تعتبر منطقة التبادل الحر الافريقية التي اجتمع أمس قادة القارة بشأن التوقيع على تجسيدها أكبر هيكل لوجستي قد تستفيد منه الشعوب في القارة في حال توفرت الإرادة السياسية للأنظمة القائمة و عملا بترتيبات أجندة 2063 التي تندرج في إطار التنمية المستدامة، و تكمن أهمية هذه القاعدة الاقتصادية في كونها الأكبر عالميا و أكبر حتى من المنظمة العالمية للتجارة من حيث عدد الدول المشاركة فيها، فإفريقيا تضم 53 دولة و تعدادا سكانيا يفوق مليارا و 200 مليون نسمة، و بالتالي تتوفر على سوق استهلاكي كبير و تحوز يدا عاملة أيضا. كما أنّ هذه القاعدة تضع البلدان المشاركة أمام حتمية الصناعة من أجل افريقيا أولا بدل البحث عن أسواق لا تجدها و بالتالي تسعى لمزيد من التبادل التجاري و الاستثمار في القارة كأولوية تجسيدا لميثاق التبادل البيني منطقة التبادل الحر تصنعها الظروف الداخلية و الاقليمية و العالمية الصعبة سياسيا و اقتصاديا وجيو استرتيجيا التي تحيط بالقارة السمراء، و بالتالي الجدية في التجسيد تعتبر تحوّلا في سير نمو الاقتصاد الافريقي، هذا الاقتصاد الذي يتوفر على كل مؤهلات النمو و تحقيق الاستقلالية بدل البقاء مفرغة لتدوير السلع الأجنبية لاسيما الغربية، و تتحقق القفزة الاقتصادية الافريقية عندما يزيد التبادل البيني بدل البقاء في 7 بالمائة و بالتالي تحديات القارة كبيرة لكن غير مستحيلة وفق شرطين أصر عليهما كل الخبراء وهما : تحقيق نسبة الاندماج للسلع و قواعد التصنيع. و لا يجب بأي حال من الأحوال و في زمن الألفية و التكتلات على جميع الأصعدة أن تبقى هذه القارة رهينة السياسة التي رسمتها لها القوى الكبرى اقتصاديا و التي جعلت منها سوقا استهلاكيا بامتياز ، تأخذ ثروتها ، تعيد تصنيعها و تصدرها لها بأثمان باهظة فاليوم مستقبل العالم في افريقيا عوض أن ينتقل النمو ّإلى غير الأفارقة ، المجبرين على أن تتجاوز أنظمتهم السياسية عقدة القُطرية و التحلي ببعد النظر القاري.