الجيلاتين الحيواني مستخرج من عظام و جلود الخنزير و يوجد في الياغورت و العصائر و الأجبان و عجائن الأسنان و بعض الأدوية "المرقاز" يصنع من أمعاء مجهولة المصدر يتم جلبها من الخارج يشكل موضوع الحلال ، حديث العام و الخاص بالمجتمع الجزائري خلال الآونة الأخيرة ، لما له من أهمية بالغة لدى المستهلكين في بلادنا الملتزمين بتعاليم ديننا الحنيف .فيما يخص جانب الإطعام واللباس . حيث كثر اللغط والجدل بخصوص بعض الأمور المتعلقة بكيفية ذبح الدواجن في مختلف المذابح المنتشرة عبر ربوع الوطن والتي تسربت معلومات لدى المواطنين تؤكد أن العديد من تلك المذابح تستعمل طرقا غير شرعية دينيا وقانونا لذبح الدجاج وهو ما يؤكد فرضية أن الذبيحة تموت قبل أن تذبح، الأمر الذي يجعلها "جيفة" أي محرمة بنص القران والسنة النبوية . ومن هذه الطرق والأساليب المعتمدة بالمذابح ، نجد الصعق الكهربائي والذبح الميكانيكي اللذان تحوم حولهما الشكوك في شرعية و صحة عملية الذبح و التي لم يجد لها المواطنون تفسيرا ولا إجابة صحيحتين بعدما كثر الجدل حولهما ، فمنهم من يرى بأنها شرعية وحلال وهي الفئة التي تسيّر المذابح و بعض مربي الدواجن و أخرى تحرمها إطلاقا مستدلة بما جاء في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام والمتمثلة في رجال الدين وبعض من الأسرة الطبية. وهو الرأي الذي يشاطره خبراء في مجال البيولوجيا وأصحاب المخابر منهم الدكتور عياط محمد صاحب مخبر التحاليل النوعية بوهران ، والذي خص "الجمهورية" بحوار تحدث بالتفصيل عن حيثيات الموضوع وكذا عن أمور أخرى قد يجهلها المواطن ولا يلقي لها بال وهي في نفس الوقت تعد خطيرة وعظيمة سواء على عقيدته أو صحته و تتلخص على الإطلاق في المواد الغذائية المستوردة من الخارج والتي يجهل مصدرها ومكوناتها في غياب جهات بالجزائر تتولى مراقبة هذه المأكولات لدى ولوجها إلى البلاد عبر الموانئ. بداية دكتور ، لنتحدث عن المواد الغذائية المستوردة وما تحتويه من مكونات يقال عنها أنها مضرة و محرمة... ما هو أكيد أن المستهلك الجزائري يتوجب عليه الإدراك بان ليس كل ما يأتي من الخارج هو مباح ، لان هناك مواد غذائية (وليس كلها ) تحمل مادة الجيلاتين الحيواني الخطير على صحة الإنسان . و هنا قد يتساءل القارئ عن هذا الجيلاتين ؟ وأجيبه بأنه عبارة عن مادة مستخرجة من عظام وجلود الخنازير يتم طحنها وتحويلها إلى مضافات تستعمل في صنع مواد غذائية بهدف إعطائها نوعا من اللزوجة . و نجدها في بعض أنواع الحلوى و الياغورت والمشروبات و العصائر و الاجبان الصناعية ونوع من عجائن الأسنان و التي تتواجد هنا بمختلف المحلات والأسواق التجارية . كما أن هناك نوع ثان من الجيلاتين وهو النباتي الذي يستخرج من الطحالب وبعض الأعشاب الأخرى لكنه غير مضر وهو أحسن بكثير من الجيلاتين الحيواني. لكن لماذا يتم الاعتماد على الجيلاتين الحيواني أكثر من النباتي في صنع المواد الغذائية ؟ لسبب بسيط وهو أن الجيلاتين الحيواني رخيص الثمن مقارنة بالنباتي الذي يعد باهظا بالنظر إلى صعوبة استخراجه من الأعشاب لذا فان تكلفته ثقيلة. وكيف يمكن التفرقة بين مادة غذائية تحتوي على الجيلاتين الحيواني وأخرى نباتي بما أن ذلك غير مدوّن في الملصقات التي ترافق المنتوج ؟ المنتجون الأوروبيون يتعمدون عدم ذكر الجيلاتين في الملصقات لا لشيء سوى لضمان تسويق منتوجاتهم عبر الدول العربية والإسلامية. لأنه إذا ما تم كتابة الجيلاتين على قائمة المكونات في الملصقات المصاحبة للمنتوجات فإنهم يدركون تماما أن بضاعتهم لن تباع في تلك الدول . ولان ذكر لائحة المكونات يعد إجباريا ، فان المنتجون اهتدوا إلى الترميز للجيلاتين الحيواني ب " E 441" حتى لا يتم اكتشاف الأمر من المستوردين . و هل كل المواد الغذائية المستوردة تحتوي على الجيلاتين الحيواني ؟ لا .. هناك أنواع أخرى تحتوي على إنزيمات الخنازير على غرار إنزيم "ليباز" و "بيبسين " ومواد أخرى تصنع من بعض العصارات من معدة الحيوانات الإنفحة . وماذا عن الشوكولاطة والأدوية ؟ هي لا يستعمل فيها الجيلاتين أو الإنزيمات المذكورة آنفا ولكن اغلبها يستخدم في صنعها الكحول.أما الأدوية فبعضها خطير بما انه يضاف في تركيبته الجيلاتين الحيواني وهي الأدوية التي تكون على شكل كبسولات. و أين نجد هذا الجيلاتين الحيواني أيضا ؟ يجب أن يعلم الجميع أن الجيلاتين الحيواني يتواجد بكثرة في المواد المخصصة للحمية التي تعرف باللاتينية " لايت " . إضافة إلى هذا ، اعلم المستهلكين من خلالكم أن بعض المؤسسات الأجنبية تستعمل الفوسفات المستخرج من عظام الخنازير الذي يساعد على إعطاء الشكل الفيزيائي للمادة ، كأن يحولها من سائلة خفيفة إلى ثقيلة كالمشروبات ومشتقات الحليب و يرمز له ب " E 542 " كما هناك رمز آخر وهو " E 120 " عبارة عن ملون احمر يستخرج من حشرة ويضاف إلى بعض المواد الغذائية. الكثير يسأل عن مكونات النقانق أو "المرقاز" فبماذا تجيبهم ؟ النقانق هي الأخرى مشكوك في أمرها ، لأنها تصنع غالبيتها من أمعاء يتم استيرادها من الخارج ومصدرها مجهول ولهذا السبب فان المرقاز يتواجد حاليا بعرض وفير في كل القصابات بخلاف ما كان عليه الأمر سابقا عندما كان ينفذ بسرعة البرق من عند الجزارين ولا يكفي لكل الطلبات كونه كان يصنع فقط من أحشاء الكباش المقتناة من الأسواق المحلية ولم تكن كافية لصنع كميات كبيرة من النقانق في ذلك الوقت . واستثني في هذا المقام "النقانق" المصنوعة من أمعاء الدواجن فهي جزائرية 100 في المائة. ما ذكرته من معلومات قيّمة يغفل عنها الكثير من الناس الذين يتساءلون كيف وصلت هذه المواد إلى مختلف المحلات التجارية وتباع بشكل طبيعي و عادي ؟ المشكل الكبير الذي نقع فيه هو افتقاد الموانئ الجزائرية للوسائل الخاصة بمراقبة نوعية المواد المستوردة وخضوعها لعملية ما يسمى ب"امينو انزامية" وهي اخذ عينة منها وتحليلها في المخابر بغية الكشف عن احتوائها للمواد المستخرجة من الخنازير أو لا .لان مراقبة المواد المستوردة من خلال تفحص الوثائق والشهادات المقدمة من المؤسسات الأجنبية كما هو معمول به حاليا هو في نظري غير كافي لكون هؤلاء المصدرين الأجانب مشكوك في أمرهم ويتوجب إنشاء هيئة جزائرية للتأكد من هذه الشهادات بالمراقبة النوعية والتحليلية للمواد الغذائية قبل السماح لها بالدخول إلى السوق الجزائرية. معنى ذلك انه يتوجب الحذر من المواد الغذائية الآتية من الخارج ؟ بالطبع وأطالب السلطات بان لا تكتفي بأخذ الوثائق المرافقة للمنتوجات كدليل على حلالها وصحتها ، فلزاما عليها التأكد من ذلك .