بدأ أحمد بوطاطة المسرح بداية السبعينات مع فرقة « الطليعة « التي كان أحد مؤسسيها ، والتي كان يشرف عليها الفنان جمال حمودة ، فكانت مسرحية « زيد يا بوزيد» من إخراج جمال حمودة سنة 1976 ، وبعد نجاح العرض أنتجت فرقة « الطليعة» لمدينة سكيكدة ثاني أعمالها وهي « القوردان « من إخراج حمودة جمال وكتابة جماعية . كان أحمد بوطاطة بمثابة العمود الفقري للفرقة ، من حيث الأداء والكتابة وحتى التنظيم الهيكلي للفرقة، كان المرحوم يهوى المسرح حتى النخاع من خلال تنقلاته أينما كان هناك فعل مسرحي، ما سمح للرجل بتطوير معارفه المسرحية ،و جعله يؤسس فرقة مسرحية جديدة بمدينة سكيكدة ، وهي فرقة الثقافة الشعبية « ديموكولت» التي أنتج لها مسرحية « المذكرة « التي بثت عديد المرات في التلفزيون الجزائري ليليها عمل ثان بعنوان « أبناء السبيل»، وكان الفنان أحمد بوطاطة يحمل مشروعا ثقافيا فنيا ورؤية تقدمية للمجتمع الجزائري ، حيث عمد رفقة مثقفي سكيكدة على بعث مهرجان وطني للمسرح، و كان هذا الفضاء يجمع كل الفرق المسرحية في الجزائر ، وكان المهرجان فعلا مهرجان للمسرح لما يحتويه من صدق ومستوى ،وبعد بعث مشروع المهرجان حصلت تغييرات في الخريطة السياسية للبلاد، وقُدوم التيار الإسلامي واستحواذه على كل البلديات في الوطن تقريبا، منها سكيكدة وقيامه بتوقيف المهرجان ، مما دفع بالرجل إلى التفكير في مواجهة قرار حضر المهرجان من خلال تأسيسه وترأسه لرابطة الدفاع عن الثقافة سنة 1992 ، وفعلا عاد المهرجان ،وكانت بداية عودته باستضافة وتكريم عملاق المسرح الجزائري عبد القادر علولة سنة 1993 ، فكانت هندسة أجمد بوطاطة فاعلة في ذلك . فسكيكدة وأحمد بوطاطة هم أول وآخر تكريم لعبد القادر علولة . فمهرجان سكيكدة كان دوره بارز في بعث العديد من الفرق المسرحية وطنيا أو محليا ، مما سمح للفنان أحمد بوطاطة بتأسيس فرقة جديدة مع جمعية الصرخة، وأنتج معها عدة أعمال مسرحية منها « طارب يدور» التي وزعت عملها لعدة سنوات وخاصة العشرية السوداء، وفي 1995 قام المهرجان بدعوة السيدة رجاء علولة أرملة الشهيد عبد القادر علولة من أجل تكريمها والتأكيد على أن علولة لم يمت. وأن الجزائر واقفة برجالها وأبنائها، وهذا ما دفع بالرجل إلى إنتاج عمل مسرحي ، والتنقل إلى مدينة وهران لتقديمه بمناسبة احتفالية عبد القادر علولة التي نظمت من قبل مؤسسة عبد القادر علولة سنة 1996 و، كون فكر الرجل كان قريب جدا من عبد القادر علولة من خلال أن المسرح هو فعل اجتماعي يجب أن يكون قريبا من المجتمع والشبيبة، و مدافعا عن المجتمع والوطن ، ومحاكيا للواقع، بدليل أنه أعاد إنتاج مسرحية « حمام ربي» في سكيكدة ، وعزّز المشروع الثقافي والفني و النظرة التقدمية للرجل، وبقي قريبا من انشغالات المواطن البسيط ، بحيث كان الرجل لا يتكلم بل يسمع ، ولم يكن له أبدا تمييز ، فالروح الإنسانية كانت تاجه، كما أن وطنيته دفعت به رفقة مثقفي سكيكدة إلى بعث تجربة فريدة من نوعها ، و العمل على الحفاظ على الذاكرة الجماعية والثورية للجزائر من خلال تأسيس المهرجان الوطني للمسرح الثوري الذي كان الهدف منه استلهام البطولات والمفارقات التي أوجدتها الثورة، لتكون في خدمة المواطن والبلد، فالرجل أراد الدفع بالمهرجان وإعطائه البعد الدولي من خلال فتح المشاركة لكل الفرق المسرحية المتواجدة في البلدان التي تعرضت للاستعمار قصد تشكيل جبهة قوية لإبراز معاناة الأجداد والتأثير على الرأي العام لتلك الدول لتعترف بجرائمها. أحمد بوطاطة كان يحمل فكرا تحرريا ومتعاطف مع كل الشعوب والحركات التحررية في العالم ، علما أنه كان بصدد إنتاج ملحمة حول نضال الشعب الصحراوي لكن البيروقراطية في دعم المشروع حتمت عليه تأجليه، لكن القدر سبقه. وبالعودة إلى مدينة سكيكدة يعتبر هذا الرجل النواة الحقيقية للمسرح من خلال اعتماده على التكوين، ويظهر ذلك من خلال أعمال المسرح الجهوي لسكيكدة الذي جل أعماله أغلبية أبطالها ممثلون تخرجوا من المدرسة البوطاطية . وبعد التغيير الذي استحدث المسرح الجهوي سكيكدة، فإن بوطاطة واصل كتاباته وإخراجاته، فكانت تجربته الأولى مع مؤسسة المسرح الجهوي من خلال إخراج عمل للأطفال بعنوان « صياد العسل»، ومن غرائب الصدف يبقى هذا العمل إلى غاية اليوم الأكثر توزيعا وعرضا من كل إنتاجات سكيكدة. تليها تجربة ثانية لمسرحية « الزهرة الملعونة « التي سلطت الضوء على التجارب النووية في الصحراء الجزائرية . كما للرجل أيضا تجربة في الأعمال السينمائية من خلال كتابة « سيت كوم « للمحطة الجهوية قسنطينة لم ينتج ، وفيلم حول كفاح الشعب الفلسطيني من إخراج عبد الرزاق بلعابد . رحل الفنان أحمد بوطاطة لكنه يبقى خالدا في قلوب كل من عرفوه. بوطاطة كان يمارس المسرح في الواقع وداخل المجتمع وبالفعل وليس فوق الخشبة.