«لحظة تأمل علي وقع سيجارة يشكل صورًا، ما أسرع تلاشيها،حلم اليقظة الذي يهم فيه البطل باحثا عن لحظة صراع العقل البشري ,يستشعر وجودها ولا يراها لعلي العقل في حاجة إلي هزة تخلصه من جاذبية أحلام اليقظة «شامة درويش أستاذة بجامعة قالمة . من هذه القراءة الموجزة والدقيقة للأكاديمية «شامة درويش»نستشف أن القاص الفذ اليامين أمير تفنن وأتقن في نحت مجموعته القصصية التي أتت علي نسق الكبار والرواد لهذا الفن، مرتكزًا علي السرد التصويري للحظة، لذكرى، لتفاصيل الإنسان العادية و حتى دواخله المتعلقة بأحلام اليقظة للإفلات من قبضة واقع يزداد بشاعة وتوحشاً. توزعت للمجموعة علي سبعة عشرة قصة من نسج خيال الكاتب عدا بعض الوقائع التي تعود إلى العشرية الحمراء في مكان أقرب منه إلى الواقعي وهو مدينة «عين التوتة»البهية المكسوة بأوراق التوت والعصية علي تجار الموت وأعداء الحياة. في قصة «القميص الأزرق»يسرد وقائع حلم لإنسان عادي يسافر إلي مدينة لحضور حدث ثقافي من قبل صديقه الكاتب ، وأثناء لقائهما مرت بمحاذاتهما امرأة فاتنة غازلت صديقة الذي كان يرتدي قميصا أزرقاً ، كلماتها جعلت كلا الرجلين يسقطا صريعي هواها ويتتبعان خطوها في الشوارع والأزقة، لكنها تلاشت كخيط دخان ما لبثا أن توقفا وبدا صديقه يستجمع أوجه التشابه بينها وبين أخرى إلتقاها منذ سنة وشغفها حبا حتى ظنها هي، بدليل أنها وصفت قميصه بزرقة البحر وهو بالوسامة «ما أشبه البحر بلون قميصك أيها الرجل الوسيم»مضي الوقت والرجل مازال يسرد تفاصيل فتاته من حضورها للقاء الأدبي وإلقائها لشعر عن قميصه الأزرق وهو ينصت والدهشة تعتريه أتراه هو المقصود في هذه اللوحة الشعرية أم رجل أخر يرتدي قميصا أزرقا؟، انتهي اللقاء وحان وقت الغذاء ليكتشف المسكين أن جميع الشعراء يرتدون قمصانا زرقاء وجميعهم كانوا مقصودين بالمتن الذي ألقته الشاعرة الفاتنة علي أسماعهم . اليمين أمير أبدع وتفنن في هذا الصرح القصصي المحكم البناء والفائق الجمالية بالغوص في عمق التفاصيل والمشاعر وردات فعل الإنسان العفوية والنمطية، الإنسان المدمي والمسحوق الذي يتمسك بخيط الحياة الرفيع إلى آخر النبض وأخر الأنفاس، وهو ما ذهبت إليه الأديبة السورية»فاديا عيسي قراجة»في توطئنها للمجموعة اليامين أمير القصصية»إنحازت قصصه إنحيازً مطلقاً لسكان القاع الذين يتنفسون الموت البطيء بفرح وسعادة ....الذين يلكون شظف العيش كأنهم يلعقون العسل .