عن الفن تقول، هو رسالة المشاعر و الأفكار، وعن التمثيل تؤكد أنه تلك الروح التي لابد من الشعور بها عند تقمص أي دور، و عن الدور تقول هو الإحساس بتلك الشخصية و كأنها حقيقة. هي الفنانة ريم تاكوشت خريجة المعهد العالي للفنون الدرامية، صاحبة مختلف الأدوار التراجيدية والكوميدية، سمحت لها أعمالها الدرامية بالتلفزيون بالشهرة أكثر و قربتها من الجمهورالذي عرفها كذلك من خلال الأفلام السينمائية، لتقوم مؤخرا بتزويد تجربتها الفنية بدخول عالم الإخراج ، حيث قامت بإخراج مسرحية للكبار بعنوان "لحراير دوت كوم". في لقاء اجتمعت "الجزائر الجديدة" بالفنانة ريم تاكوشت و كان معها هذا الحوار. تمر 15 سنة على عمر ريم تاكوشت الفني، هي مسيرة طويلة كيف عاشت ريم هذه التجربة؟ ربما كان قدري منذ البداية أن ألج عالم الفن و أنا صغيرة، فقد كبرت على الوزن و الإيقاع لأني مارست فن الأندلس و عمري ثماني سنوات، توقفت عن دراسة الحقوق لأكمل مشواري مع الفن عندما توجهت لاختصاص الموسيقى، و هنا كانت الصدفة وولوج تجربة التمثيل عندما كان المعهد العالي للفنون الدرامية بحاجة لأحد الأدوار في مسرحية بأحد امتحانات طلبة المعهد، فوقع الاختيار على ريم تاكوشت التي مثلت بحضور الجمهور و كأنها لم تبرح الركح مرة، و كانت الخطوة التي غيرت اتجاهي بتشجيع من الأساتذة. هل أنت راضية عن أعمالك؟ الحمد لله، رغم خرجاتي القلائل، لكن أحرص على أن اعمل الدور و أنا مرتاحة، أبحث دائما عن تلك الروح في كل دور الذي أمثله بكل جوارحي، الأمر الذي يجعلني سعيدة، و الجمهور وحده من يحكم على أعمالي التي نالت جميعها جوائز وطنية و عالمية على غرار مونودرام "السواد في أمل" التي نلت من خلالها جائزة أحسن عرض بتونس، و أحسن دور نسائي في الدورة الأولى لمهرجان الإنتاج المسرحي النسوي بعنابة، و غيرها من الجوائز التي حصدتها عن أعمالي منذ بداياتي؟ كيف كانت هذه البداية؟ كانت مع المسرح عند إعادة فتحه ، وتحديدا في مسرحية "الجثة المطوقة" لكاتب ياسين، وقتها كان لي الشرف بالتعامل مع عديد القامات المسرحية، منها نحو التلفزيون عندما التقيت مسعود العايب الذي عرض لي دور "حنان امرأة" لتبدأ الانطلاقة السينمائية و التلفزيونية عبر العديد من الأفلام و المسلسلات الدرامية، على غرار "العائشات"، مسلسل "ظل الورود" "مسخرة"، مسلسل "أسرار الماضي" في رمضان الفارط، و غيرها من الأعمال التي كانت بالموازاة مع عروض مسرحية، كمونولوج "زبيدة الزف"، عرض "الشهداء يعودون هذا الأسبوع"، "السواد في أمل"، مساعدة إخراج في "وزير و ربي كبير"، لتكون مسرحية لحراير دوت كوم التي شاركت بها في الدورة الثالثة لمهرجان الإنتاج المسرحي النسوي أول تجربة في الإخراج. كيف خضت التجربة الجديدة هذه؟ منذ زمن و أنا متخوفة من مسؤولية الإخراج رغم إلحاح الكثيرين بدخولها ، على غرار لطفي بن سبع الذي كان في كل مرة يبعث لي بنصوص مسرحية، إلى أن التقيت بنص طارق عشبة الذي يحمل في طياته شيئا مميزا يمكن إفادة الجمهور منه ، حينها وافقت على الأمر و خضت التجربة مع ممثلين من أم البواقي، فكان العمل رائعا ، تلذذت و استمتعت به و ارتحت له نفسيا ، أحسست في البداية بالقلق، لكن سرعان ما ارتحت لحظة جلوسي مع الجمهور كمتفرجة و أنا ألاحظ كيف كان استقبال الجمهور له، كانت تجربة رائعة، شاركت بها هذه المرة في المهرجان الوطني للإنتاج المسرحي النسوي، ليس بنية الربح لكن من أجل تقديم عمل نوعي، هذا ما أحرص عليه سواء في المسرح الذي برهن لي أن أكون أو لا أكون، التلفزيون الذي يحملني في كل مرة مسؤولية دخول بيوت العائلات و ضرورة احترامها، أو السينما التي أكون عبرها سفيرة بلدي ما يجبرني على تشريفها دائما، هكذا تعلمت في هذه الحياة التي ربتني فيها الموسيقى، و قوتني فيها الرياضة، و أحيا فيها من أجل الفن. في المقابل ماذا منحك الفن؟ لا أنتظر أي مقابل، لأن حبي له فوق كل اعتبار، و يكفيني أنه أكسبني شعبية كبيرة و حب الناس و احترامهم، دخول بيوتهم مسؤولية كبيرة تفرض علينا احترامهم، لذلك لا أوافق على كل الأدوار، يجب أن أقتنع أولا بالدور ثم أن أتقنه هذا ما جعل أعمالي قليلة لأني أؤمن بالنوعية و التفوق و ليس فقط بالكمية، التي للأسف أصبحت الصفة الطاغية مع موجة الرداءة التي نعيشها اليوم، ففي الوقت الذي لابد لنا أن نتوحد كفنانين نجد أن الواحد منا يبحث في كيفية تحطيم الآخر هذا ما أرجع الفن للوراء. ماذا تعني لك الخشبة؟ سر الخشبة أنها تعري و تفضح الإنسان، إذا كنت فنانا فأنت كذلك فوق الركح تأدية و إحساسا، لهذا أعشق الخشبة التي تقربني مباشرة من جمهوري، و هنا تكمن صعوبة هذا الفن، هي أن تبرهن لنفسك و للآخر أن تكون أو أن لا تكون، و المؤكد أن الخشبة و الفن عموما لن يخذلك يوما إن أنت أحببته فعلا. هل يحضرك اللحظة دور أثر فيك عميقا؟ أجل، تقول باكية، انه الفيلم السينمائي "عائشات" الذي يروي قصة إمرأة وقعت ضحية الاغتصاب، ففي الوقت الذي كانت النسوة تتبادل فيه أطراف الحديث، هجم أولئك الوحوش لإغتصابهن، و كانت درجة الصراخ و الهلع الذي عشناه في الدور أحسست فيه و كأنه حقيقة، فكرت حينها و نحن في ذلك الموقف بتلك التي عاشت اللحظة فعلا، كانت أعمق لحظة تأثر عشتها وأنا أمثل، لذا أقول أن الفن هو أن تعيش واقع تلك الشخصية حقيقة لابد من حب الشخصية إحساسها ثم تمثيلها، هذا هو دور الفنان الحقيقي. هل ننتظرك في الجزء الثاني لأسرار الماضي رمضان المقبل؟ لا أعتقد ذلك، سبق لي و أن اعتذرت للتمثيل في جزء ثاني من هذا المسلسل الذي اتفقنا في البداية على أن يكون جزء واحدا من 30 حلقة، ببساطة لن أشارك فيه لأني لا أحب التكرار. ما ترغبين بوحه قبل الختام؟ أقول دائما و ككل مرة أن الإحساس بالغير و إتقان العمل يخدم صاحبه لا محالة، هي تجربتي الشخصية التي تعلمت فيها أيضا أن أغامر و لا أندم، و إن أخطئت أعترف، لأن هذا سيخدمني لاحقا، فمن أخطائنا نتعلم و نكسب، و لا يجب أن نتأثر بما يؤلمنا. ما الذي يؤلمك كفنانة؟ ما يؤلمني فعلا هو موجة الفساد التي عمت في وقتنا الحالي الذي يتطلب أن نتوحد كفنانين ونتضامن لا أن نكسر بعضنا البعض كما هو حاصل في الوقت الراهن.