يبدو أن المناسبات الدينية والأعياد أضحت مرهونة بحسابات يضبطها التجار ويحددون أرقامها بطريقة تخدم مصلحتهم وترفع من هوامش أرباحهم وفي الأخير يفرضونها على المستهلك المغلوب على أمره، دون أن يتركون له الخيار مادامت كل المنافذ تؤدي إلى طريق واحد، يتجسد في لهيب الأسعار فقط. فالمضاربة، إحتكار سوق المنتوجات الإستهلايكة وإرتفاع أثمان السلع، مظاهر لها علاقة مباشرة بالمستجدات التي يطبقها المتعامل ويسعى دوما لتحقيقها ويتسارع من أجل إستغلال كل الفرص التي تساعده على ذلك. متحججا بأسباب وعوامل عديدة تجعله يتهرب من التهم الموجهة له ويتخلص. وكما هو معلوم لدى الجميع أنه في كل مرة تستقبل فيها مناسبة ما، فإن إنعكاساتها حتما ستمتد إلى سوق المواد الغذائية وترمومتر أسعارها الذي لا يعرف الإستقرار في طيلة هذه المدة والمواطن هنا لا يتراجع ولا يفكر حتى في الإمتناع عن الشراء والتبضع بل تجد العديد منهم يتسابقون من أجل شراء ما يحتاجونه من مستلزمات لدرجة تشكيل طوابير طويلة أمام المحلات والمساحات التجارية. فبعد التحضيرات الخاصة بإستقبال شهر الصيام، هاهي اليوم العائلات الجزائرية تستعد لحلول عيد الفطر المبارك وتغير من وجهتها نحو منتوجات أساسية ومواد أولية تدخل في صنع حلويات العيد حتى وإن كان ذلك بتكاليف باهضة وهو مازاد من شجع التجار الذين حولوا أسواقنا اليومية إلى مزاد علني مفتوح لمن يريد المشاركة فيه أوحتى الإستفادة من مختلف البضائع المعروضة. أمام كل هذه المتغيرات أصبحت نكهة العيد والإحتفالات الخاصة بحلول شهر شوال جزء لا يتجزء من الإختلالات التي تلازم أسواقنا اليوم وتؤثر لا محالة على ميزانية أرباب العائلات جراء المصاريف الإضافية الناجمة عن المبادلات التجارية المبرمة بين البائع والمشتري وكأنه واقع مفروض علينا يتكرر بصفة تلقائية مع حلول المناسبات والأعياد التي تجعل المستهلك ملزم لإحترام الشروط المفروضة عليها وتطبيقها حرفيا. فمنذ فترة قليلة فقط كانت كل الأنظار متجهة نحو سوق الخضر والفواكه والتغييرات التي شهدتها مؤخرا بفعل الإرتفاع المفاجئ لأسعار الخضر والفواكه، يحل اليوم دور سوق المكسرات وما تعرفه هي الأخرى من تأثيرات سلبية تنصب مجملها في الغلاء الفاحش لهذه المواد و كل المنتوجات التي تدخل في إعداد حلويات العيد. ومع إقتراب عيد الفطر المبارك تلجأ ربات البيوت إلى إقتناء كل المواد الأولية من مكسرات وغيرها تتفنن من خلالها في صنع أشهى وألذ الحلويات التقليدية والعصرية تزامنا مع هذه المناسبة وتجسيدا لتقاليدنا التي تفرض علينا الإقتداء بعادة الإفطار بطبق حلو صبيحة يوم العيد تعبيرا عن فرحة العائلات بحلول شهر شوال. الغلاء لا غير هو الطابع الوحيد الذي يميزهذه الأيام الأسواق، المحلات والمساحات التجارية لأن البائع يعلم علم اليقين أن بضاعته سيتخلص فيها خلال هذه الفترة ولن تعرف الركود أو حتى تبقى مكسدة بمخازنه بدليل إرتفاع وتيرة الطلب عشية حلول عيد الفطر المبارك لإقتناء كل مستلزمات الحلويات. ويكفي أن تتجول بمختلف نقاط البيع لتتأكد من ظاهرة إرتفاع الأسعار والأكثر من