انتقل الصراع من جديد في بيت جبهة التحرير الوطني إلى وزارة الداخلية التي تلقت طلبا جديدا من مجموعة أحمد بومهدي من أجل الحصول على ترخيص بعقد الدورة الطارئة للجنة المركزية وانتخاب أمين عام جدد للحزب، ويستند هؤلاء في طلبهم على أساس أنهم يمثلون مكتب الدورة الأخيرة لأعلى هيئة بين مؤتمرين. أودع رئيس مكتب الدورة الأخيرة للجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني، أحمد بومهدي، طلبا جديدا لدى مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية من أجل تذكيرها بطلب سابق تقدّم به قصد الحصول على ترخيص منها بتجاوز منسق المكتب السياسي عبد الرحمان بلعياط ومساعده عبد القادر زحالي لعقد الدورة الطارئة لهذه الهيئة، ويتمسّك بومهدي ب "الشرعية" باعتباره كان يشغل منصب رئيس مكتب الدورة الأخيرة للجنة المركزية المنعقدة أيام 31 جانفي و1 و2 فيفري من هذا العام والتي انتهت بسحب الثقة من العام السابق عبد العزيز بلخادم. وصرّح عضو في اللجنة المركزية للحزب بأنه "تقدّمنا بطلب جديد إلى وزارة الداخلية منذ بضعة أيام موقع من طرف رئيس مكتب دورة اللجنة المركزية ونحن الآن بصدد انتظار ردّ منها"، وأضاف القيادي في تصريحات نقلها عنه الموقع الإخباري "كل شيء عن الجزائر" بأنهم "متفائلون بحصولنا على ردّ إيجابي وسريع من مصالح الوزير دحو ولد قابلية"، ويستعجل أحمد بومهدي الذي يقود التيار الثالث المسمى ب "المركزيين" انتخاب خليفة بلخادم لتجاوز الأزمة التي يمرّ بها الحزب منذ المؤتمر الأخير في 2010. وأكثر من ذلك يقتنع هذا التيار الذي يتقاطع في بعض من مطالبه مع جناح التقويميين الذي يقوده عبد الكريم عبادة، بأنه صاحب الشرعية والجهة الوحيدة التي تملك الحق والشرعية في استدعاء دورة اللجنة المركزية، ويقصد بذلك مكتب آخر دورة الذي يرأسه بومهدي، وينفي هؤلاء أن يكون ذلك من صلاحيات منسق المكتب السياسي عبد الرحمان بلعياط الذي يدافع بدوره عن شرعيته بمقتضى القانون الأساسي والنظام الداخلي للحزب. لكن لا يبدو أن وزارة الداخلية ستتعاطى بشكل إيجابي مع طلب أحمد بومهدي خصوصا وأن أزمة الحزب العتيد أكبر من أن تكون أزمة حزب، وهناك مؤشرات على أن دحو ولد قابلية لن يقع في فخ الصراع وهو الذي تجاهل الطلب الأوّل ل "المركزيين"، زيادة على أن عبد الرحمان بلعياط يستند على مبرّرات قانونية تتمثل في أن "مكتب الدورة انتهت مهمته بمجرّد انتهاء الدورة"، أي أن دورة أواخر شهر جانفي من هذا العام "تمّ إغلاقها ولم يعد هناك ما يسمى بمكتب الدورة"، وهو أمر ينفيه بومهدي وجماعته الذين يعتبرون بأن الدورة الأخيرة لا تزال مفتوحة ما دام لم ينتخب أمين عام جديد. لكن المشكلة في جبهة التحرير الوطني تكمن في أن الأجنحة المعارضة لسياسة منسق المكتب السياسي لم تتمكن من الالتقاء على طاولة واحدة بسبب الحساسيات، وهو الوضع الذي استفاد منه عبد الرحمان بلعياط الذي تمكّن من الصمود لستة أشهر، بل إنّ بعض الأطراف تذهب إلى حدّ توقع استمراره في تسيير "الأفلان" لفترة أطول قد تصل إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية وحينها سيتمّ استدعاء المؤتمر الاستثنائي، وهذا من بين السيناريوهات الأقرب للتجسيد بناء على المعطيات الحالية التي تسود الحزب العتيد. وهناك عامل آخر يتعلق بموقف وزراء الحزب الأعضاء في المكتب السياسي الذين يعارضون تحرّكات بومهدي وعبادة، وهم يشكلون ورقة ضغط إضافية في اتجاه تعطيل انعقاد الدورة الطارئة لأعلى هيئة بين مؤتمرين، بالإضافة إلى أزمة تجديد الهياكل التي وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض تعيينات عبد الرحمان بلعياط الذي يواجه حملة معارضة شرسة من كل الجهات لكنه مع ذلك يبقى صامدا أمام هذه الهزّات المتتالية في انتظار ما ستقرّره وزارة الداخلية في الأسابيع القليلة المقبلة.