*- الناقد مشري بن خليفة يصف الرواية بالتجربة العميقة التي صوّرت جيلا مفجوعا قال الكاتب بشير مفتي، أن الأجواء والمناخات الكابوسية في المشرق العربي وظاهرة داعش التي تدعو إلى الخلافة الإسلامية، أعادته إلى الفترة الحرجة التي عاشتها الجزائر خلال التسعينات فكتب "غرفة الذكريات". وأوضح بشير مفتي، خلال ندوة صحفية بمقرّ "الجاحظية" خُصّصت لتقديم روايته "غرفة الذكريات" الصادرة عن منشورات الاختلاف الجزائرية وضفاف اللبنانية، أنه فكّر في كتابة رواية تخرج عن هذا النطاق، حتى أنه شرع في كتابة إحداها، لكنه توجه تلقائيا لغرفة ذكرياته، مشيرا أن المشارقة قد تساءلوا حتما عما كان يحدث في الجزائر خلال العشرية السوداء وهم الآن يعيشون الوضع ذاته، مضيفا أنه أراد إظهار أفكار وأحلام وهوامش الأدباء الذين كانوا في الساحة الأدبية آنذاك، وأشار مفتي، أنه يجب الفصل بين الكاتب وبين شخوص الرواية، فالكاتب يلتقط حياة الآخرين ويصوّرها وليس بالضرورة أن يكون هو صاحب الرواية وإِن كان يمكن أن يعيش أحداثها، فالرواية تحكي جانبا من الحياة وحتى تخيلات من هذه الحياة. وعن تعلّقه بالأدب، شرح مفتي، أنه في الثمانينات لم تكن هناك دور نشر تهتم بالأدب الجزائري، وكان هذا الأخير يجد فضاءه في ملاحق الجرائد على غرار جريدة الشعب، المجاهد الأسبوعي، والمساء، فارتبط أدبيا بتلك الفترة التي كانت تغذّي رغبة الكتابة لديه، فالكتابة حسبه ليست محض صدفة بل شغفا بالقراءة، مضيفا أن الأدب نكتشفه قرّاءة لعدة قصص وروايات وكتب تسحر وتجذب إليها، تغذّي الخيال وتفهم النفسيات والحالات، هذه الأخيرة تُحسّس الكاتب بأنه مختلف عن غيره، مشيرا أن الأدب يجعل الفرد ينعزل عن الآخرين وكأنه يعادي واقعه الذي لا يعترف بهذه المتعة غير المادية، لكن هذه العزلة تجعله أيضا يهتم أكثر بالآخرين. وفي الكلمة التي أُحيلت إليه، قدّم الناقد مشري بن خليفة قراءة حول رواية "غرفة الذكريات"، حيث وصفها بالتجربة العميقة لأنها تصوّر جيلا مفجوعا ومكسورا من داخله، من خلال شخصية البطل المثقف والكاتب "عزيز مالك" المُنتمي لجيل الستينات، مشيرا أنه في سنوات التسعينات قد كان التحول في مجتمعنا، لذلك كان لابد من التعبير عن الذات في هذه المرحلة، فكانت بذلك روايات المصائر الفردية التي كانت شاهدة على الفاجعة. وتابع بن خليفة حديثه، أن الكتّاب الذين برزوا في فترة التسعينات كانوا يبحثون عن تشكيل شيء مختلف عن ما كان موجودا على غرار أمين الزاوي، واسيني لعرج وغيرهم، حيث أرادوا تقريب الواقع. الرواية التاسعة للكاتب بشير مفتي، جاءت بعد "دمية النار"، و"أشباح المدينة المقتولة"، وتروي قصة ثلاثة أصدقاء يعيشون مرحلة صعبة تبدأ بأمل عودة محمد بوضياف، وفقدان ذلك الأمل بعد اغتياله، ثم تصوّر ما مرّ على شخصيات الرواية من انكسار لأحلامهم على لسان "عزيز مالك" الذي تنتابه حالة اكتئاب وهو في العقد الخامس تجعله يفكر في كتابة رواية يجمع فيها ذكرياته، واسترجاع طفولته. زينب بن سعيد