ذلك فقد غيرت أغلب المحلات من نشاطها وأصبحت تهتم بسوق المكسرات والمنتوجات الخاصة بمناسبة العيد ولك أن تقوم بمقارنة بسيطة عن ماكانت عليه الأسواق من قبل وما تشهده حاليا من متغيرات لاتخرج عن نطاق الغلاء واستغلال كل الظروف المؤهلة لذلك. وفي هذا الشأن فقد إرتفع سعر الكيلوغرام الواحد لجوز الهند في مدة قصيرة جدا لا تتعدى أسبوعين فقط من 600 دج إلى 800 دج وهي زيادة مفاجئة وغير عادية إستغرب من خلالها المشتري، لاسيما للفئة التي سبق لها وأن إقتنت هذه المادة بالسعر الأول، أما الفول السوداني الذي صعد ثمنه إلى السقف ففط حطم هو الآخر أرقاما قياسية في سلم الأسعار بعدما تراوح ثمنه مابين 350 و400دج للنوعية الجيدة و300 دج للكيلوغرام الواحد للمنتوج الرديء، في الوقت الذي كان لا يتجاوز بثمن 220 دج. كل هذا التغيير أخلط الأمور على ربات العائلات التي إعتادت على إقتناء مادة الفول السوداني لإعداد حلويات العيد كبديل عن مادة اللوز الغالية الثمن، إلا أن هذا الموسم وعلى خلاف المواسم الفارطة حيث أصبح الفول السوداني هو الآخر يزاحم قائمة المنتوجات التي تعرض بأسعار باهضة وهو ما دفع هذه الأخيرة لإقتناء مواد أخرى وبكميات قليلة لعلها تتمكن من تحضير حلويات العيد. بالمقابل فقد حافظت مادة اللوز على أسعارها السابقة لم تنزل عن السقف المعتاد حيث تراوحت أسعارهها مابين 800 و900دج للكيلوغرام الواحد و780دج للوزن غير المقشر في حين وصل سعر »الڤرڤاع« إلى 1400 دج والبندق ب 1200 دج. أما فيما يخص المواد الأولية الأخرى فقد سجلت هي الأخرى إرتفاعا ملحوظا هذه المرة بزيادة تتراوح مابين 20 و100دج على سبيل المثال السكر الناعم الذي صعد إلى 80 و110 دج و»المارغرين« ب 100 دج للوحدة المخصصة لتوريق فيما ظلت مادتا الفرينة »والمايزينة« تعرض بالأسعار المتعارف عليها ومع كل هذا الإختلاف والزيادة التي لم تستثن أي منتوج لم تتراجع وتيرة التوافد على المحلات، حيث بقيت هذه الأخيرة تشهد إقبالا كبيرا على منتوجاتها لدرجة الإكتظاظ فلا تكاد تدخل محلات يصعب عليك شراء ما تحتاجه بسبب العدد الكبير للمشترين وقد تضطر للإنتظار للحصول على مستلزماتك. من جهة أ خرى أصبحت محلات بيع الحلويات الجاهزة تستقبل يوميا أرقاما كبيرة من طلبيات الزبائن، الذين يريدون شراء منتوجاتها بدلا من التفرغ لطهي الحلويات وهي الموضة الجديدة التي أضحت تميز بعض العائلات وهو ما شجع المحلات للعمل وفق الطلبيات المعروضة عليها بأسعار تتراوح مبين 800 و1200دج للكيلوغرام الواحد حسب نوعية المنتوج في الوقت الذي كان محددا مابين 600 و1000 دج وهذا بزيادة تساوي 200دج للنوع الواحد المصنوع من الفول السوداني. أما الأنواع الأخرى التي يتفنن فيها أصحاب المحلات بألوان وأذواق جذابة على شكل فواكه وغيرها فإن الأمر مختلف تماما، حيث يعتمد هؤلاء على سلم خاص بهم وهذا بإحتساب 60دج للقطعة الواحدة المصنوعة من اللوز ولربة البيت حرية الإختيار بين النوع الأول والثاني وفي كلتا الحالتين فإن نسبة الإقبال لن تنخفض مهما كان سعر البضاعة المعروضة وهو ما يؤكد فرضية »يشكي ويشري«