تعتبر الأغنية الوهرانية مدرسة فنية مثلت الأغنية الجزائرية خلال سنوات العشرينيات،عندما سجل الشيخ حمادة عددا من أغانيه بمدينة برلين الألمانية سنة 1924 وهو من أدخل الشيخ العنقا للجزائر وشجعه على إدخال قصيدة الملحون المتصوف في الطابع الغنائي الشعبي، واليوم أصبحت تتغني بالقصائد الصوفية وكذا عمالقة الأغنية الوهرانية حيث بدأ المرحوم أحمد وهبي خلال الأربعينيات مسيرته في الأغنية الوهرانية ،فلا تزال أغانيه تلقى نفس الصدى الذي لقيته في السنوات الماضية من حياته مثل "علاش تلوموني" و" يا طويل الرڤبة" و" الغزال"، " يا شهلة لعيون"، " سرج يا فارس اللطام "وهذا بالتعامل مع الفنان الراحل عبد القادر الخالدي الذي أمده بأجمل نصوصه التي بقيت تخلد كل من العملاقين. كما أعاد عدد من الفنانين أغانيه الراسخة في العقول، وكان وهبي البذرة التي لا تزال تعطي ثمارها ولا تزال وهران تنجب خيرة الفنانين الذين اختاروا السير على درب الراحل منهم الفنان معطي الحاج، سيد أحمد قوطاي، سامية بن نبي ، مليكة مداح ، بارودي بن خدة أحد الأصوات القوية التي ظلت محافظة على طابع الأغنية الوهرانية الأصيلة، و غيرهم. فأعماله القيمة سمحت لوهبي أن يكون عميدا للأغنية الوهرانية التي تميزت بغناء نصوص شعراء الملحون بألحان مطعمة بجمل من ألحان الموسيقى العربية الشرقية بصوت قراري قوي شد اهتمام كبار الفنانين العرب لأن أحمد وهبي حمل طابعا فريدا ووضع بصمته الخاصة ، ليصنف نفسه واحد من أهم مطربي الأغنية الجزائرية الطربية وساهم في تطوير الأغنية الوهرانية ،وخرج بها من المحلية نحو النجاح والعالمية، و جاء بلاوي الهواري وكتب النوطة الوهرانية ولحن روائع جميلة و اشتهر بأغنية " بي ضاق المور " للشيخ بن سمير ، و" يا ذبايلي يا انا على زبانة " من كلمات " الشريف حماني ، كما لحن الأستاذ بلاوي أكثر من 500 أغنية منها ما غناها بصوته ومنها ما غناه مغنون شباب مثل صباح الصغيرة ، جهيدة ، خالد ، هواري بن شنات ،وجل أغاني بلاوي نصوصها من تراث الملحون لكبار الشعراء مثل عبد القادر الخالدي، الشيخ الميلود، لخضر بن خلوف، مصطفى بن إبراهيم قدور بن سمير. و للتاريخ فإن بلاوي الهواري هو أول ملحن أدخل لون السماعيات الموسيقية في الموسيقى الجزائرية حيث كانت غير معروفة في الجزائر أثناء الفترة الاستعمارية وبالتالي فقد شارك باسترجاع الشعب الجزائر سيادته الثقافية و الموسيقية المستمدة من الموسيقى العربية... في هذا الإطار ألف 4 أو 5 سماعيات في فترة الستينيات بوسائل بسيطة و فرقة أبسط و لكن كم كانت هذه التجربة جميلة و الفكرة و الاكتشاف أجمل . لقد ظهرت أصوات جديدة تحتاج إلى دعم و رعاية لتواصل الحفاظ على هذا الإرث الفني العظيم و اليوم نحتاج إلى أكاديمية للفن بكل معنى الكلمة، تخرّج فنانين وموسيقيين وملحنين وكذلك كتّاب كلمات، إلى جانب إنشاء كورال لتقديم الأغنية الوهرانية كما فعل المرحوم بلاوي مع أحفاده . فالمواهب الفنية الشابة موجودة و نحسد عليها لكنها لم تجد فرصتها للظهور، فإما أن تموت الموهبة فيهم وإما أن توجه إلى أغنية الراي.كما أن المهرجان من خلال طبعاته الماضية نظم مسابقات رسمية للأصوات الشابة و قد وقف على ركحه العديد ممن قدموا القديم والجديد لكن سرعان ما اختفوا وسط الزحام في وقت يدق الكثير من أهل الأسرة الفنية ناقوس الخطر خوفا من انقراض هذا الإرث الفني الكبير . إن الثقافة الوهرانية صنعت لمدينة وهران سمعة إقليمية وعربية وحتى عالمية. فاشتهرت المنطقة بشعراء ما يسمى بالملحون الذي شكل المعين الذي غرفت منه الأغنية الوهرانية عبر شيوخ الوهراني وأغنية الراي لاحقا لتصل به لآذان العالم عبر شباب المدينة.