فمثلا هناك حساء جاهز يستورد من الخارج .. هل يعرف احد من أي مكونات تم صنعه ؟ وأقول بان هناك فرق علمية متوفرة في المخابر مستعدة للقيام بالتحاليل اللازمة للتأكد من وجود بقايا الخنازير من عدمه في المواد الغذائية. و هل هذه العملية مكلفة ؟ عملية التأكد العلمي المخبري على وجود بقايا الخنازير في المواد المستوردة غير مكلفة و يمكن العمل بها دون أي مشكل . لنعرج الآن عن طرق ذبح الدواجن و التي قيل عنها الكثير منها الصرع الكهربائي فما قولك عن هذا الأمر ؟ الصرع الكهربائي هو تسليط صعقة كهربائية خفيفة شدتها 50 فولط على الدجاج قبل ذبحه و لكن المشكلة هي أن هذه الطريقة ليست فعالة في الحفاظ على حياة الدواجن لان الصرع يؤدي حتما إلى الهلاك دون أن يتم اكتشاف ذلك كونها تذبح بعد الصعق بسرعة و عليه فان الدجاج الميت يختلط مع الحي الذي نجا من الموت الأمر الذي يدفعني للقول بأنه يستحيل التأكد من بقاء الدجاج حيا بعد الصعق فليست هناك دراسة علمية تؤكد ذلك . سمعت انك قمت بتجارب شخصية في هذا الأمر ؟ نعم لقد أجريت تجارب شخصية خلال مشواري المهني في هذا المجال ، حيث قمنا بصعق 100 دجاجة و توصلنا إلى نتيجة و هي أن 10 في المائة منها نفقت و هو دليل قاطع على أن الصرع يميت عددا من الدواجن بنسبة كبيرة. وهل يمكن التمييز بعد الذبح بين الدجاج الميت و الذي بقي حيا ؟ لا يمكن ذلك لان عملية الذبح تتم بسرعة بعد الصعق و انفي ما قيل بان لون الدجاج الميت يتغير إلى الأزرق بعد الذبح ، لا يحدث ذلك فلونه و رائحته و مظهره لا يتغيرون . و ماذا عن الذبح الميكانيكي ؟ يعتمد هذا النوع من الذبح على السكين المثبت على المحور و الذي يدور بسرعة . و هو يذبح الدجاج عندما يمر عليه آليا و لكن عملية الذبح لا تكون ثابتة على مستوى الرقبة بل قد يطعنها السكين في بطنها أو كتفها أو في أي مكان آخر من الجسد فتموت مقتولة غير مذبوحة و هذا اعتقد غير جائز لاستهلاكها. و أريد أن أضيف شيئا في هذا الأمر و هو أني أشاطر رأي مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك عندما نادى بضرورة وضع وسما على اللحوم البيضاء حتى يدرك المستهلك الدجاج المصعوق من غير ذلك كأن يكتب على سبيل المثال "مذبوح يدويا بدون صعق " أو " مذبوح يدويا بعد الصعق " أو "مذبوح ميكانيكيا قبل الصعق "...فللمستهلك حق معرفة ماذا يستهلك و له حرية الاختيار في ما يشتريه. و كيف السبيل لحل هذه المعضلة ؟ نريد هيئة رسمية جزائرية التي يمكنها أن تحلل أو تحرم تناول مثل هذه المواد و كذا ضبط لائحة للمواد الغذائية الملزمة بشهادة الحلال. و ما هي نصيحتك للمستهلكين ؟ تفادي كل المواد الغذائية المستوردة قدر الإمكان و قراءة المركبات بدقة و الأسئلة عن سلسلة التي يرمز لها ب "E " مع استفسار الجزارين عن طريقة ذبح الدجاج الذي يبيعونه و كذا عن أصل الأمعاء المستعملة في صنع النقانق . كما يجب التحلي بثقافة الاستهلاك النوعي مع إشراك رجال العلم و المخابر المختصة في تحرير محاضر التحليل أو التحريم لأخذ شهاداتهم في هذا المجال. بماذا تريد أن تختم ؟ أريد أن احيي من منبركم الشيخ شمس الدين الذي كان واضحا في قضية الصعق الكهربائي كما اشكر مصطفى زبدي و أشاطره في دعوته بوضع الوسم على لحوم الدواجن.