شارك في صناعة أمجاد الأغنية الجزائرية الحديثة بسلسلة من الأغاني الرائعة والمتميزة في نصوصها وألحانها. هو أول من لحن المقطوعات الموسيقية في تاريخ الموسيقى الجزائرية المعاصرة وأب الأغنية العصرية الوهرانية بدون منازع، إنه الفنان بلاوي الهواري. ولد الأستاذ بلاوي في 26 جانفي سنة 1926م بحي” سيدي بلال ”بالمدينة الجديدة في مدينة وهران، تربى في كنف عائلة تحب الموسيقى، حيث كان أبوه ”محمد التازي” عازفا على آلة ”الكويترة” وكان أخوه ”قويدر بلاوي” عازفا على ”البانجو” و«الماندولين”، فيها تعلم العزف على الآلات الموسيقية ومنها اكتسب اهتمامه بها، فدخوله عالم الموسيقى لم يكن صدفة بل عن وراثة. في الثالثة عشر سنة من عمره ترك المدرسة ليعمل في مقهى والده بجانب ”حمام الساعة” حاليا، كان مكلفا بتغيير الأسطوانات على الفونوغراف، وفيها بدأ في الاستماع إلى اسطوانات المشاهير من المغنيين. في هذه المرحلة، كان الطفل بلاوي ينهل من التراث الشعبي والغربي الموسيقي. تحصل على الجائزة الأولى لإذاعة ”كروشي” عام 1942م، عمل في ميناء وهران كحاجب وتعلم العزف على البيانو والأكورديون وتعامل مع المغني موريس مديوني في تقديم الأغاني الأمريكية والفرنسية. في الأربعينات، كان يحيي الأعراس والمناسبات العائلية مع فرقة عصرية، إلى جانب تقديم الأغاني البدوية ونصوص شعراء الملحون، عندها اشتهر بأغنية ”بي ضاق المور” للشيخ بن سمير. في عام 1943، أسس فرقة عصرية بمساعدة آخيه ”معزوز” والحكم الدولي ”قويدر بن زلاط” وكانت تضم: بوتليليس -عبد القادر حواس - مفتاح حميدة - بلاوي قويدر. في عام 1949م، أوكل إليه ”محي الدين بشطارزي” تكوين وقيادة الفرقة التي ستنشط موسم أوبرا وهران طيلة ستة أشهر. وسجل أول أسطوانة له (45 لفة) غنى فيها ”راني محير”. وفي مدرسة الفلاح التي تخرج منها رجال وهران وعلماؤها، تشبع بلاوي بروح ابن البلد وتعلم كيف يوظف فنه في خدمة الشعب، فغنى رائعته ”يا ذبايلي يا انا على زابانة” من كلمات ”الشريف حماني”، لحنها في مقهى والده، كما أنه ينعي فيها استشهاد «أحمد زبانة” ابن الحي والمدينة الذي كان من الأوائل الذين استعملت معهم فرنسا المقصلة في القتل. في حي سيدي بلال، كان بلاوي يلتقي بالكادحين من أبناء وهران ويتفاعل مع موسيقى القرقابو والقلال وأغاني البدوي في هذا الحي الذي يمثل الوجه الشعبي للباهية وهران، ومنهلا آخر من المناهل التي كان يستقي منه في شبابه. كل هذه العوامل وغيرها جعلت من بلاوي ابن وهران المدلل الذي يحبه ويحترمه كل أهل وهران والجزائريون ومحل تقدير الناس وكبار الفنانين. بعد الاستقلال، أوكلت إليه إدارة ”الإذاعة والتلفزيون الجهوي” بوهران، آخر ألبوم للأستاذ كان في عام 2001م، لحن أكثر من 500 أغنية، منها ما غناها بصوته وأخرى بأصوات مطربين شباب مثل: صباح الصغيرة – جهيدة – خالد – هواري بن شنات ... . وجل أغاني بلاوي نصوصها من التراث الملحون لكبار الشعراء مثل: عبد القادر الخالدي- الشيخ الميلود - لخضر بن خلوف - مصطفى بن ابراهيم وقدور بن سمير. مازال بلاوي إلى يومنا هذا بمثابة عمود أساسي في تاريخ الموسيقى العصرية الجزائرية إلى جانب الأستاذ أحمد وهبي، إذ يمثلان تاريخ الأغنية الوهرانية.