شدد نواب المجلس الشعبي الوطني يوم الثلاثاء خلال مناقشتهم لمشروع تعديل قانون المنافسة على أهمية ضبط النشاط التجاري و ردع التجار المخالفين دون المساس بمبدأ حرية اقتصاد السوق. وثمنت الأغلبية من النواب الميكانزمات التي استحدثها هذا المشروع لمحاربة حالات ارتفاع الأسعار غير المبررة لكن طالبوا بالمقابل بتقوية أداء أعوان الرقابة معتبرين تطبيق هذه الآليات في الميدان "مرهونة بصرامة الرقابة التي تخضع في الكثير من الأحيان للمحاباة والرشوة". واعتبر بعض النواب ان هذه التعديلات من شأنها "أن تقف في وجه بعض المتعاملين الذين حولوا تحرير التجارة إلى وضعية لا قانون" "وبارونات المضاربة" آملين في تدخل الدولة لتحديد هوامش الربح بالنسبة لأسعار المواد الاستراتجية في حالة اضطراب السوق. ولاحظ نواب آخرون أن الدولة ليس بامكانها ضبط السوق إذا لم تحارب السوق الموازية التي تتم على مستواها أغلب التعاملات التجارية الوطنية مشددين في الوقت نفسه على مراقبة توزيع المنتوجات المستوردة التي غالبا ما تتم بغير فوترة للتهرب من الضرائب. ورأى بعض النواب أن الحل يكمن بالنسبة للحكومة في التموين الدائم للسوق عن طريق الانتاج والاستيراد دونما الحاجة إلى تسقيف الأسعار التي يجب أن تخضع لمبدأ العرض والطلب. وفي نفس السياق اعتبر أحد النواب أن التراجع عن قواعد اقتصاد السوق الذي تحكمه آليات العرض والطلب ليس هو الحل مستدلا في ذلك بقانون حماية المستهلك وقمع الغش الذي تمت المصادقة عليه والذي لم يقلص من الغش والسوق الموازية والسلع المغشوشة والمقلدة. وأضاف أن إشكال غلاء الأسعار حاليا يرجع إلى عدم وجود تصور واضح لسياسة ضبط السوق ولعدم تفعيل آليات الرقابة. وألح نواب آخرون على تفعيل مجلس المنافسة لمحاربة وضعيات الاحتكار متسائلين عن أسباب عدم تفعيله إلى حد الآن. وفي رده عن أسئلة النواب أوضح وزير التجارة مصطفى بن بادة ان آليات التسقيف وتحديد الأسعار التي استحدثها مشروع هذا القانون ستستعمل فقط عند ملاحظة ممارسات غير سليمة تؤدى إلى الارتفاع الفاحش للأسعار التي تضر بالقدرة الشرائية للمستهلك. واعترف الوزير أن حالات ارتفاع الأسعار ليست مرتبطة بندرة السلع حيث سجلت هذه الحالات حتى في حالة الوفرة مما يدل على وجود شبكات للمضاربة والاحتكار التي يجب على الدولة مراقبتها وضبطها. "جئنا بهذا التعديل للسماح للحكومة بتوظيف هذه الآليات من أجل ضمان عودة الأسعار إلى مستوياتها في حالات الارتفاع الفاحش" يقول الوزير. كما سيسمح هذا القانون حسب الوزير بفرض تركيبة الأسعار على المنتجين والمستوردين وذلك بانعكاس انخفاض أو ارتفاع أسعار المنتوجات خاصة المستوردة منها على الأسعار النهائية وذلك باحتواء الأسعار عند حدود هوامش الربح المعقولة باستحداث بطاقيات تحدد أسماء المستوردين ونوعية المنتوجات المستوردة وفترات الاستيراد. وثمن الوزير في هذا الاطار كل تدخلات النواب التي دعت إلى ضمان وفرة الانتاج الوطني مذكرا أن وزارته ستسعى لتحسين تجارة المنتوج الوطني وحمايته من التجارة الموازية والقادمة من الخارج وذلك بانتهاج الوسائل المعتمدة دوليا. وفيما يخص مطلب محاربة المضاربة وممارسة التجارة غير الشرعية أكد الوزير أن قطاعه عازم على وضع الآليات الكفيلة لحماية الاقتصاد الوطني والمستهلك معترفا أن الاضافات التي جاء بها القانون في هذا الباب غير كافية لكنها ضرورية في الوقت الحالي. وقال الوزير "أن المضاربة مصدرها فوضى في التوزيع" وستعمل الحكومة على ازالتها في اطار برنامج تنظيم التوزيع 2010-2014 عن طريق انشاء أسواق الجملة وانشاء مؤسسة عمومية لانشاء وتسيير الفضاءات التجارية الكبرى والتي ستمكن الحكومة من احتواء الأسعار بتنظيم العلاقة بين مسيري هذه الأسواق والمنتجين وبائعي الجملة. وبشأن أجهزة رقابة التجارة اعترف الوزير بنقص الامكانيات في هذا المجال مفيدا أن هناك برنامجا لتوظيف 7 ألاف عون رقابة جديد سيضافون ل3 ألاف عون الممارسين حاليا. كما سيتم خلال هذا الخماسي انشاء معهد وطني لتكوين اعوان رقابة التجارة. وعن تفعيل مجلس المنافسة الذي أثاره الكثير من النواب لمحاربة وضعيات الاحتكار أوضح الوزير أن النواة الادارية لهذا المجلس موجودة واعدا أن وزارته تعمل لأن يصبح هذا المجلس عملي في أقرب وقت ممكن.