إصدار مذكرة تضبط إجراءات الدخول التكويني لدورة أكتوبر 2025 ..ياسين وليد: الدخول التكويني المقبل سيكون "بدون ورق"    الجامعة أضحت الفضاء الذي يتم فيه إيجاد حلول لانشغالات المواطن    فتح باب التسجيل في السنة الأولى ابتدائي اليوم الأحد    ضرورة إضفاء التوازن على الشراكة الاقتصادية بين الطرفين    الجمارك تمثل خط الدفاع الأول في حماية الاقتصاد الوطني    روسيا : لافروف يجتمع مع زعيم كوريا الشمالية ويشيد بعلاقة "أخوة لا تُقهر"    أزيد من 800 مدني قتلوا خلال محاولتهم الحصول على الغذاء.. الموت جوعا يهدد 650 ألف طفل دون سن الخامسة    طُلب مني أن أغيّر موقفي من قضية الصحراء الغربية    استقبال أول فوج من أبناء الجالية للمشاركة في المخيمات الصيفية..فرصة لبناء جسور التواصل بين الجالية ووطنها الأم    الالتزام بأقصى درجات الحيطة والحذر والتقيد بالتدابير الوقائية    سيدي بلعباس: ضبط أزيد من قنطار من الكيف    تدابير ضرورية لتفادي مخاطر أشعة الشمس    كرة السلة : فوز عريض للجزائر أمام الكويت    بطولة إفريقيا للمحليين 2024: وفد "الكاف" ينهي جولته التفتيشية في البلدان المستضيفة للدورة    مداحي تشرف على افتتاح الطبعة 24 للصالون الدولي للسياحة والأسفار    ابراهيم غالي : على الأمم المتحدة الاسراع في تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    مبادرة لصون المعالم الدينية ذات البعد التاريخي … والي البويرة يشرف على افتتاح مسجد آث براهم العتيق بعد ترميمه    غالي يدعو الأمم المتحدة إلى الإسراع في تنفيذ التزامها    التنديد بزيارة العار ل"أئمة" إلى الكيان الصهيوني    السكة الحديدية.. هندسة جديدة للخريطة التنموية    صورة جزائرية ضمن أحسن 10 صور في مسابقة عالمية    حلبة سباق السرعة لكل الفئات العمرية بالبليدة    عمورة يواصل الغياب عن تحضيرات فولفسبورغ    قرار انضمامي إلى فاينورد كان موفقا    انضمام الجزائر إلى "أسيان" ورقة رابحة لترقية الصادرات    بناء علاقة مستدامة للجالية الوطنية تجاه وطنها    توزيع مياه مجهولة المصدر بعنابة    منجم غارا جبيلات مكسب استراتيجي لامتصاص البطالة    تحذير من انتشار أمراض سرطان المعدة والقولون    تحذير من فيروس "أر أس في"    أطفال يبيعون كل شيء.. والأولياء في قفص الاتهام    الموت يتهدّد مئات الآلاف من الفلسطينيين بعد إغلاق المعابر    غوص في عرش العزلة الإنسانية    "الفالوجة" تبدع لحظات فلسطينية مؤثرة    20 موسيقياً يصدرون ألبوماً مشتركاً    الإذاعة الجزائرية تكرم الفائزين في المسابقة الوطنية للشعر الملحون المغنى    المغرب يثير الفوضى بسرقة العلم الصحراوي    اجتماع اللجنة الأمنية الجزائرية-الموريتانية    الخضر في المركز ال36    الجزائر تمدّ يدّ المساعدة لسوريا    الجيش الوطني يتعزّز..    دعاوى لتصنيف مواقع أثرية ومبان تاريخية    فضائل ذهبية للحياء    تلمسان ستصبح قطباً صحّياً جهوياً بامتيازّ    "أناب" تكرّم ياسمينة سَلام    سيدي بلعباس: افتتاح فعاليات الطبعة 15 للمهرجان الثقافي الدولي للرقص الشعبي بحضور جماهيري كبير    تجارة : حملات ميدانية للوقاية من التسممات الغذائية خلال الصيف    كرة القدم/كأس إفريقيا للأمم للسيدات 2024 / المجموعة 2 : وضعية المجموعة قبل الجولة الثالثة    الوزير الأول نذير العرباوي يزور أجنحة دول شقيقة وصديقة بمعرض "إكسبو-أوساكا 2025"    نجاح موسم الحجّ بفضل الأداء الجماعي المتميّز    وزير الصحة: تلمسان على أبواب التحول إلى قطب صحي جهوي بامتياز    الأمم المتحدة تُحيي اليوم الدولي لنيلسون مانديلا وتؤكد: القدرة على إنهاء الفقر وعدم المساواة بين أيدينا    تكريم وطني للطلبة المتفوقين في معاهد التكوين شبه الطبي بتلمسان تحت إشراف وزير الصحة    موسم حج 1446 ه : بلمهدي يشيد بالأداء الجماعي للقطاعات المشاركة    من اندر الاسماء العربية    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة ليست العامل الوحيد في نجاعة الخطاب السياسي
الاتصال سلاح العصر.. وزمن السياسي "الخارق" قد ولّى

إن التطرق إلى دور اللغة في الحملات الانتخابية أمر بالغ الأهمية، إذ لا وجود لخطاب سياسي بدون لغة.. بل إن العملية الفكرية في حدّ ذاتها مبنية على اللغة، وكذا العملية الاتصالية، حتى أنّ يورغن هابرماس جعل من اللغة محور نظريته للفعل التواصلي داخل الفضاء العمومي والديمقراطية التداولية. ولعلّ نظرية "أفعال الكلام" لجون أوستن تبيّن هي الأخرى ما للكلمات من قوّة تتعدى مجرّد التلفظ بها من أجل مجرّد الإخبار، فإعلان الحرب أو تثبيت السلم إنما يكون نتاج كلمات.
