مع حلول فصل الشتاء، تتكرر معاناة الآلاف من تلاميذ المؤسسات التربوية بعدد من القرى الجنوبية لولاية تيزي وزو، خاصة الواقعة في جبال جرجرة الشامخة، مع البرد، واختلالات في التدفئة المدرسية، وهي مشكلة لم تعالج منذ سنوات، رغم المخصصات المالية الضخمة التي رصدت لتوفير التدفئة داخل المؤسسات التربوية بالولاية، وهو وضع جعل من قاعات الدرس فضاءات لتعذيب التلاميذ وأساتذتهم على حد سواء، ما أثر على تحصيلهم، وأكثر من هذا ألحق بهم عديد الأسقام والعوارض المرضية، لاسيما التبوّل اللاإرادي وأمراض العظام. مشاهد تتكرر لأبرياء أنهكهم الفقر وجمد البرد القارس الدم بعروقهم بعدما تحولت مدفآت المازوت بأقسام مدرسة ابتدائية ايت داود ببلدية ابودرارن 52 كلم أقصى جنوب ولاية تيزي وزو، إلى ديكورات، وزادت أوضاعهم تأزماً فأصبح تلاميذ في سن الزهور يتغيبون مضطرين عن الدراسة من شدة البرد. وعاينت الجزائر الجديدة حالات أطفال فقدوا السيطرة على مثاناتهم المتعبة من شدة البرد، وأصبحوا يتبوّلون داخل القسم أو في طريقهم إلى المدرسة، والأمر لا يتعلق بأطفال دون الخامسة كما يتبادر للأذهان منذ الوهلة الأولى، وإنما دهشتنا كانت كبيرة عند معاينة حالة الطفلة تسعديت ذات 13 سنة ربيعا والمتمدرسة بمتوسطة ايت سعادة، ما دفعنا إلى محاولة معرفة حجم الظاهرة في منطقة تصنف بأبرد منطقة في القطر الوطني، خاصة هذه الأيام أين وصلت درجة الحرارة 5 درجات تحت الصفر، وهي درجة خطيرة في أماكن تفتقد إلى التدفئة بفعل عوامل الصقيع الذي يؤدي إلى تفاعلات كميائية تؤدي إلى الكسر والتشقق أو حتى التجمد المميت. من جهة أخرى كشف احد أطباء العيادة الجوارية لبلدية اقبيل بعين الحمام، العلاقة الكامنة بين عدد من الأمراض المسجلة والتبول بين صفوف الأطفال المتمدرسين وظاهرة البرد القارس، وسجل على مستوى عيادته 12 حالة في المدة الأخيرة، مؤكداً أن الدراسة في الحجرات التي تنعدم فيها التدفئة تتسبب في الإصابة بالسكري وضغط الدم الناتج عن انسداد في الأوردة والشرايين وبخاصة في الأطراف السفلى، وقد تؤدي إلى إصابة الأعصاب، فضلا عن الأمراض المعتادة كالزكام الحاد وحالات الذبحة الصدرية والرعشة والسيلان المستمر لمخاط الأنف، فانعدام أو نقص التدفئة بقرى ومداشر الولاية. ورغم مجهودات مديرية التربية لولاية تيزي وزو، بتوفير المازوت لجميع المؤسسات التربوية بالقرى، إلا أن الأمر غير كاف، حيث ادى سقوط الثلوج في المدة الأخيرة إلى قطع طرق ولائية، يتأخر فيها عملية تزويد هذه المؤسسات بمادة المازوت، ما دفع تلاميذ العديد من قرى بلديات اقبيل بعين الحمام ، ابودرارن ، ايت بومهدي بواسيف وايت تودرث ، قرى بلديات اليلتن وامسوحال لمقاطعة الدراسة، ما سيؤثر حتما على المردود الدراسي لتلاميذ هذه المناطق.