كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحا، عندما زارت «الجمهورية» الطبيبة المختصة في علاج الربو لدى الأطفال بحي «مارافال» وهران بمكتبها، حيث وجدنا السيدة (نصيرة. ق) في انتظارنا وعلامات السعادة بادية على محياها، بالرغم من سنوات الوجع والمعاناة التي عاشتها في بيتها الزوجي، بعد أن عنفت على مدار أكثر من 10 سنوات، ولو أن رفيقة مقربة منها كانت قد روت لنا حكايتها لما استطعنا اكتشاف الأمر ونحن نشاهد مظهرها الأنيق وابتسامتها العريضة التي استقبلنا بها، ورغم ترردها في سرد قصتها على مسامعنا إلا أن كانت جريئة في طرح الموضوع، حيث قالت لنا إن التعنيف الذي تسبب فيه زوجها السابق، لم يزدها إلا قوة وإصرارا حتى تكون نموذجا للمرأة الصامدة في مجتمعها متحدية الظروف الصعبة ونظرة الناس إليها كإمرأة مطلقة تناضل من أجل كرامتها وكيانها وإثبات وجودها، لاسيما وأن هذه الطبيبة أم لثلاث أولاد يرون فيها مثالا للتضحية. فنصيرة إمرأة عادية كغيرها من النساء درست بجد في كلية الطب بوهران، وتزوجت بعد أن حاول والدها، إرغامها على المكوث في المنزل لكن الظروف لعبت لعبتها وجعلتها تتعرف على رمزي، الذي وعدها بإتمام دراستها ومزاولة مهنتها، إلا أن الأمر لم يكن سوى وعود كاذبة حاول من خلالها هذا الزوج استغلال تعليمها ومنصبها لسلب مدخولها اليومي، باعتبار أن هذا الشخص لا يملك مؤهلات الزوج الصالح وهو ما اكتشفته نصيرة مع مرور الأيام، لتجد نفسها تعيل رجلا سكيرا ينعدم للمسؤولية، يضربها ويعنفها ويهينها ما جعلها تدخل في دوامة من الحزن والكآبة وما زاد الطين بلة هو الموقف السلبي الذي أبدته عائلتها هذه الأخيرة التي رفضت طلاقها خوفا من العار باعتبار أنها عائلة معروفة، كل هذه العوامل جعلتها تنتفض ضد ما تعيشه وقررت خوض معركة قضائية في المحاكم للانفصال عن هذا الزوج وتطليق هذه المعاناة والجحيم الذي سبب لها أزمة نفسية دفعتها لمتابعة العلاج لدى أخصائية نفسية، لتنطلق رحلة نصيرة مع القانون الذي قاتل إنه أنصفها وأعاد لها حقوقها المهضومة ومكانتها في المجتمع، مثنية على الإصلاحات التي قام بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، وبفضل هذه الترسانة من القوانين التي أدخلتها الدولة الجزائرية على منظومة القضاء، استطاعت هذه السيدة النموذج الوقوف من جديد فاتحة صفحة جديدة كلها أمل وإشراق وتحدي، في حياتها كأم تتكفل بإعالة أبنائها بمفردها وكطبيبة تشرف على علاج الأطفال المرضى بالربو.