الأطفال نعمة من الله تعالى، ويقع على عاتق الوالدين الحفاظ عليهم، وتنشئتهم التنشئة السليمة، لتقديمهم كأفراد صالحين للمجتمع، يساهمون في عملية البناء والتشييد في شتى المجالات. وللوصول إلى هذه النتائج ينصح المختص في علم النفس والباحث بجامعة الجزائر 02 ، الدكتور قاصب بوعلام الآباء والأمهات خلال العملية التربوية بتعزيز سلوك أبنائهم المقبول بالمكافآت، بالمقابل يحذر من ترسيخ السلوك السيئ لدى الأطفال دون قصد. كافئي سلوك ابنك الجيد مكافأة سريعة دون تأجيل يؤكد الدكتور قاصب بوعلام ، مختص في علم النفس، أن مكافأة الإثابة منهج تربوي أساسي في تسييس الطفل والسيطرة على سلوكه وتطويره، وهي أيضا أداة مهمة في خلق الحماس ورفع المعنويات لديه ، وتنمية الثقة بالذات حتى عند الكبار أيضا، لأنها تعكس معنى القبول الاجتماعي الذي هو جزء من الصحة النفسية، وأحيانا يضيف الدكتور " قد يبخل الأولياء بإبداء الانتباه والمديح لسلوكيات جيدة أظهرها أطفالهم ، إما لانشغالهم حيث لا وقت لديهم للانتباه إلى سلوكيات أطفالهم أو لاعتقادهم الخاطئ أن على أطفالهم إظهار السلوك المهذب دون حاجة إلى إثابته أو مكافأته" . كحال الطفلة التي رغبت في مساعدة والدتها في بعض شؤون المنزل، مثل ترتيب غرفة النوم مثلا، ولم تجد أي إثابة من الأم، فإنها تلقائيا لن تكون متحمسة لتكرار هذه المساعدة مستقبلا. وبما أن هدفنا هو جعل السلوك السليم يتكرر مستقبلا، فمن المهم إثابة السلوك ذاته وليس الطفل. مثال: الطفلة التي رتبت غرفة النوم ونظفتها، يمكن إثابة سلوكها من قبل الأم بالقول التالي: "تبدو الغرفة جميلة وترتيبك لها وتنظيفها عمل رائع أفتخر به يا ابنتي الحبيبة"، هذا القول له وقع كبير في نفسية البنت من أن نقول لها: "أنت بنت شاطرة ؟؟؟". وعليه فالطفل الذي يثاب على سلوكه الجيد المقبول يتشجع على تكرار هذا السلوك مستقبلا. ولهذا على الوالدين يضيف محدثنا قائلا ، مكافأة السلوك الجيد لطفلهما مكافأة سريعة دون تأجيل: مقدّما بعض الأمثلة للأمهات ، منها في فترة تدريب الطفل على تنظيم عملية الإخراج (البول والبراز) ، عندما يلتزم الطفل بالتبول في المكان المخصص، على الأم أن تبادر فورا إلى تعزيز و مكافأة هذا السلوك الجيد، إما عاطفيا و لفظياً (التقبيل ،المدح ، التشجيع)، أو بإعطائه قطعة حلوى. نفس الشيء ينطبق على الطفل الذي يتبوّل في فراشه ليلاً، حيث يُكافأ عن كل ليلة جافة (يعني إذا لم يتبول في الفراش). ويبقى لنجاح المكافأة شرط واحد هو تنفيذيها تنفيذا عاجلاً بلا تردد ولا تأخير، وذلك مباشرة بعد إظهار السلوك المرغوب. فالتعجيل بإعطاء المكافأة هو مطلب شائع في السلوك الإنساني، سواء عند الكبار أو لدى الصغار. و على الأهل الامتناع عن إعطاء المكافأة لسلوك مشروط من قبل الطفل، (أي أن يشترط الطفل إعطائه المكافأة قبل تنفيذ السلوك المطلوب منه) ، فالمكافأة يجب أن تأتي بعد تنفيذ السلوك المطلوب وليس قبله. المكافأة الاجتماعية أشدّ وقعا في نفس الطفل من المادية المكافآت أنواع حسب نفس المختص، منها الاجتماعية و منها المادية. فالمكافآت الاجتماعية –هي على درجة كبيرة من الفعالية في تعزيز السلوك التكيفي