جدل كبير بشأن صرع الحيوانات قبل ذبحها الجزائريون سيتناولون لحوم دواجن وأغنام وأبقار مصروعة قبل ذبحها، وبعض الفتاوى تحرم تناول لحم الدواجن والمواشي التي تعرضت للصرع قبل الذبح، ما يعني أن الجزائريين على وشك تناول أغذية محرّمة، بل إن هناك من يجزم بأن الجزائريين يتناولون فعلا أغذية محرمة، دون أن يدركوا ذلك، حيث أشارت تقارير إلى أن بعض المنتجات المستوردة تحتوي على مكونات تجعلها غير مباحة، ومع ذلك يزعم منتجوها الأجانب ومستوردوها الجزائريون أنه (لا حرج في التهامها..) وسط ضعف أداء الأجهزة الرقابية التي يُفترض أن تتحمّل مسسؤولية إثبات صحة أسماء المكونات الوارد ذكرها على أغلفة مختلف المنتجات، وهي أجهزة يبدو أنها تطالب المنتجين والمستوردين بوضع علامة (حلال) على المنتجات دون التأكد إن كانت حلالا فعلا!.. وفي دولة شعبها مسلم اسمها الجزائر يقول دستورها، أن الإسلام دين الدولة، تفرض وزارة تجارتها على المنتجين وضع علامة (حلال) على منتوجاتهم، والهدف من ذلك كما جاء في نصّ القانون (التحكّم في رقابة المواد المصنّفة حلال، وكذا تلبية رغبات المستهلك المسلم)، وكأن الجزائر أصبحت دولة علمانية أو أنها غير مسلمة مثل بلدان أوروبا وأمريكا أو البلدان التي تتمازج فيها القوميات والديانات التي أصبح المسلمون فيها مجبرين على تمييز منتجاتهم، خاصّة الغذائية عن غيرها من المنتجات المصنوعة من مواد محرّمة مثل الخنزير والميتة والمواد المسكرة. ويرى متتبعون أن صدور قرار كهذا في الجزائر التي ينصّ دستورها على أن الإسلام هو دين الدولة الوحيد، وأن كلّ التشريعات مستمدّة من الشريعة الإسلامية يعتبر خرقا صريحا للدستور وإشارة واضحة للسّماح بإدخال وإنتاج مواد محرّمة إلى بلادنا بقوة القانون. ويقول ساخطون على القرار أنه كان الأجدر بوزارة التجارة التي يقودها وزير كان بالأمس القريب ينتمي إلى حزب ذي خلفية إسلامية وهو حركة مجتمع السلم، أن يراعي الدستور ومقتضيات الدولة المسلمة وإصدار قانون يمنع إنتاج أو استيراد مواد تحمل مكوّنات محرّمة شرعا عوض إلزام المنتجين بوضع علامة (حلال). هل بدأت الجزائر تطبيق شروط منظمة التجارة؟ النّظام التقني المحدّد للقواعد المتعلّقة بالمواد الغذائية المصنّفة (حلال) دخل قبل أيام حيّز التنفيذ بصدور القرار الوزاري المشترك الخاص بهذا النّظام في الجريدة الرّسمية رقم 15، وهو نظام يفرض على المنتجين والمستوردين الجزائريين وضع علامة (حلال) على منتجاتهم والمنتجات التي يستوردونها وكأننا في دولة لا تدين بالإسلام، لكن يبدو حسب بعض القراءات أن قرارات وشروط منظّمة التجارة العالمية بدأت تأخذ طريقها إلى الواقع في بلادنا حتى قبل الانضمام الفعلي للجزائر إليها! هذا النصّ الموقّع في شهر مارس المنصرم من طرف كلّ من وزير التجارة ووزير التنمية الصناعية وترقية الاستثمار ووزير الفلاحة والتنمية الريفية ووزير الشؤون الدينية والأوقاف ووزير الصحّة والسكّان