تعتبر بلدية أزفون الساحلية، الواقعة على بعد 60 كلم شمال شرق عاصمة جرجرة، لؤلؤة ولاية تيزي وزو الساحرة بجمالها وزرقة بحرها وهي تمتد على شريط ساحلي يقدر ب 16 كلم وتتربع على مساحة 1266 هكتار يقطنها حوالي 20 ألف مواطن، موزعين على 52 قرية، ويغلب على هذه البلدة الصغيرة الطابع الجبلي الذي يطل على البحر، مما جعلها منطقة سياحية بامتياز. هي مدينة أنجبت العديد من الأسماء الفنية والأدبية، التي رفعت اسم الجزائر عاليا من بينها طاهر جاووت، ومحمد أرزقي فراد، وفي الفن التشكيلي محمد بلغانم، محمد إسياخم، وفي المسرح الإخوة حلمي، وأحمد عياد (رويشد)، وفي السينما مخرج "الدار الكبيرة" مصطفى بديع، وفي الطرب الشعبي الشيخ محمد العنقا، عبد الرحمان عزيز وآخرين. سماع اسم أزفون وحده يجعل الشوق يغمر كل راغب في التمتع بأيام هادئة، وباحث عن مدينة عتيقة ساحرة لقضاء أيام من الراحة والاستجمام؛ فمدينة أزفون هي واحدة من مدينتين اثنتين تشكلان قطبي السياحة الساحلية في مدينة تيزي وزو، وعادة ما تعيش مدينة أزفون وسط أيام هادئة رتيبة تستيقظ منها مع اقتراب موسم الاصطياف وذلك ويجد ساكنوها مع قدوم هذا الفصل الفرصة للراحة والاستجمام وكذا ممارسة بع النشاطات المربحة حيث تزدهر التجارة بمختلف أشكالها، الشرعية والموازية، وتعرف حركية كبيرة بفضل الزبائن السياح والعائلات المتوافدة بكثرة سواء للتواصل مع الأقرباء أو للتخييم. مدينة تبحث عمن يعتني بها هي مدينة أقل ما يقل عنها أنها جوهرة ولاية تيزي وزو، وهي واحدة من أجمل المراكز العمرانية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، هي البلدية الهادئة والجميلة.. حيث تتعانق جبالها مع تلالها المترامية في أحضان البحر، ترسم مناظر خلابة تترجم عظمة الخالق وتمنح زائرها الشعور بالسكينة والطمأنينة وتبعد عنه صخب وضجيج الحياة الحضرية، لتبقى الوجهة المفضّلة للعديد من العائلات الجزائرية خاصة من المنطقة وحتى المغتربة منها، رغم كل ما يمكن الوقوف عنده من عجز في المرافق السياحية وفوضى في العمران، ورغم ما تعانيه من نقص فادح في الهياكل القاعدية والمرافق السياحية مثل الفنادق والمطاعم ووسائل الترفيه التي تمكن العائلات من قضاء عطلة مريحة في موسم الاصطياف، خاصة وأن أزفون معروفة بموقعها الهادئ البعيد عن ضجيج المدينة. قبور وكهوف...من عهد الرومان يوجد في دائرة أزفون، الكثير من الكهوف والقبور الحجرية المتواجدة على بعد بعض الكيلومترات من قلب المدينة، هذه الكهوف التي تغوص بنا في عمق التاريخ، وتدل على الوجود المبكر للإنسان في هذه الأماكن، حتى إن المنطقة تتوفر على منحوتات وحمامات رومانية تعود إلى آلاف السنين، ولاشك أن المعالم التاريخية بمنطقة "أزفون" هي محل اهتمام السياح الأجانب والباحثين الذين انبهروا بعراقة الآثار وتاريخها على رأسها الممرات المبلطة ل"آيت رهونة" التي تعتبر من بين الآثار النادرة عالميا. هذه الأخيرة هي بمثابة صخور تأبينية مشكلة من رواق مبلط موجه للموتى، يعلوه نصب كبير مسطح من الحجارة، إضافة إلى آثار "روزازوس" القديمة المتمثلة في خزانات الماء والمقبرة والمعصرة القديمة التي ظلت قائمة بقرية "ازفون" إلى يومنا هذا. إضافة إلى معالم تاريخية أخرى تعود إلى الفترة البزنطية والوندالية وفترة الرومان ويمتد تاريخ المدينة الرومانية العريقة بدون شك إلى عهد الرومان الذين أطلقوا عليها عدة أسماء كاسم "رسوس" التي تعني رأس الرياح نظرا لموقع المدينة