يرى الكثيرين في العالم أن عيد الحب، ليس فقط عيد للعشاق، بل أيضا اليوم الذي تقوم بتقدير من تحترمه أو تحبه حبا أخويا، ويقوم العشاق في عيد الحب بتبادل الهدايا مثل الشكولاطة والمجوهرات والزهور الحمراء، فاللون الأحمر هو لون عيد الحب أو عيد العشاق بالأخص. الجزائر الجديدة في جولة منها إلى عالم الرومانسية والحب والعواطف سألنا الشباب التي تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 45 عاما ذ، هل أنت معترف بعيد الحب، وماذا ستفعل في هذا اليوم، وهل أنت من محبي شراء الورد والدببة الحمراء أم الهدايا المادية وغيرها من الأسئلة التي تفاجأنا بإجابتها. الحب ليس بالمواعيد بداية الجولة كانت مع صورية التي اعتبرت أنه لا يجوز الاحتفال بهذا اليوم الذي أعدم فيه (فلنتين)، ذلك القسيس المتسبب في إحياء العالم ذكراها ولكن بدلا من إحياء ذكرى وفاته بالعديد من أفعال الخير والترحم عليه يتناسى الكثيرون مدى التضحية التي قام بها ذلك القسيس ويتبادلون الورود والدببة الحمراء والأغاني الرومانسية، وكشفت عن قصة (فالنتين ) قائلة : فالنتين .. قسيس كان يعيش أيام حكم الإمبراطور الروماني كلاوديس الثاني أواخر القرن الثالث الميلادي، وفي فبراير 270 م أعدم القسيس فالنتين، لأنه عارض أوامر الإمبراطور الداعية إلى منع عقد أي قران لأنه لاحظ أن العزاب أشد صبرا في الحرب من المتزوجين الذين غالبا ما يرفضون الذهاب إلى المعارك، إلا أن فالنتين كان يعقد الزيجات في كنيسته سرا احتراما منه لمشاعر العشاق والمتحابين إلى أن افتضح أمره، واقتيد للسجن وهناك تعرف على ابنة أحد حراس السجن كانت عليلة وطلب منه أبوها أن يشفيها ووقع في حبها وقبل أن يعدم أرسل إليها بطاقة كتب عليها "من المخلص فالنتين". وهكذا بعد أن دخل الرومان في النصرانية بنيت كنيسة في روما في المكان الذي أعدم فيه تخليدا لذكراه، حيث أكدت أنها لا تعترف بهذا اليوم لأن الحب ليس بالمواعيد وإنما أحاسيس ومشاعر تنطلق حين الشعور بها . لولا الحب في حياة الإنسان لأصبح حيوان مفترس لا يوجد ما يعيش من أجله في مجتمعنا تصرخ أصوات أن هذا العيد حرام ومن يحتفل به يدخل النار، أنا رأي المتواضع أن نتذكر الحب في هذه الأيام مثل قطرة ماء لمسافر في صحراء وحتى لو كان من أول من احتفل بهذا العيد هو قديس فما المانع فأول من صام لله اليهود هل نقول أن الصوم حرام هل يوجد في حياتنا أجمل من الحب ولو ضاع منا الحب ستصبح حياتنا غابة تعالوا نحب بعض وننشر الحب فيما بيننا، لأن الإنسان منا إذا انتزع من قلبه الحب أصبح حيوان مفترس لا يوجد ما يعيش من أجله. لا يحتاج إلى يوم الاحتفال به. هدى طالبة بكلية الآداب، قسم علم النفس، ابتدرت حديثها قائلة: أرى أن الاحتفال بعيد الحب بدعة، ولا يتناسب مع عاداتنا، وبدلا من الاحتفال به فيجب أن نحتفل برأس السنة الهجرية، والحب لا يحتاج إلى يوم الاحتفال به، وتخالفها الرأي صديقتها، حيث أنها تؤيد فكرة الاحتفال بعيد الحب ولكن بشرط أن يكون بين الأزواج فقط وليس بين الشباب. أتذكر إلا اليوم الذي ألبست فيه ستار الأمان والاطمئنان من جهتها أكدت السيدة سميرة متزوجة حديثا أنا لا أتذكر إلا يوم 25 أوت لأنه يصادف يوم زفافي إلى بيت زوجي الذي أكن له كل الحب والاحترام والتقدير، لأنه ألبسني ستار الأمان والاطمئنان، وأكسبني الثقة بالنفس، هذا هو العيد الذي أتذكره دوما وأنتظر موعده لأحتفل به رفقة رفيقي في هذه الحياة، وفضلا عن ذلك فهي ترى في تاريخ ال 14 فيفري يوما عاديا جدا ولا تنتظره حتى تفصح لزوجها عن حبها ولا تقنن حبها وتحصره في يوم ضيق قوامه 24 ساعة. هل أصبح للشعب الجزائري عادات وتقاليد تحكمه من جهته أكد الطالب محمد سنة ثانية حقوق بكلية سعيد حمدين بالجزائر:" نحن كمجتمع جزائري وشعب مسلم، ننظر إليه من منظور ديني، وبالتالي فإن الاحتفال به بدعة، ولا يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا، والحب ليس من المفترض أن يكون له يوم للاحتفاء به، فالاحتفاء به يفترض أن يكون كل يوم، وأنا أتساءل أيهما أفضل: الاحتفال به عند الأزواج أم عند الشباب؟ وهل أصبح للشعب الجزائري عادات وتقاليد تحكمه؟