مع ذلك، فإنّ حصر نجاح أو فشل خطاب مترشّح أو سياسي ما في جماليات اللغة وحدها يكون ضربا من التغاضي عن عديد العوامل التي تتدخّل في بناء الخطاب الانتخابي، وذلك على مستويات مختلفة.
يمكن تقسيم استراتيجية إنتاج الخطاب السياسي إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى هي إدراك السياق الذي يجري فيه التواصل، ويميّز تييري بالزاك بين السياق القاصي والسياق الداني. وهنا يجب التعرّف على معطيات أهمّها المتلقّي، وهدف الخطاب. المرحلة الثانية هي تحديد العلاقة بين السياق واللغة التي يستعملها الخطاب. ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي التلفظ بالخطاب.
وقد تتنوع الاستراتيجيات الموظفة في الخطاب السياسي الواحد، حيث يقسّم فيليب بروتون مجالات الاتصال إلى الإعلام أو الإخبار، التعبير، والإقناع، وهذا الأخير ينقسم بدوره إلى المحاججة، والتلاعب. وتصبّ الاستراتيجيات عادة في السعي إلى الإقناع، ولعلّ الخطاب الموظف في الحملات الانتخابية خير مثال على ذلك.
على مستوى السياق، يمكن أن نذكر أهمية بيئة المتلقّي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية، ومستواه التعليمي، وتطلعاته واحتياجاته. وإذا لم تتلاءم لغة المترشّح أو السياسي وهذه المعطيات، فإن الرسالة إمّا أنها لن تبلغ هدفها، وإما أنها تؤدّي إلى نتائج عكسية، أي العزوف والشكّ بدل الاقتناع والثقة.
كما يوجد السياق القانوني، وفي الحالة الجزائرية مثلا يحظر القانون العضوي المتعلق بالانتخابات استعمال اللغات الأجنبية في الحملة الانتخابية، ولا يُسمح إلا باستعمال اللغتين العربية والأمازيغية، ومع ذلك لن يكون ذا فائدة توظيف الأمازيغية في بيئة لا تتقن هذه اللغة أو لا تفهمها أصلا، كما لا فائدة ترجى من استعمال لغة عربية تعتمد البلاغة والمحسنات البديعية لمخاطبة جمهور لا يملك أدوات فهم هذه المحسّنات. وإذا كان الهدف من الخطاب السياسي هو الإقناع، فإن مواءمة اللغة الخطابية مع ملكات الجمهور المتلقي تصير حيوية بالنسبة للخطاب الانتخابي، لذلك يلجأ المترشحون في الغالب إلى لغة سهلة بسيطة، أو لغة عامية درج الناس على استعمالها في هذه المنطقة أو تلك، فالهدف هو إقناع أكبر عدد ممكن من المتلقين، وليس استعراض القدرات اللغوية.
وعلى مستوى الملقي، نجد آراءً تؤكّد على البلاغة الفطرية، وأن صاحب الخطاب يكون بسليقته خطيبا مفوّها ذا شخصية كاريزمية، ولكن هذا لا ينفي وجود مهارات مكتسبة، تتأتّى بالدراسة والتكوين المتواصل واكتساب الخبرات، وبالتدريب المطّرد على الخطابة والمحاججة.
أما على مستوى أداة الاتصال في حدّ ذاتها، لا يمكن اعتبار الكلمات الوسيلة الوحيدة للتواصل، بل تلعب لغة الجسد دورا هاما، وكذا طريقة الإلقاء ونبرات الصوت وحتى سرعة تدفّق الكلام. والتحكّم في كلّ هذه المعطيات والأدوات لا يتأتّى إلا بعمل مثابر وبتضافر جهود فريق إعلامي متكامل ومختص في الاتصال السياسي.
ومن هذه النقطة الأخيرة، يمكن أن نستخلص أهمّ سلبيات الخطاب الانتخابي الذي يقدّمه المترشحون للناخبين، وهو غياب دائرة إعلامية متخصصة تشرف على واجهة المترشّح الانتخابي خصوصا، والسياسي عموما، وتسطر له استراتيجيته الإعلامية، وتختار له اللغة الملائمة، والمضامين المناسبة، وطريقة الأداء الصحيحة، وهو المعمول به في أكبر الديمقراطيات وأعرقها في العالم. فاللغة السليمة لا فائدة منها دون مضمون قويّ وبرنامج مدروس، وما فائدة اللغة المنمّقة التي تحمل في طيّاتها خطابات التطرّف والكراهية؟ والمضمون السليم لا طائل منه إن لم يُعبّر عنه بلغة صائبة. وكلاهما، أي المضمون واللغة، لن يصلا المتلقّي ولن يؤدّيا وظيفة الإقناع إذا غاب عنهما الأداء السليم والمؤثّر.
لقد انتهى عصر السياسي "الخارق"، الذي يقوم بكلّ المهام بنفسه، وحلّ عصر المعلومات والاتصال، بل إن الحروب صارت تدور رحاها في الفضاء الإعلامي قبل أرض المعارك.. وما لم يتفطّن سياسيّونا لذلك، فإنهم سيخسرون يوما بعد يوم رهان إقناع الرأي العام وكسب ثقته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.