المقبول والمرغوب- تتمثل في: الابتسامة؛ التقبيل؛ العناق ؛ الربت؛ المديح؛ الاهتمام؛ إيماءات الوجه المعبرة عن الرضا والاستحسان. فالعناق والمديح والتقبيل تعبيرات عاطفية سهلة التنفيذ ، والأطفال عادة ميالون لهذا النوع من الإثابة. عكس المكافأة المادية التي تتطلب إعطاء الطفل قطعة حلوى؛ أو شراء لعبة؛ إعطاءه نقود؛ إشراك الطفلة في إعداد الحلوى مع والدتها تعبيرا عن شكرها لها؛ السماح للطفل بمشاهدة التلفاز حتى ساعة متأخرة؛ اللعب بالكرة مع الوالد؛ اصطحاب الطفل في رحلة ترفيهية خاصة (سينما-حديقة حيوانات- سيرك ...الخ). وبالرغم من قيمة المكافأة الثانية إلا أن الإحصاءات دلت على أن الإثابة الاجتماعية تأتي في المرتبة الأولى في تعزيز السلوك المرغوب، بينما تأتي المكافأة المادية في المرتبة الثانية، بالرغم من وجود أطفال يفضلون هذه الأخيرة . السلوك غير المرغوب فيه يقابل بمكافأة عارضة أو بطريقة غير مباشرة إن السلوك السيئ الذي يظهره الطفل ويكافأ عليه حتى ولو بصورة عارضة وبمحض الصدفة، من شأنه أن يتعزز ويتكرر مستقبلاً يقول الدكتور قاصب بوعلام . مثال: الأم التي تساهلت مع ابنتها في ذهابها إلى النوم في وقت محدد بحجة عدم رغبة البنت في النوم، ثم رضخت الأم لطلبها بعد أن بكت البنت متذرعة بعدم قدرتها على تحمل بكاء وصراخ ابنتها. في هذا الموقف تعلمت الطفلة أن في مقدورها اللجوء إلى البكاء مستقبلا لتلبية رغباتها وإجبار أمها على الرضوخ. مثال آخر: إغفال الوالدين للموعد المحدد لنوم الطفل وتركه مع التلفزيون هو مكافأة وتعزيز غير مباشر من جانب الوالدين لسلوك غير مستحب يؤدي إلى صراع بين الطفل وأهله إذا اجبروه بعد ذلك على النوم في وقت محدد. تجنب العقوبات القاسية في تربية الطفل إن أي عملية تربوية لا تأخذ بمبدأ الثواب والعقاب في ترشيد السلوك بصورة متوازنة وعقلانية تكون نتيجتها انحرافات في سلوك الطفل عندما يكبر. و لهذا ينصح المختص النفساني قاصب بوعلام ، بمعاقبة الطفل عقوبة خفيفة لا قسوة فيها، لأن الهدف منها هو عدم تعزيز و تكرار السلوك السيئ مستقبلا لدى الطفل و ليس إيذاءه وإلحاق الضرر بجسده و نفسيته ، كما يفعل بعض الآباء في تربية أولادهم. والعقوبة أنواع. فمنها: التنبيه لعواقب السلوك السيئ؛ التوبيخ؛ الحجز لمدة معينة؛ العقوبة الجسدية. يجب الامتناع تماما عن العقوبات القاسية المؤذية كالتحقير ، الإهانة أو الضرب الجسدي العنيف، لأنها تخلق ردود أفعال سلبية لدى الطفل تتمثل في الكيد والإمعان في عداوة الأهل والتمسك بالسلوك السلبي الذي عوقب من أجله، لمجرد تحدي الوالدين والدخول في صراع معهم بسبب قسوتهم عليه. محذرا في نفس الوقت من بعض السلوكيات الخطيرة التي تقوم بها بعض الأمهات الذين لا يعاقبن أولادهن على السلوكيات الخاطئة خاصة إذا كان وحيدا في أسرته، فيصبح هذا الطفل عرضة للصراع النفسي أو الانحراف عندما يكبر. قواعد تعليم الطفل السلوك اللائق تربية الأطفال وتنشئتهم الصحيحة تقع مسؤوليتها على الوالدين خاصة الأم بالدرجة الأولى، وقصد ضمان نجاحها في العملية التربوية يجب عليها إتباع بعض الأفكار والنصائح التي يوصي بها المختص في علم النفس قاصب