عاشت قسنطينة خلال سنة 2017 على وقع الكثير من الفعاليات الثقافية و النشاطات الفنية المنوعة التي احتضنتها مختلف الهياكل الثقافية الموزعة عبر تراب الولاية، فكانت قاعة العروض الكبرى أحمد باي شاهدة على عديد البرامج الفنية وكذا نشاطات العروض، بالإضافة إلى مسرح محمد الطاهر الفرقاني الذي احتضن على مدار سنة كاملة كمّا جد معتبر من العروض المسرحية الدائمة، ناهيك عن حفلات ومهرجانات وفعاليات أخرى بدور الثقافة من صالونات حرفية و تقليدية و معارض للكتب و فنون تشكيلية التي ميزت بشكل عام المشهد الثقافي بقسنطينة خلال سنة 2017 ،و ذلك على الرغم من تراجع بعض النشاطات و المهرجانات على غرار كل من المهرجان الدولي للمالوف و المهرجان الوطني للشعر النسوي ، حيث فقد مهرجان المالوف صبغته الدولية أما مهرجان الشعر النسوي فقد اكتفى ببعض الأسماء الشعرية و الندوات ، تماشيا مع تقليص ميزانية المهرجانين، لتبقى النشاطات متواصلة في محاولة لدفع الحراك الثقافي بمدينة رشحت كعاصمة أبدية للثقافة العربية. تسمية مسرح قسنطينة على اسم الراحل محمد الطاهر الفرقاني
حظي مسرح قسنطينة الجهوي أواخر سنة 2017 بتسمية رسمية مع انطلاق المهرجان الدولي للمالوف وبأمر من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، حيث أطلق على هذا الصرح الهام اسم عميد أغنية المالوف الحاج محمد الطاهر الفرقاني الذي تزامنت ذكرى وفاته الأولى يوم 7 ديسبمر، و هي التسمية التي جاءت تثمينا لمساره الفني الحافل و لما قدمه لفن المالوف على مدار أكثر من 70 سنة من العطاء. مسرح محمد الطاهر الفرقاني و خلال هذه السنة شهد العشرات من العروض المسرحية منها ما هو خاص بمسرح الطفل و منها ما هو خاص بمسرح الكبار، أهمها العملين الجديدين تحت عنوان "سلالم الظلمة" لمخرجه كمال فراد و "جحا ديجيتال" للمخرج ياسين تونسي، كما قدم المسرح لجمهوره العديد من العروض المسرحية التي لقيت إقبالا كبيرا من طرف الجمهور، خاصة فيما يتعلق بمسرحيات الأطفال خلال العطل الشتوية والربيعية و حتى الأسبوعية، منها مسرحية "غرور الصرصور" ، "رحلة فهيم والحاسوب" ، "صانع الخيال" و أخرى تنوعت بين مسرح قسنطينة و مسارح تابعة لمدن أخرى جاءت تحت عناوين" ليلة دم" ، " بيرات خراييب" ، كشرودة، أمنوكال و غيرها من العروض، و من ضمن الفعاليات التي احتضنها المسرح أيضا فعاليات فنية في طابع العيساوة و المالوف، بالإضافة إلى أماسي أدبية و شعرية و تخصيص فضاء لجمع العديد من الشعراء ضمن معرض للكتاب، مع بيع بالإهداء وذلك ضمن أول مبادرة جمعت الكثير من الشعراء و الأدباء، فضلا عن الكثير من النشاطات التي أشرف عليها نادي المزهر المسرحي أحمد رضا حوحو الذي نظم بدوره العديد من الندوات و كرم ضمنه عدد من الفنانين . تنوع في النشاط الفني و الثقافي بقاعة أحمد باي الكبرى عرفت قاعة العروض الكبرى أحمد باي خلال السنة الجارية تنوعا في مستوى النشاطات الثقافية والفنية التي أشرف على تنظيمها الديوان الوطني للثقافة والإعلام، فإلى جانب الحفلات الفنية التي شارك في إحيائها فنانون محليون و آخرون عرب، تم افتتاح العديد من الورشات التدريبية الفنية و الموسيقية بذات القاعة، كما افتتحت قاعة سينما لعرض أفلام عالمية بتقنية حديثة و ذلك وفق برنامج خاص بسينما الديوان، أما بالنسبة لبرنامج الطفل فقد أخذ منحى تصاعدي من حيث النشاطات التي تمحورت حول البرامج الشهرية القارة ، حيث شاركت العديد من الجمعيات الفنية و الثقافية في تجسيد ذلك البرنامج الذي بات يعرف إقبالا كبيرا من طرف الجمهور الصغير ، حيث يزداد أكثر خلال العطل المدرسية ، فيما عرفت النسخ الجديدة من ألعاب الخفة العالمية هي الأخرى إقبالا كبيرا، فضلا عن الكثير من الفعاليات منها عروض للصناعات التقليدية تزامنا و بعض الاحتفالات منها عيد المرأة، وعروض مسرحية و أوبيرات بمناسبة الأعياد الوطنية كعرض أوبيرات " قال الشهيد "و " حيزية "، و كذا العرض الشرفي الأول لفيلم ابن باديس و غيرها من العروض. وعلى صعيد السهرات والعروض الفنية تواصل برنامج الديوان بقاعة الزينيت بتقديم حفلات في مختلف الطبوع الموسيقية الوطنية وحتى الأجنبية ، وبرنامج خاص بشهر رمضان المعظم،فضلا عن تظاهرة ليالي سيرتا التي ميزت صيف 2017 بمشاركة عدد من الفنانين العرب منهم صابر الرباعي، نجوى كرم، وائل جسار، محمد عساف و غيرهم، وهي البرامج التي جعلت من قاعة العروض الكبرى أحمد باي قبلة للكثير من العائلات والشباب الذين يستهويهم حضور فنانيهم المفضلين.