وإصلاح المستشفيات، جاء تكملة للمرسوم التنفيذي الصادر في نوفمبر الماضي والمحدّد لشروط وكيفيات إعلام المستهلك. وحسب مصادر رسمية، يهدف هذا القرار إلى تحقيق أهداف وُصفت بالمشروعة، وهي التحكّم في رقابة المواد الغذائية المصنّفة حلال، وكذا تلبية الرّغبات المشروعة للمستهلك المسلم من حيث أصل المواد الغذائية ومكوّناتها الموضوعة للاستهلاك طبقا للدين الإسلامي، حسب ما جاء في الجريدة الرّسمية، كما يسمح هذا القرار (بسدّ الفراغ القانوني الموجود في هذا المجال وتنظيم المتابعة الصارمة لكلّ عملية إنتاج وعرض المواد الغذائية حلال للاستهلاك). ماذا يقول القرار المثير للجدل؟ نصّ القرار الوزاري المشترك المثير للجدل على أن (عدم احترام القواعد المحدّدة في هذا النّظام التقني الذي يجب أن تستجيب له المواد الغذائية حلال يمكن أن ينجم عنه المساس بالمصالح المعنوية للمستهلك المسلم). ويتضمّن هذا القرار تعريفا للمواد الغذائية المصنّفة (حلال) وهي (كلّ غذاء يباح استهلاكه في الدين الإسلامي) ومن أهمّ شروطه أن لا تدخل في تركيبه منتجات أو مواد غير (حلال) ولا تستعمل في تحضيره أو تحويله أو نقله أو تخزينه أدوات أو منشآت غير مطابقة لأحكام النّظام التقني الجديد. وقد نصّ القرار على أنه تعتبر (غير حلال) كلّ المواد الغذائية والمنتجات غير المباحة في الدين الإسلامي وذكر منها الخنازير والميتة والحيوانات والنباتات الخطيرة والسامّة والحيوانات التي تتمّ تغذيتها عمدا بالأغذية (غير حلال)، وكذا المشروبات المسكرة أو الضارّة، وتطرّق نصّ القرار كذلك إلى متطلّبات تحويل الأغذية (حلال) والأدوات والأجهزة التي يجب استعمالها في هذه العملية وشروط التحويل، وكذلك المتطلّبات الصحّية والتجارية التي يجب احترامها في عملية إنتاج وتسويق المواد الغذائية المصنّفة (حلال). ويخص هذا الإجراء كل منتوج غذائي مرخص باستهلاكه بموجب الشريعة الإسلامية ويستجيب لشروط محددة. كما لا يجب أن يشكل هذا المنتوج أو يحتوي على منتوجات أو مواد غير حلال. ولا يجب أن يحضر ويحول وينقل ووضعه بوسائل أو مخازن غير مطابقة للإجراءات الخاصة بهذا التنظيم. كما لا يجب أن يكون هذا المنتوج على اتصال مباشر مع مواد لا تستجيب للمعايير المحددة خلال عملية تحضيره وتحويله ونقله وتخزينه -حسب ذات المرسوم-. ويحدد النص شروط تحويل المواد الغذائية بدءا من النظافة والتجهيزات الواجب استخدامها في عملية التحويل. من جهة أخرى، يحدد النص المستلزمات التجارية مثل المادة التي يجب استعمالها في التعليب وضرورة وضع علامة حلال على العلبة وشروط التخزين ونقل المنتوج (حلال). وأشارت الوثيقة إلى أن القرار الوزاري المشترك حدد أيضا شروط التضحية والتي تعني الذبح الحلال حسب تعاليم الدين الإسلامي. بن بادة: "الله غالب.. القرار كان ضروريا" على طريقة (الله غالب)، و(ما باليد حيلة)، دافع وزير التجارة مصطفى بن بادة عن استحداث معيار حلال جزائري وقال أنه