عاش الجمهور الوهراني، سهرة أول أمس لحظات جميلة وممتعة، صنعتها أنامل شبابية موهوبة، متمثلة في فرقة "تيكوباوين" و"امزاد" دون أن ننسى فرقة "دزاير" العريقة، حيث كانت الأمسية وحسب الشعار الذي اختير لهذه السهرات الصيفية "لنفرح جزائريا"، جزائرية 100 بالمئة، من خلال الطبوع الخفيفة والكلمات النابعة من عمق تراثنا الوطني الأصيل، وبالرغم من تأخر انطلاق الحفل بساعتين، باعتبار أنه كان مقررا على الساعة التاسعة ليلا، إلا أن الأمسية كانت فرصة للجمهور الوهراني، ليعانق ويرحل إلى عمق الصحراء الشاسع المليء بالسحر والجمال والصمت والخلوة والجبال الشاهقة. وقد أدّت فرقة "تيكوباوين" والتي تعني باللغة العربية "سيوف الصحراء"، أجمل أغانيها التارقية العذبة باستعمال آلات موسيقية تقليدية كالجامبي والأقاصو وعصرية كالقيتار والباس، ما جعل الجميع يتجاوب إما بالتصفيق أو الرقص، مبتهجين بما قدمته هذه الفرقة القادمة من تمنراست، دون أن ننسى فرقة "دزاير" التي قدمت هي الآخرى، باقة متنوعة من الأغاني بآلاتها العصرية وأنغامها المتنوعة على غرار أغنية "حيزية" التي نالت إعجاب الوهرانيين، علما أن الفرقة قديمة ويزيد عمرها عن عشرين سنة وتضم أعضاء محترفين، من بينهم صحافي يشتغل بقناة "كنال ألجيري" عازف على آلة البيانو. ليختتم الحفل الذي ينظمه ديوان أوندا بمساهمة مديرية الثقافة لوهران، وكما كان متوقعا بفرقة "امزاد" المعروفة وطنيا وحتى عالميا، حيث أمتع أعضاء هذه الفرقة المتكونة من مجموعة الشباب المبدع، العائلات الوهرانية، بمزيج من موسيقى الطوارق وطابع "البلوز"، باستعمال آلات عصرية، برهنت على مدى تعلقهم وعشقهم لثقافتهم المحلية والوطنية على حد السواء، مرسلة بذلك في هذه الليلة البهيجة، رسالة حب وسلام مسافرة بذلك بالجمهور، إلى خلوة الصحراء وهيبة الأهقار الشاهق، وقد حاولت فرقة "امزاد" تأكيدها من خلال أغانيها التي قدمتها ليلة أول أمس الدافئة، سعيها الحثيث من أجل المحافظة على هذا الإرث الجزائري الخاص، وتطويره بما يتواءم مع التطور الذي يشهده الفن في بلادنا، وتصدير هذه الموسيقى المحلية الى أقصى بقاع الأرض. ولمن لا يعرف "الإمزاد" فهي آلة موسيقية ابتكرتها المرأة التارقية الأصيلة، وهي محرمة على الرجال، ويقال في إن من يعزف عليها يصاب باللعنة، علما أن الفرقة أدت مجموعة من أغانيها الجديدة وحتى القديمة، التي أصدرتها في ألبوماتها السابقة على غرار "أولن أهقار" وتعني بالعربية قلب الأهقار وألبوم الدنيا للتعبير عن الصحراء الخلابة وجمالها والصمت الذي يحويه "قلب الأهقار" الواسع والمفعم بالإلهام والسحر وروعة المناظر النادرة.