المفتوح على مختلف التيارات الهوائية، واسم "افحريين" لقربها من البحر، فيما أطلق عليها البعض الآخر اسم "ازر خفاون" وتعني حسب التراث المحلي للبلدة "زور وخفف"، خوفا من" إزعاج نوم أولياء الله الصالحين "، حيث يعتقد أن مدينة أزفون هي مهد للكثير من رجال الدين والمصلحين الذين كان لهم باع طويل في الحفاظ على إرث الجزائر الديني والحضاري. وعُرفت أزفون إبان الاستعمار الفرنسي ب"قودون بور" نسبة إلى القائد العسكري قودون الذي حولها عام 1881 إلى بلدية إدارية مختلطة، وهي الآن تعرف بأزفون حيث اختلفت التفسيرات في إعطاء معنى لهذا الإسم، فهناك من يقول إنها تعني الرياح القوية، فيما أرجع بعض الباحثين أصل التسمية إلى نوع من السمك يسمى "الكركز" الذي يقال إن شواطئ البلدة اشتهرت به فحملت اسمه وعموما فإن جمال أزفون لا يعود فقط لإرثها الطبيعي وموقعها الجغرافي لكن أيضا لمخزونها التاريخي الزاخر بشواهد تعود إلى العهد البيزنطي، الوندالي والروماني. أزفون على موعد مع استقبال 1.7 مليون مصطاف وحسب مسؤولي بلدية أزفون فإن هذه الأخيرة ترتكز على منطقتين للتوسع السياحي أولها موجودة على مستوى المدينة والثانية في تازاغرث، فيما توجد منطقة أخرى قيد الدراسة وهي الواقعة ببلدية آيت شافع المعروفة بشواطئها الذهبية، أما بالنسبة لمرافق الإيواء فإن المنطقة لا تتوفر إلا على خمسة فنادق تابعة للخواص بين ثلاث وأربع نجوم ودار شباب تتوفر على 50 سريرا وقد تدعمت بمركز إيواء جديد، يتسع ل50 سريرا، خلال الصيف الماضي. تفتح أزفون ذراعيها لاستقبال ضيوفها من عشاق الطبيعة والشواطئ العذراء لتكشف عن بريقها وحيويتها من خلال سحر رمالها وشموخ جبالها التي تنسج فسيفساء طبيعية تسحر الألباب كما أن هذه المدينة الساحرة بجمالها تستقبل كل موسم الآلاف من المصطافين الذين يأتون للاستمتاع بزرقة البحر ونعومة الرمال على غرار ما هو حاصل بالشاطئ المركزي وشاطئ الخروب.. وحسب المسؤول الأول بمديرية السياحة لولاية تيزي وزو، فإن المدينة تستعد لاستقبال أزيد من 1.7 مليون مصطاف، علاوة على أن المنطقة أصبحت تشكل متنفسا للعائلات الجزائرية التي تقصد المكان هروبا من ضوضاء المدينة وصخبها، وفي الوقت الذي يحبذ الصغار اللعب بالرمال والاستمتاع بوقتهم يستغل الآباء الفرصة للراحة والاسترخاء تحت المظلات الشمسية التي تعطي للشواطئ ديكورا طبيعيا جميلا وصورة سياحية خلابة تريح الأعصاب وتعوض عن يوم متعب. أما الشباب فيفضلون السباحة تارة والجلوس عند الصخور الشاطئية تارة أخرى، مستمتعين بمنظر الأمواج الزرقاء التي زادت الشاطئ رونقا وبهاء، ويلتقطون في جنباتها بعض الصور الفوتوغرافية حتى تبقى ذكريات شاهدة على تلك اللحظات الجميلة التي يعيشونها طيلة تواجدهم بهذه الشواطئ التي تعد بالفعل لوحة طبيعية خلابة. وتختلف شواطئ أزفون من شاطئ إلى آخر، فهناك الشواطئ المعروفة والمفتوحة للسباحة والمعروفة لدى العامة، لكن هناك أيضا الشواطئ المتوارية عن الأنظار والتي يقصدها سكان القرى والمداشر المحاذية، وتكون في أغلب الأحيان شواطئ صخرية والتي تبقى أيضا بعيدة عن أية مراقبة أو حراسة، ويبرر بعض الشباب ميلهم نحو هذا النوع من الشواطئ، برغبتهم في الحصول على بعض الخصوصية وتجنب الفوضى والازدحام، الذي تعرفه بعض الشواطئ الأخرى، علاوة على قربها الكبير من منازلهم، وبالنسبة للشواطئ التي سيستفيد منها المصطافون فإن أزفون لها أربعة شواطئ مسموحة في انتظار فتح ثلاث أخرى العام المقبل.