بوعلام: لكي تكسبي احترام طفلك، يجب أن تحترمي أنت الآخرين، واعلمي أنك إذا عاملتي طفلك بطريقة سلبية وبغير احترام، فإن مثل هذا الأمر سيكون أثره سلبيا وسيئا على علاقتكم، يجب عليك أن تقومي بإظهار حبك لأبنائك ، ولكن في نفس الوقت قومي بوضع حدود وقواعد معينة للتعامل بينكم حتى لا يتعداها الأبناء. عليك أن تعاملي طفلك باحترام، فعلى سبيل المثال إذا كنت ستطلبين من طفلك إحضار كوب من الماء لك، فاطلبي منه هذا الأمر بصيغة الطلب و ليس الأمر، وافعلي نفس الأمر إذا كنت تريدين من طفلك إغلاق التلفزيون، فافعلي هذا بصيغة أنك تطلبين منه و لا تأمرينه. يجب عليك أن تكوني مثالا أمام طفلك وقدوة له، ففي كثير من الأحيان يحاول الأبناء تعليم أبنائهم أنه من الخطأ عليهم إتباع أسلوب السخرية من الآخرين، ولكنهم في المقابل يفعلون هذا الأمر هم أنفسهم، وفي أحيان أخرى قد تعاقب الأم طفلها بسبب أنه يرفع صوته عليها عندما يكون غاضبا ، ولكنها في نفس الوقت قد تفقد أعصابها على الطفل ليس لسبب قوي. لذا عليك أن تفهمي أنك إذا أردت لطفلك أن يحترمك، فعليك أن تكوني أنت مثالا لكيفية احترامه واحترام الآخرين. إن تعليم طفلك كيف يحترمك، يجب أن لا يأتي بطريقة مباشرة دائما، فيمكنك مثلا أن تقومي بمساعدة أحد جيرانك أو تتطوعي للأعمال الخيرية مما سيجعل طفلك يحترمك أكثر كإنسانة وبالتالي كوالدته. احرصي على قضاء الوقت مع طفلك، يمكنك مثلا أن تقومي باصطحابه للتنزه أو لقراءة القصص مع بعضكما البعض أو تفعلون أي شيء بغرض التسلية مما سيجعل طفلك يرى مدى حبك له وبالتالي فإنه سيدرك ويحترمك أكثر. إن الطفل عادة ما يكون مترددا حول تقرير ما إذا كان الأمر صوابا أم خطأ؟، وهنا تصبح مسؤولية الأهل مساعدة الطفل وتعليمه تحمل مسؤولية أفعاله وهو الأمر الذي بالضرورة سيجعل الطفل يحترم أهله، لا تتردي أبدا إذا شعرتي أنه يجب أن تعتذري لطفلك في حال ارتكبت خطأ ما لأن هذا الأمر لن يقلل من شأنك بل بالعكس، فإنه سيجعل من الطفل يرى أنك تتحملين مسئولية أخطائك مما سيجعل الطفل يفعل نفس الشيء، حاولي أن تتفهمي عقلية طفلك وأن تمنحيه مساحة شخصية إذا أراد هذا الأمر لأن العديد من القيود على الطفل قد تضايقه مع الوضع في الاعتبار أن هناك فرقا بين احترام الطفل لك وخوفه منك. احرصي على أن تتفاهمي مع طفلك بطريقة تناسب سنه، فلا تتحدثي مع طفلك مثلا بطريقة لا تناسب عمره، لأن هذا الأمر سيجعله لا يحترمك، لا تحاولي أن تكوني مضحكة زيادة عن اللزوم وانظري في عين طفلك وأنت تتحدثين معه مع الحرص على استخدام كلمات يفهمها الطفل. قومي بمكافأة طفلك على تصرفاته الإيجابية ومعاقبته إذا ارتكب أمرا سيئاً أو خطأ، واعلمي أن مكافأة طفلك على سلوكه الإيجابي سيبني بينكما نوع من الاحترام، لأن الطفل يستوعب أن تلاحظين مجهوداته، وسيرى أيضا انك بكيفية تصرفه وكيفية تطوره ونموه كشخص. أما إذا كنت ستعاقبين طفلك على تصرفاته السيئة، يجب أن تفعلي هذا الأمر بطريقة إيجابية وفيها احترام عن طريق شرح عواقب أفعال الطفل له بطريقة هادئة.كوني دائما صادقة مع طفلك ولا تعطيه وعدا على سبيل المثال أنك ستخرجين معه ثن تتراجعين في تنفيذ هذا الوعد.