وميز المولى عز وجل المسلم منهم بتكريم على ذلك التكريم، ومن ذلك أن الله جل وعلا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أقر حقوقاً للمسلم على أخيه المسلم، تؤلف فيما بينهم، وتقوي روابطهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض وإتباع الجنائز وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس" البخاري. وقال الشيخ عبدالله الزاحم أن الله عز وجل جعل حرمة المسلم الميت كحرمته وهو حي، فشرع أمورا تميزه عن غيره من الأموات الآخرين من غير المسلمين، منها تغسيله وتطييبه وتكفينه ثم الصلاة عليه، ورتب على ذلك أجورا عظيمة ، وشرع الله الدعاء له، والترحم عليه، ولم يأذن به لغير المسلم، فقد أذن الله للنبي صلى الله عليه وسلم بزيارة قبر أمه ولم يأذن له بالدعاء لها. وأضاف إتباع جنازته حتى يدفن، ووعد على ذلك بأجر عظيم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط) البخاري، و دفنه في مقابر خاصة بالمسلمين، وهذه القبور متميزة عن قبور الكفرة باللحد أو الشق واللحد أفضل، ثم يبنى عليه باللبن والطين، فلا يدفن كسائر الجثث، ولا يفعل ذلك بغير المسلم ، واحترام قبره، فحرم الله الجلوس عليه، أو المشي عليه، بل ولا يجوز الاعتداء عليه. وشرعت زيارته والسلام عليه والدعاء له، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا) يَعْنِي لَا تَقُولُوا سُوءًا وفي رواية فَزُورُوهَا فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً ، والمأثور من السلام عند زيارة المقابر قول: السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ)) مسلم. وأوضح أن هناك أمورا في الجنائز ليست من الشرع في شيء، بل من أمور الجاهلية التي نهى الشرع عنها وحذر منها، من تلك الأمور نعي الميت سواء في الصحف أو وسائل الإعلام الأخرى، ويكلف ذلك مبالغا طائلة؛ وهذا من المفاخرة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والنعي فإن النعي من عمل الجاهلية) الترمذي. وكذلك السخط والنياحة، فالإسلام يأمر بالصبر والاحتساب والرضا بالقضاء، فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ الْفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ وَالاِسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ"، وَقَالَ "النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ" رواه مسلم.