يشارك اليوم وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، في افتتاح فعاليات تظاهرة "الأسبوع الإفريقي" بالعاصمة الفرنسية باريس، الذي يُنظَم تحت شعار "التراث الثقافي الإفريقي اللامادي، غبطة وعزة إفريقيا". وتأتي استضافة الجزائر بمقر اليونسكو تتويجا لدورها في إبراز الثقافة والتراث الإفريقي وتثمينهما، حيث تعتبر هذه المناسبة فرصة للوزير للتطرق إلى التعاون الثقافي القائم مع منظمة اليونسكو خاصة في مجال حماية التراث المادي واللامادي وتصنيفه عالميا. يُذكر أن وزير الثقافة ميهوبي كان قد أعلن شهر أفريل الماضي عن اختيار الجزائر لاحتضان مركز للمنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لحماية التراث الإفريقي، وتأتي عرفانا للمجهودات التي تبذلها الجزائر للمحافظة على تراثها ومساعدة الدول الإفريقية في هذا المجال. تغير مصطلح "التراث الثقافي" في مضمونه تغيرا كبيرا بمنظمة اليونسكو في العقود الأخيرة، ويرجع ذلك جزئيا إلى الصكوك التي وضعتها اليونسكو، ولا يقتصر التراث الثقافي على المعالم التاريخية ومجموعات القطع الفنية والأثرية، وإنما يشمل أيضا التقاليد أو أشكال التعبير الحية الموروثة من أسلافنا والتي تداولتها الأجيال الواحد تلو الآخر وصولاً إلينا، مثل التقاليد الشفهية، والفنون الاستعراضية، والممارسات الاجتماعية، والطقوس، والمناسبات الاحتفالية، والمعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون، والمعارف والمهارات في إنتاج الصناعات الحرفية التقليدية. ويشكل التراث الثقافي غير المادي، بالرغم من طابعه الهش عاملا مهما في الحفاظ على التنوع الثقافي في مواجهة العولمة المتزايدة، ففهم التراث الثقافي غير المادي للمجتمعات المحلية المختلفة يساعد على الحوار بين الثقافات ويشجع على الاحترام المتبادل لطريقة عيش الآخر وأهمية التراث الثقافي غير المادي لا تكمن في تمظهره الثقافي بحد ذاته وإنما في المعارف والمهارات الغنية التي تنقل عبره من جيل إلى آخر. والقيمة الاجتماعية والاقتصادية التي ينطوي عليها هذا النقل. وقد أقر المؤتمر العام لليونسكو في دورته السابعة عشرة بباريس في 16 نوفمبر 1972 الاتفاقية المتعلقة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، وتسعى هذه الاتفاقية على المحافظة للإنسانية وللأجيال القادمة على الشهادات الطبيعية والثقافية التي لها قيمة عالمية واستثنائية، وقد صادقت الجزائر على هذه الاتفاقية وانتخبت عضوا في لجنة التراث العالمي في السابع من نوفمبر سنة 2011. يُذكر أن الجزائر قد سجّلت إلى حدود معطيات أكتوبر 2105 لمنظمة اليونسكو خمسة نقاط ثقافية لامادية ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي الثقافي غير المادي، وهي أهليل قورارة التقليدي والعادات المرتبطة به والزاوية الشيخية والمراسيم المتعلقة بهاوبلدية الأبيض سيدي الشيخ والممارسات والمهارات والمعرفة المرتبطة بمجموعات إمزاد عند الطوارق وعادات وطقوس ومراسم السبيبة في واحة جانت بالجزائر والعادات والمهارات الحرفية المرتبطة بزي الزفاف التلمساني. وتواصل الجزائر سعيها لتصنيف كل ما هو تراث جزائري أو مشترك، حيث تم مؤخرا إيداع ملفات جديدة للتصنيف بمنظمة اليونسكو على غرار نشاط كيالين الماء ونشاط تقطير ماء الورد وصناعة الحلي التقليدية، وكذلك أغنية الراي، بالإضافة إلى تحضير ملفات عناصر تراثية مغاربية بالتنسيق مع الدول المعنية تخص طبق الكسكسي إلى جانب ملفات عربية أخرى.