في حين تؤكد صديقته الطالبة إيمان أنها تؤيد الاحتفال بعيد الحب، فهو عبارة عن تجديد وتقوية لأواصر المحبة، وأنها لا تنظر إلى الاحتفاء به من منظور البدعة وإنما من منظور التغيير، وتقول: "وأنا أحتفل به ولكن بطريقة عادية ولا أرتبط بارتداء اللون الأحمر أو البنفسجي". حملات شرسة على مواقع التواصل لمقاطعة هذا اليوم من جهتها شنت العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وانستغرام حملات ضد مقاطعة عيد الحب في الجزائر وان هذا اليوم هو يوم بدعة وحرام على كل من يقوم بالاحتفال به، ناقلين فيديوهات ومقاطع لدعاة وأئمة من مختلف أنحاء البلاد العربية يدعون فيها لمقاطعة الاحتفال بعيد الحب، معتبرين الاحتفال بعيد الحب خطرا عقائديا على المسلمين والإسلام لأنه عيد له صلة وثيقة بالنصارى والوثنيين ودليل ضعف الانتماء للإسلام، مستدلين بآيات من القرآن قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء)، وأخرى من الحديث الشريف (من تشبه بقوم فهو منهم)، حيث حملت هذه الصفحات العديد من العناوين لمقاطعة هذا اليوم مثل لا لعيد الحب يا مسلمين وحملة شرسة ضد مقاطعة اليوم العالمي لعيد الحب المصادف ل 14 فيفري من كل عام. لا يجوز للمسلم الاحتفال بشيء من أعياد الكفار في هذا الإطار أكد أهل الشرع أنه لا يجوز للمسلم الاحتفال بشيء من أعياد الكفار، لأن العيد من جملة الشرع الذي يجب التقيد فيه بالنص . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك التي قال الله سبحانه ( عنها ) : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) وقال : ( لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ) كالقبلة والصلاة والصيام ، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد ، وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة . وأما مبدؤها فأقل أحواله أن تكون معصية، وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا ) وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار (لباس كان خاصا بأهل الذمة ) ونحوه من علاماتهم ، فإن تلك علامة وضعية ليست من الدين، وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر، وأما العيد وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو وأهله، فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/207). وقال رحمه الله أيضاً : " لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم، لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران، ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة، هذا وأشار أهل الشرع انه ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام، لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم" . فلا يجوز الاحتفال بمثل هذه الأعياد المبتدعة، لأنه بدعة محدثة لا أصل لها في الشرع فتدخل في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أي مردود على من أحدثه. كما أن فيها مشابهة للكفار وتقليدا لهم في تعظيم ما يعظمونه واحترام أعيادهم ومناسباتهم وتشبها بهم فيما هو من ديانتهم وفي الحديث : (من تشبه بقوم فهو منهم). كما يترتب على ذلك من المفاسد والمحاذير كاللهو واللعب والغناء والزمر والأشر والبطر والسفور والتبرج واختلاط الرجال بالنساء أو بروز النساء أمام غير المحارم ونحو ذلك من المحرمات، أو ما هو وسيلة إلى الفواحش ومقدماتها، ولا يبرر ذلك ما يعلل به من التسلية والترفيه وما يزعمونه من التحفظ فإن ذلك غير صحيح، فعلى من نصح نفسه أن يبتعد عن الآثام ووسائلها. وعلى هذا لا يجوز بيع هذه الهدايا والورود إذا عرف أن المشتري يحتفل بتلك الأعياد أو يهديها أو يعظم بها تلك الأيام حتى لا يكون البائع مشاركًا لمن يعمل بهذه البدعة والله أعلم " . هذا اليوم لا يحظى بانتشار واسع في الجزائر ومن جانب أخر يرى أهل الاختصاص الاجتماعي أن مظاهر الاحتفال بعيد الحب ليست واسعة الانتشار بالجزائر، باعتبار أنها تظل مقتصرة على فئات اجتماعية محددة متأثرة ومتشبعة بالثقافة الأجنبية، نافين أن تكون هذه المناسبة من الأعياد الشعبية الجزائرية التي تمارس بطريقة اعتيادية، ولكنها عيد نخبوي محض، والاحتفال به لدى بعض الشباب يمثل انخراطا في نوع من الحداثة، مؤكدين على أن الشباب الجزائري ليس عينة متجانسة، فهناك من له تمسك بالأصالة الإسلامية والتقاليد الجزائرية، ويعتبر عيد الحب دخيلا، إلى جانب آخرين يرون فيه انطلاقا نحو الحداثة وتبني سلوكات المجتمعات المتقدمة، لكن يمكن أن يصبح هذا العيد ظاهرة تنمو عن غزو ثقافي واستلاب حضاري خطير. ح.ع