عودة موفقة لمهرجاني المالوف الدولي و الشعر النسوي احتضنت دور الثقافة بقسنطينة عددا من الفعاليات الفنية و الثقافية منها قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة الذي كان بهوه شاهدا على معارض في الصناعات التقليدية و الحرف، أهمها الصالون الوطني للزي التقليدي، فضلا عن معارض خاصة بالفن التشكيلي التي شارك فيها الكثير من الفنانين و كذا معارض للصور الفوتوغراغية ، حيث كانت هذه المعارض على فترات منقطعة لكنها شبه متواصلة، فمنها الجماعية التي جمعت عديد الفنانين كمعرض ال 100 لوحة لكل من الفنانين مسيكة بالهولة، محمد الشريف بوعناقة، رابح لملوم، بريزة الزاهي ، و منها أيضا الفردية التي كانت خاصة بفنان واحد ، كما احتضن ذات القصر الطبعة الثانية من الأيام الوطنية المسرحية " سيرتا شو" التي كانت في الفترة ما بين 28 نوفمبر إلى 2 ديسمبر من السنة الجارية تحت شعار "معا...لا للتبذير ، و كذا الطبعة السابعة من أيام الفنون و الآداب التي تم من خلالها افتتاح متحف خاص بعميد المالوف يضم مخزون و رصيد الراحل الضخم في شقه الإبداعي الموسيقي الذي قدمه لفن المالوف في حياته حتى أغراضه الشخصية و تكريماته التي حظي بها على مدار عطائه الفني، ناهيك عن تنظيم العديد من الندوات الثقافية و الأمسيات الشعرية و معارض للكتب. كما احتضن المتحف الوطني للفنون و التعابير الثقافية قصر أحمد باي تظاهرة أسبوع الخط العربي مع عديد من الندوات و الأمسيات الأدبية و المعارض الخاصة بالصناعات التقليدية و الحرف، كما نذكر من خلال الحصيلة السنوية عودة مهرجانين هامين هما المهرجان الثقافي الوطني للشّعر النّسوي في طبعته التاسعة بعد سنتين من الانقطاع ، و ذلك منذ طبعته الأخيرة في شهر ديسمبر 2015، حيث عادت التظاهرة بمحافظة جديدة لكنها عرفت مشاركة محتشمة في عدد الأسماء اللامعة أدبيا بالمقارنة بالأعداد السابقة مع غياب المحاضرات الهادفة، أما المهرجان الثاني فهو يتعلق بالمهرجان الثقافي الدولي للمالوف في طبعته العاشرة بمسرح قسنطينة الجهوي بين 4 و7 ديسمبر، حيث اكتسى حلة مغاربية بدلا من دولية و حتى المغاربية اقتصرت على جوق المالوف التونسي لا غير، حيث لم ترقى حسب الكثيرين لمستوى الطبعات السابقة . افتتاح المكتبة الرئيسية للمطالعة تعززت الساحة الثقافية بولاية قسنطينة هذه السنة بصرح ثقافي هام تمثل في المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية التي حملت اسم الأديب الراحل مصطفى نطور، وذلك بعد سنتين من الانتظار ، لاسيما و أنها كانت مبرمجة ضمن مشاريع قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 ،لتكون بمثابة حدث هام انتظره الكثير من الطلبة و عشاق المطالعة ، فبالإضافة إلى توفر الصرح على قاعة كبرى للمطالعة تتسع لأكثر من 180 مقعد، فهي تتميز بمرافق متعددة و تحمل رصيدا هاما من مختلف الكتب يصل إلى حوالي 29 ألف كتاب، فضلا عن كونها مجهزة بفهرس آلي للكتب و قاعة للمحاضرات ب 200 مقعد و ورشات للرسم و التكوين و قاعة مطالعة للأطفال مع 5 آلاف كتاب، وهي تحفة معمارية متميزة و جذابة,، وقد تم خلال هذا العام افتتاح مدرسة لتعليم الموسيقى بديوان مؤسسات الشباب تحمل اسم "فضاءات"، حيث تقدم لطلبتها دروسا نظرية و تطبيقية في شتى الطبوع الفنية العريقة من موسيقى أندلسية و مالوف، وذلك وفق أسس بيداغوجية يشرف عليها عدد من الفنانين و الأساتذة المختصين على رأسهم الفنان كمال بودة.