كان (ضروريا) من أجل توفير الضمانات الضرورية للمستهلك بالنظر حسبه إلى الثقة التي يكتسيها هذا المعيار والمزايا الصحية التي تضمنها المواد الغذائية حلال. بن بادة قال أنه (كان من الضروري على الجزائر أن تتزود بعلامة (حلال) الخاصة بها مثلما هو معمول به في العديد من البلدان التي تعمل على تطوير معاييرها الخاصة)، مضيفا أن (إدخال العلامة الوطنية حلال سيفرض عددا من القواعد والشروط للتأكد من مصدر المنتوجات الغذائية المستوردة لاسيما اللحوم التي تعد أهم منتوج في هذا الفرع). وحسب وزير التجارة فإن (هذا الإجراء يندرج في إطار تعزيز حماية المستهلك الجزائري حيث يتعلق الأمر بحماية حق معنوي للمستهلك). وشدد بن بادة على ضرورة الاحترام "الصارم" لهذا القرار الجديد الذي من المفروض تعميم تطبيقه في ظرف سنة، معتبرا أن هذه العلامة ستسمح بالتأكد من أن المواد المستوردة مطابقة للتعاليم الإسلامية. صرع الدواجن والمواشي.. أين نحن؟ الجدل الذي صاحب صدور قرار وزارة التجارة لم يتوقف عن حدود وضع علامة حلال على المنتجات المسوّقة في الجزائر المسلمة، بل تعداه إلى موضوع إباحة صرع الحيوانات الموجهة للذبح، وحسب ما أورده المرسوم القرار في مادته الخامسة فإنه (قصد تسهيل التذكية حسب الدين الإسلامي، يسمح لاستعمال التدويخ، وألا يؤدي إلى موت الحيوان).. وهو أمر فيه كلام كبير وخطير، ونقلت وسائل إعلام عن مصدر بوزارة التجارة، طلب عدم ذكر اسمه، قوله أن إدراج مادة (تدويخ الحيوان قبل ذبحه) جاءت لتقنين عمليات التدويخ التي تمارسها عدد من المذابح في البلاد بصفة غير معلنة، لإضفاء طابع (الحلال) عليها، مشيرا إلى أن وزارته تلقت شكاوى عديدة تشكك في أن تكون لحوم الدجاج المدوّخ قبل ذبحه حلالا. وقال وزير الشؤون الدينية بو عبد الله غلام الله وفق ما نقلت عنه صحيفة النهار الجديد أن الأمر معمول به في العديد من البلدان الإسلامية دون أن يقدم اسم دولة واحدة، مشيرا إلى أن قرار صرع الحيوانات الموجهة للاستهلاك العام، قبل ذبحها، سيعمّم على رؤوس الأغنام والأبقار على مستوى المذابح، وذلك باستعمال الصعقة الكهربائية، وحسب ما نقلته الصحيفة عن الوزير فإن (كل الحيوانات الموجهة للاستهلاك العام والتي تكون مصطفة على شكل سلاسل بعدد يتراوح بين 300 و400، ستصعق بالكهرباء من أجل صرعها قبل ذبحها). وفي المقابل اعتبر الشيخ شمس الدين بوروبي أن الإجراء (صرع الدواجن والمواشي قبل ذبحها) حرام مطلقا، وهو ما يضع العديد من علامات الاستفهام والتعجب أمام قرار من هذا النوع يصدر في دولة مسلمة. الشيخ شمس الدين بوروبي أكد في فتوى أصدرها أن (التدويخ أو الصعق حرام ولا يجوز)، معتبرا الحيوانات المذبوحة بعد صرعها أو تدويخها جيفة لا يجوز أكلها شرعا، ومُشددا على أن الذكاة أو النحر (عبادة توقيفية لا ينبغي تجاوزها ولا الزيادة عليها، وينبغي فعلها على الصفة التي أمر الله بها وبيّنها الرسول الكريم {صلى الله عليه وسلم}.