنحية بلخادم وفقط. فهل يمكن القول إن سعداني هو الأمين العام المقبل للأفلان، سؤال ستجيب عليه الأيام القليلة المقبلة.