*- من الأستاذية إلى عالم الأعمال الاقتصادية، فالعالم السينمائي *- نحن لا ندرك بعد حالة واقعنا ولا رغبة في تغييره التقت "الجزائر الجديدة" المنتج ورجل الأعمال محمد السعيد بوقابس، الذي تحدّث عن شركة الإنتاج التي أنشأها مؤخرا، حيث أكد على رغبته في تأسيس ثورة فنية وسينمائية. استقبل المنتج محمد السعيد بوقابس الذي يحلو له أن يُنادى ب "عمي السعيد"، طاقم "الجزائر الجديدة" بمنزله الذي يعتبر متحفا فنيا لابد من الإطلاع عليه، حيث سماه "متحف الأصالة والمعاصرة" فهو يجمع مختلف التحف القديمة التي تعود لآلاف ومئات السنين، والجديدة أيضا. وجعل اللقاء الذي جرى في حديقة المنزل الخلابة، المنتج بوقابس يتذكّر عائلته التي قال أنه جدّ فخور بها، فهي رغم فقرها كانت لها مشاركات في ساحات الوغى إبّان الثورة التحريرية، مؤكدا أنه أراد الخروج من واقعه الذي كان يطبعه الفقر المتقع، ورأى أن العلم هو السبيل لذلك، فوصل إلى الأستاذية في الجامعة تخصص فلسفة، حيث أدرك بعد ذلك أن الأستاذ الجامعي أيضا فقير، فالتجأ إلى الأعمال التي نجح فيها مرجعا ذلك لإرادته القوية، فأسس عدة شركات وأصبح رجل أعمال معروف في السوق الإقتصادية. وتابع بوقابس، أنه رغم العالم الاقتصادي الذي كان يحيط به، إلا أنه كان يحنّ للحياة الثقافية والفنية، فأراد الدخول إلى عالم الفن والثقافة من بابه الواسع، فأنشأ شركة إنتاج أسميتها "الإنسانية للإنتاج السمعي البصري والنشاطات الفنية والثقافية والسياحية"، موضّحا سبب تسميتها "الإنسانية"، بأن المثقّف يجب أن يكون إنسانا، لهذا حرص على مدوّنة أخلاق للشركة، لأنه أراد أن يكون لها طابع عالمي لأن الإنسان لا يخصّ الإنسان الجزائري فقط، كما أن الشركة لديها طابع إنساني لنشر المحبة والأخوّة، حيث ستكون همزة وصل بين القارات وحوار الحضارات وتلاقي الأديان. وواصل المنتج قوله بأن الشركة جديدة والهدف منها إحداث ثورة سينمائية فبلدنا ضعيف في هذا المجال، ونحن لم ندرك بعد حالة واقعنا ولا نريد تغييره، مشيرا أن المغرب قد استطاع إنشاء مدينة سينمائية شبيهة بهوليود وهي "ورزازات" التي يأتي إليها الأجانب من أمريكا وغيرها من أجل تصوير الأفلام، في حين أن الجزائر في موقع المتفرّج. وقال المتحدّث ذاته في سياق متصل، أن رغبته قوية في الفعاليّة فهي ليست صعبة لأن الإمكانيات موجودة، لابد من ثورة سينمائية مع مؤسسات الدولة والطاقات الشبابية، مؤكدا أنه يريد تحويل مقولة الشهيد العربي بن مهيدي إلى "إرمي السينما إلى الشارع يحتضنها الشعب"، حيث قال الشهيد آنذاك "إرمي الثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب". وأشار بوقابس، أنه لا يجب أن نضيع الوقت من أجل إحداث تغيير إيجابي نفيد به أنفسنا وبلدنا، فالسينما في الجزائر ليست بخير، فهي ليست فيلما فقط، بل هي محيط وعقليات ونشاط وقاعات للسينما وغيرها، مؤكدا أن المشكل ليس في النص، فهو ضحية أيضا لأن المحيط مريض وتنقيته تؤدي بالضرورة إلى تنقية الثقافة وإزدهار ثقافي وسينمائي، مضيفا أن المشكلة ليست في اللغة أيضا فالقضية تتعلق بالفن والذوق والمنهج، فيمكن إنتاج أفلام بالدارجة، وبالعربية الفصحى، وبلغات أخرى أيضا، مصرّا على ضرورة إنشاء "أكاديمية وطنية للترجمة"، فاللغة ليست غاية وإنما وسيلة، مضيفا أنه لا يمكن أن يتطور النص والسينما متدهورة، فالنهضة الثقافية والسينمائية تؤدي إلى تطوير النص. وتابع في سياق الحديث ذاته، أن أحلام مستغانمي قد توصلت إلى القمة في محيط آخر ساعدها على العمل، مثلها مثل بعض المخرجين والممثلين والرياضيين والصحفيين الذين برزوا في قنوات مشهورة، مشيرا أن المشكلة في المحيط المتخلف الرديء وليس في شخصنا، فنحن نملك إمكانيات وطاقات شابة رهيبة، وهو لا يركز على الوجوه المعروفة والمشهورة بل على الطاقات الشابة المهمّشة، فإهمالنا لها أدى إلى قتلها، مضيفا أنه يبحث عن البديل الفني، فهو قد التمس من خلال جولته في المسارح الجهوية طاقات وأبطال مهمّشين لذلك لا يكفي الإيمان فقط بهم بل يجب الإعتراف بهم وتشجيعهم، وبذلك سيحتلون العالم فكريا وعلميا وفنيا. ورغم أن الشركة جديدة، فهي حسب بوقابس، قد أنتجت فيلم "الزاهية" وهو فيلم إجتماعي غرامي، يعالج قصة فتاة تحاول الخروج عن العادات والتقاليد، وهو حاليا بصدد التحضير لأربعة مشاريع ستنطلق في القريب العاجل، مضيفا أن الأموال لا تهمه بقدر تأسيس ثورة سينمائية وفنية.زينب بن سعيد